يعتبر الضغط النفسي (بالإنجليزية: Psychological Distress) جزء من حياة الإنسان، وهي استجابة للتغيرات المفاجأة في محيط الإنسان أو أي نوع من الأحداث التي قد تسبب الإجهاد البدني، والإجهاد النفسي، والإجهاد العاطفي. [1]
يمكن أن يؤثر الضغط النفسي المستمر أو غير المعالج إلى مضاعفات ذات خطورة، مثل الإصابة بارتفاع ضغط الدم أو تسارع دقات القلب، أو حتى الإصابة بالسرطان. كما أن الضغط النفسي أحد عوامل الخطر للجوء إلى الإدمان على الكحول والمخدرات. [1]
لذا من المهم حين تدرك أنك واقع تحت تأثير شدة نفسية أن تعرف ما الذي يسبب لك ذلك؟ وما هي الأوقات والظروف التي تجعلك تحت تأثير ضغط نفسي؟ وما هي الحالات التي تسبب لك تغييرات في جسمك، ومشاعرك، وسلوكك؟
اسباب الضغط النفسي
لقد صنف علماء النفس الضغط النفسي حسب مسبباته ضمن ثلاث فئات، وهي: [1]
- المنغصات العارضة:قد تسبب المنغصات العارضة ضغط نفسي مؤقت، ولكنها يمكن أن تولد ضغط نفسي جدي. ومن الأمثلة على ذلك، ضياع مفتاح البيت، وانثقاب دولاب السيارة، وعدم اللحاق بالحافلة، والتعرض لغرامة بسبب مخالفة مرور.
- التغيرات الكبيرة: يمكن أن تسبب التغيرات الكبرى في الحياة أحداثاً إيجابية وأخرى سلبية تسبب الضغط النفسي والتوتر. ومن الأمثلة على الأحداث الإيجابية: الزواج، والتخرج من الجامعة، والبدء بالعمل، وولادة طفل. أما الأحداث السلبية فمنها: موت أحد افراد العائلة، والفصل من العمل، والطلاق.
- المشاكل المستمرة:تشمل المشاكل المستمرة الحالات الضاغطة أو الظروف الصعبة التي يستمر القلق حولها أو بسببها على مدار الأيام، مثل الزواج غير الموفق، والوظيفة غير الثابتة، والعلاقات السيئة مع أحد افراد العائلة أو مع أحد الأصدقاء أو تراكم الديون.
اقرأ أيضاً:متى تصبح حالتك النفسية مشكلة
اعراض الضغط النفسي
تكمن أعراض الضغط النفسي في المظاهر التالية: [2]
- صداع التوتر.
- التوتر العضلي.
- ارتعاش اليدين.
- التعب.
- حرقة في أعلى المعدة.
- القلق والتوتر.
- الشعور بالخوف والتشوش.
- سرعة الغضب.
- صعوبة التركيز.
عادةً ما تؤدي المشاعر المصاحبة للضغط للنفسي إلى تغيرات في السلوك، مثل التكلم بفظاظة مع الآخرين أو طقطقة الأصابع بطريقة لا إرادية أو التعرض للحوادث المختلفة.
لكن قد تختلف الأعراض والمشاعر من شخص لآخر عند الوقوع تحت تأثير الشدة والضغط النفسي، حيث ما قد يعتبره البعض حالات وأوضاع تسبب الضغط النفسي، قد يعتبره البعض الآخر أموراً ممتعة أو فرصة للتحدي الممتع. ومن الأمثلة على ذلك، التحدث أمام جمهور، ومقابلة المسؤول في العمل، ومقابلات الحصول على وظيفة.
اقرأ أيضاً:تحفيز التفكير الايجابي يمنع الخرف المبكر
نصائح للوقاية من الضغط النفسي
هناك أمور عديدة يمكن أن يقوم الشخص بها لتجنب التعرض للضغط النفسي، نذكر فيما يلي عشر نصائح للوقاية من الضغط النفسي: [2,3]
- تجنب مولدات الضغط النفسي: يمكن السيطرة على الكثير من الحالات الضاغطة والأوضاع التي قد تسبب الضغط النفسي، وقد يستطيع الشخص كذلك تجنب بعضها تماماً. على سبيل المثال، إذا كان التسوق مع زوجتك يسبب لك التوتر يمكنكما الاتفاق على عدم التسوق معاً.
- التخطيط الجيد للتغيرات الكبرى في الحياة: يمكن للعديد من التغيرات الكبرى أن تولد الشدة النفسية، لذا إذا خطط الشخص للتخرج مثلاً والحصول على وظيفة، والزواج، واستقبال مولود جديد. فإنه وعلى الرغم من أنها أموراً إيجابية ولكنها تغييرات جدية وذات مسؤوليات حقيقية، بالتالي فإن حدوث كل ما سبق معاً في الوقت نفسه قد يسبب نوعاً من الضغط النفسي والقلق. لذا ينصح بوضع خطة زمنية مناسبة للتغيرات الكبرى في الحياة.
- معرفة الحدود الشخصية: يجب تعلم كيفية رفض المسؤوليات الجديدة التي يشك المرء في قدرته على توليها قبل أن يكون قد استعد لها، فمن الأسهل أن يرفض الشخص عمل شيء من أن يتورط في عمله ثم يقف عاجزاً عن إتمامه. وهذا السلوك أسلم للفرد وأكثر عدلاً للأشخاص الذين لهم علاقة بهذه المسؤوليات الإضافية.
- ترتيب الأولويات: يعد ترتيب الأولويات أمراً هاماً، حيث حين يواجه الشخص مهام عديدة، فإن ترتيبها حسب الأولوية والأهمية يخفف عنه الضغط النفسي الناتج عن التفكير بجيمع المهام معاً والشعور بضيق الوقت لإنجازها كلها، لذا ينصح بإنجاز المهمة الأولى جيداً قبل الانتقال للمهمة التالية، ولا تستعجل نفسك.
- حسن التواصل مع الناس: يمكن للتواصل مع الآخرين أن يقي الشخص من الضغط النفسي، حيث أن الإصغاء، والابتسام، والاعتراف بالخطأ، والتعبير عن المشاعر والأفكار بوضوح، كلها أمور قد تجنب الشخص من التعرض لضغط العلاقات في البيت والعمل.
- مناقشة الأفكار: إن النقاش مع الزوجة أو الأهل أو الصديق قد يساعد الشخص في التوصل لحلول لم تخطر على البال. لذا ينصح بمشاركة التفكير مع الآخرين والاستماع لآرائهم ونصائحهم.
- اتخاذ موقف إيجابي: من الصعب كثيراً أن يستطيع الشخص تفادي الضغط النفسي أو أن يستطيع تدبيره وحله بشكل جيد إذا لم يكن لديه موقف إيجابي من الحياة. فإن الشخص الذي لا يستطيع السيطرة على أفكاره وتجديد أمله ورؤيته الإيجابية قد يقع في المزيد من الضغط النفسي والشدات النفسية.
- مكافأة النفس: يجب على المرء أن يكافئ نفسه حين ينجح في التغلب على الصعوبات، وجزء من المكافأة يتضمن الاسترخاء، مثل أخذ إجازة أو القيام بأي فعالية تسبب له مباهج صغيرة مجددة لطاقته وحيويته.
- ممارسة التمارين الرياضية: تعتبر ممارسة التمارين الرياضية إحدى الطرق الفعالة للوقاية من الشدة النفسية وتداعياتها. لذا ينصح البدء بزيادة النشاط الجسدي وممارسة التمارين الرياضية مرة كل يومين لمدة 30 دقيقة على الأقل.
- الأكل الجيد والنوم الجيد:يساعد النوم الليلي الجيد، ووجبات الطعام المغذية على اتباع نمط حياة صحي، والذي بدوره يقلل من الضغوط النفسية.
اقرأ أيضاً:العلاج بالتدليك يريح الأعصاب ويزيل التوتر
كيف يمكن علاج الضغط النفسي والحالة النفسية السيئة؟
في الكثير من الحالات لا يمكن تفادي مولدات الضغط النفسي، ولا يمكن تفادي إجراء مقابلة للحصول على عمل مثلاً، ولا يمكن تفادي وفاة شخص عزيز أصيب بمرض عضال.
لذا فيما يلي عشر نصائح للتعامل مع الظروف والحالات التي قد تسبب الضغط النفسي، والتي لا يمكن تفاديها، ويمكنك أن تختبرها وتختار ما يناسبك منها: [3,4]
- تخيل الاحداث المتوقعة:إذا كنت تشعر بالضيق لأن لديك مقابلة للحصول على عمل، أو لأن عليك تقديم عرض معين فعليك أن تتدرب مسبقاً على هذا الأمر الذي يضايقك. لذا يمكنك تخيل الأمر مرة بعد مرة، بهذه الطريقة يصبح الموضوع مألوفاً أكثر بالنسبة لك ويتحسن أداؤك، والأهم هو أنك تكتسب الثقة بنفسك.
- التفكير بإيجابية: حين تواجه وضعاً صعباً تمهل كي ترتب الأشياء وفق منظور معين. اسأل نفسك: "ماذا يعني هذا الوضع ضمن المخطط العام للأشياء؟ هل المشكلة كبيرة حقاً؟" قد يكون من الصعب معرفة الإجابة على هذه الأسئلة ما لم تجلس وحيداً في غرفة هادئة وتفكر جيداً في الأمر.
- تخيل أحداثاً سلبية كبيرة ممكنة:إذا تم صرفك من العمل، تخيل ما الذي يمكن أن تفعله. أو إذا أخبرك طبيبك أنك مصاب بالسرطان، تخيل كيف ستتغير حياتك. الهدف هنا ليس أن تفكر بالأشياء السلبية، بل أن تحاول أن تمتلك خطة دعم إذا ما سارت الأمور على غير ما تتوقع.
- الاسترخاء والتنفس بعمق: خذ نفساً عميقاً، ويعتبر هذا السلوك ردة فعل طبيعية للجسم عند التعرض للضغط النفسي، فمن خلال الشهيق البطيء من الأنف، وحبس النفس لبضع ثوان، ثم الزفير عبر الفم، يمكنك أن تتغلب على التنفس السريع السطحي الناجم عادةً عن الشعور بالضغط النفسي.
- اتصفية الذهن:أجبر ذهنك وأنت تستريح في مكان هادئ، على الاسترخاء من خلال التركيز على صورة أو فكرة لطيفة. يمكنك أيضاً أن تخدع ذهنك بأن تفكر وتتخيل لحظاتك الجميلة، مثل إجازة هادئة على شاطئ البحر أو صيد السمك في خليج صغير.
- إرخاء العضلات:تسبب الشدة النفسية توتراً في العضلات، لذا إن شد وإرخاء مجموعات عضلية مختلفة هي إحدى طرق إرخاء العضلات. وأثناء تنفيذ هذا التمرين، عليك التركيز على انقباض إحدى العضلات لبضع ثوان، ثم استرخ ببطء ولاحظ الفرق.
- ممارسة تمارين الإطالة للعضلات:تمارين الإطالة أو ما يعرف باسم تمطيط العضلات هي طريقة طبيعية للجسم كي يقاوم تأثيرات الشدة النفسية على الجسد. ويمكن تنفيذ تمارين التمطيط في أي مكان وزمان. وممارسة التمارين الرياضية هي أيضاً طريقة مهمة لمط العضلات مع إبعاد الذهن في الوقت نفسه عن مسبب الضغط النفسي.
- العلاج بالتدليك:يمكن أن يسبب الضغط النفسي تشنجات عضلية في الظهر، واليدين، والرقبة وفي مجموعات عضلية أخرى. ويمكن لخبير التدليك أن يرخي هذه التشنجات. أخبر من يعالجك بالتدليك عن حركات التدليك التي تجعلك تشعر بالراحة.
- طلب المساعدة:اطلب المساعدة حين تقوم بأشياء يمكن أن تربكك أو عندما تتعرض لضغوط نفسية تؤرقك، سيدهشك أن تلاحظ أن معظم الناس يرغبون من قلوبهم في مساعدتك، وتذكر قد يكون بعض الناس الذين من حولك قد عاشوا مشاكل مشابهة وربما ساعدوك بإيجاد حلاً يفيدك.
- البحث عن مساعدة اختصاصية عند الحاجة:يشعر بعض الناس بالضيق في حالات يراها غيرهم عادية، مثل السير وحيداً في الليل، أو السفر جواً في الطائرة، أو التواجد في غرفة مزدحمة بالناس أو إلقاء كلمة أمام جمهور، وقد لا يكون ممكناً تجنب هذه الحالات، لذلك فإن مواجهة المخاوف والتغلب عليها هي البديل الصحيح، وقد تحتاج إلى مساعدة اختصاصي للسيطرة على الضغط النفسي الناتج عن التعرض لمثل هذه المواقف.
اقرأ أيضاً:طرق الإسترخاء لتقليل الإجهاد النفسي
كيفية الاستفادة من التوتر والضغط النفسي
وجد الباحثون أنه يمكن الاستفادة من الضغط النفسي والتوتر لصالحنا، فالطلاب الذين يعلمون كيفية التأقلم والتكيف مع التوتر قبل الامتحان، يكون أداءهم أفضل مقارنة بأولئك الذين يحاولون التخلص منه، فمن الممكن أن يكون التوتر هو مفتاح النجاح بدلاً من أن يكون الهادم له. [5]
التوتر هو رد فعل الجسم الطبيعي للتغيرات التي يعتبرها العقل صعبة، حيث تؤدي استجابة الشخص للتوتر لحدوث سلسلة من العمليات الجسدية والعقلية، مثل زيادة ضربات القلب، وبالتالي الشعور بالمزيد من النشاط واليقظة لمساعدة الجسم على التعامل مع مسبب التوتر، سواء كان ذلك الهرب من مبنى محترق، أو الإسراع في حالة تأهب قصوى للوصول إلى اجتماع مهم. [5]
يمكن استخدام التوتر كأداة لتعزيز الأداء وقدرة الجسم على الاستجابة، حيث ينظر بعض الأشخاص للمواقف المليئة بالضغوط والتوتر على أنه تحدي عليهم تخطيه والفوز به، ويكون ذلك من خلال الطرق والأساليب التالية: [5]
- التخلص من فكرة أن التوتر شيء سيء.
- مراقبة الوقت الذي يبدأ فيه التوتر.
- تذكير النفس بأن التوتر هو عبارة عن استجابة طبيعية للجسم وليس شيئاً يدعو للقلق.
- التخطيط ووضع سيناريوهات لجميع المواقف التي من الممكن أن يتعرض لها الشخص.
- السيطرة على التوتر لئلا يصل إلى مرحلة الهلع.