يتكرر مصطلح العناية بالصحة بكثرة، وغالباً ما يرتبط بتناول الطعام الصحي والابتعاد عن التدخين، ولكن مفهوم العناية بالصحة يشمل أمورا أخرى أوسع بكثير من محدودية هذه الفكرة المنتشرة. فالصحة هي حالة متكاملة من الرفاهية الجسدية والنفسية والاجتماعية، والعناية الصحية هي العناية التي وجدت لمساعدة الناس في الحفاظ على هذه الحالة الصحية المثالية.
العناية بالصحة هي عبارة عن روتين حياة كامل، وليس فقط مجموعة من الإجراءات تطبق حين يشعر الإنسان بالمرض، أو يصيبه مرض مزمن، الوقاية من الإصابة بالمرض أفضل بكثير من أي خطة علاجية أخرى.
تجتمع العديد من العوامل المؤثرة في وجود صحة جيدة عند الأفراد; العوامل الجينية، والبيئة المحيطة، والعلاقات مع الأشخاص، والعلاقات المجتمعية، والعلم والتعليم. جميعها تعمل معا وتؤثر في صحة الشخص.
والعناية بالصحة تنقسم لكل من،
العناية بالصحة الجسدية
العناية بالصحة الجسدية يعطي الإنسان فرصة للتمتع بجسد قوي، وصحي، خالي من الأمراض، وأقل احتمالية للإصابة بها. من الجدير بالذكر أن العناية الصحية لا تضمن عدم حدوث المرض، ولكنها توفر الوقاية منه، وتقلل فرصة حدوثه، كما أنها تساعد الجسم على مقاومة المرض في حال حدوثه بشكل صحي أكثر. ومن أهم خطوات العناية بالصحة الجسدية:
الابتعاد عن المشروبات السكرية
يعمل الدماغ بطريقة مختلفة عند تناول المشروبات الغازية، على الرغم من أنها غنية بالسكريات والسعرات الحراريةإلا أن الدماغ لا يستطيع حساب كمية السعرات الموجودة فيها، وبالتالي لا يشعر الجسم بالشبع، ويبقى الإحساس بالجوع موجوداً مما يدفع الشخص لتناول المزيد من الطعام، وزيادة أكثر في الوزن.
تناول المشروبات السكرية، تحديدا المشروبات الغازية الغنية بسكر الفركتوز (محلول الذرة المحلى)، يرتبط بزيادة الوزن بشكل مباشر، إذ أن زيادة استهلاك المشروبات الغازية في أمريكا بنسبة 68% زاد عدد الأشخاص المصابين بالسمنة بنسبة 112%. ضرر استهلاك المشروبات الغازية لا يتوقف على تناولها هي فقط، فعادة ما يترافق شربها مع تناول مواد غذائية أخرى غير صحية، مثل الوجبات السريعة، وقلة تناول العناصر الغذائية المهمة. يرتبط شربها أيضاً بالإصابة بكل من السكري، وأمراض القلب، والعديد من الأمراض الأخرى.
تحتوي بعض عصائر الفاكهة المعلبة على ضرر مسواي وقد يكون أكثر من الضرر الموجود في المشروبات الغازية، لأنها يتم إضافة كميات كبيرة من السكر لتحليتها، لذلك من المهم الانتباه لمحتويات العصير عند شرائها ويفضل استخدام عصائر الفاكهة المصنوعة في المنزل غير المحلاة.
تناول المكسرات بانتظام
المكسرات غير المحمصة وغير المملحة، تعتبر مصدر غني جداً بالمواد المغذية، فهي غنية بفيتامين E، والمغنيسيوم، وحمض الفوليك أو الفولات والأحماض الأمينية الأساسية، والبروتينات.
يرتبط بالذهن عادة أن تناول المكسرات يسبب زيادة في الوزن، ولكن أثبتت الدراسات أن هنالك علاقة عكسية بين تناول كمية متوسطة من المكسرات بانتظام والوزن، فكلما زاد تناول المكسرات بانتظام كلما زاد انخفاض الوزن. حيث أنه يتم امتصاص فقط 10-15% من السعرات الحرارية الموجودة في المكسرات، كما أنها تحفز عمليات الأيض في الجسم، أي أنها تحفز الجسم على حرق المزيد من الدهون.
أكدت إحدى الدراسات ارتباط تناول مكسرات اللوز مع زيادة انخفاض الوزن بنسبة 62%، وانخفضت نسبة الوفاة نتيجة الجلطات قلبية إلى 40% عند تناول المكسرات والحبوب بشكل منتظم.
الابتعاد عن الوجبات السريعة
تهدف الوجبات السريعة إلى توفير ألذ نكهات الطعام، وكميات كبيرة من الدهون المشبعة لجعل الدماغ يشعر بالرضا التام عند تناولها دون وجود أي فائدة منعكسه على الجسم منها. والتوقف عن تناولها يحتاج إرادة، والتزام، ووعي بكامل المخاطر المصاحبة لتناولها.
خلال العقود الأخيرة تضاعف عدد مستهلكين الوجبات السريعة بسبب تغير طبيعة الحياة بشكل عام، ففي الولايات المتحدة الأمريكية زاد عدد الأشخاص المصابين بالسمنة من 66% إلى 71%، كما يوجد 88% من الأشخاص يعانون من الوزن الزائد. بحيث يوجد فقط 5% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يعيشون حياة صحية ويتمتعون بوزن طبيعي، يتناولون الطعام الصحي، ولا يتعاطون الكحول أو المخدرات، وغير مدخنين.
تناول الوجبات السريعة يزيد احتمالية إصابة الشخص بجلطة دماغية 7 أضعاف الشخص الطبيعى في المرحلة العمرية أقل من 45 عام.
الصيام المتقطع
ترتكز فكرة الصيام المتقطع على زيادة الفترات التي يكون فيها الجهاز الهضمي غير مشغول بهضم الطعام، فقد أكدت إحدى الدراسات أن انشغال الجهاز الهضمي بشكل مستمر يرتبط بتسارع الشيخوخة. هذا الأمر وهو تطبيق نظام الصيام المتقطع يتم بشكل مترافق مع تناول الوجبات الصحية الغنية بجميع العناصر الغذائية وتحديدا البروتين، الذي يعزز الشعور بالشبع لفترات طويلة نسبياً.
أظهرت دراسة تمت على السيدات المصابات بسرطان الثدي، وبعد العلاج بشكل كامل تم وضعهم على برنامج الصيام المتقطع، بحيث أن يتم تناول وجبة العشاء مبكرا، ويكون الفاصل الزمني بين وجبة العشاء هذه ووجبة الإفطار اللاحقة 13 ساعة، ارتبط ذلك بانخفاض نسبة الوفاة وعدم عودة السرطان مرة أخرى بنسبة 26%. أيضا ارتبط بانخفاض مستوى السكري التراكمي وتحسن انتظام السكر في الجسم في مرضى السكري.
لا يحتاج الأمر نظام غذائي خاص أو أي تحديدات، فقط تناول غذاء صحي، وجعل وجبة العشاء في وقت مبكر يساعد الجسم في البقاء شابا وقتا أطول.
شرب الماء وتحديدا قبل الطعام بنصف ساعة
شرب الماء بكمية متوازنة، دون إفراط مفيد جدا للجسم، وبجانب الفوائد المعروفة عن شرب الماء من تحسين وظيفة الكلى، وتخليص الجسم من السموم والترسبات، وإنعاش البشرة، وفوائده في تعزيز عمل الجهاز الهضمي، بينت الدراسات الحديثة ارتباط شرب الماء مع زيادة حرق الدهون في الجسم، إذ أن شرب لترين من الماء خلال اليوم يزيد حرق الدهون بنسبة 24-30%.
يفضل شرب كوبين من الماء قبل تناول الطعام بنصف ساعة، ويرتبط ذلك بزيادة فقدان الوزن بنسبة 44%.
الوقاية من الأمراض والعدوى
الأمراض الموسمية والعدوى أمر منتشر خلال فترات معينة، يمكن الوقاية من الإصابة بها بمتابعة أوقات اللقاحات الخاصة بالمواسم، مثل لقاح الانفلونزا الموسمية، والتأكد من أخذ المطاعيم اللازمة قبل السفر، لتجنب الإصابة الأمراض المصاحبة للسفر، او المنتشرة في البلد المضيف مثل الملاريا، والتهاب الكبد، والإسهال، وغيرها.
ينصح أيضاً بالحرص على الالتزام بقواعد النظافة الشخصية من غسل اليدين بعد استخدام الحمام وقبل تناول الوجبات، واستخدام معقم اليدين في مواسم انتشار العدوى، وتجنب التعرض للشخص المصاب ومشاركة أدواته الشخصية بشكل مباشر.
بالإضافة إلى أهمية الفحص الدوري لمراقبة صحة الجسم باستمرار، والذي يساعد على اكتشاف المرض في حال حدوثه بوقت مبكر، مما يعطي فرصة للشفاء بشكل أسرع.
العناية بالصحة النفسية والعقلية
الصحة النفسية السليمة تؤثر على أداء الشخص، وتفاعله مع الحياة، وإنتاجيته بشكل مباشر. ولا شك في أن الصحة العقلية والنفسية السليمة مرتبطة بوجود صحة جسدية سليمة. ويمكن اتباع النصائح التالية للحفاظ على صحة نفسية متوازنة:
- النوم بشكل كافي خلال ساعات الليل، بالنوم مهم جدا لعمل الهرمونات، والحفاظ على صحة العقل، وتوازن الجسم. قلة النوم ترتبط بانخفاض الأداء العقلي والجسدي، وزيادة الوزن، وزيادة مقاومة الأنسولين مما يجعل الشخص عرضة للإصابة بالسكري. كما تجعل الشخص ضعيف التركيز، وأكثر عصبية.
- إدارة التوتر والقلق بطريقة متوازنة، إعطاء الشخص لنفسه مساحة خاصة يُفرغ فيها التوتر والقلق، ويصفي فيها الذهن، يمكن أن يكون ذلك من خلال مشاركة شخص ثقة للتحدث والبحث عن حلول للمشكلة، فمشاركة الأوقات الصعبة يساعد على تقبلها والبحث عن حلول منطقية لها.
- ممارسة نشاطات يفضلها الشخص ويبدع بها، تساعد في التخلص من التوتر، وإنجاز الأمور المحببة يبعث السعادة والأمان في النفس، ويساعد في إعادة شحن الطاقة الإيجابية.
- ممارسة الرياضة بشكل منتظم، يعطي الجسم فوائد عديدة إضافة إلى أنها ترفع مستويات هرمونات السعادة (السيروتونين) في الجسم مما يجعلها تساعد في تحسن المزاج، وتقلل التوتر والعصبية. تساعد الرياضة أيضاً في التخلص من القلق والنوم بشكل عميق أكثر، تزيد صفاء الذهن والقدرة على التركيز.
- إحاطة النفس ببيئة إيجابية داعمة، والاهتمام بالعائلة والآخرين المحيطين يبعث السعادة في النفس ويقوي الروابط الإجتماعية حول الشخص.