تشكل الولادة حدثاً مثيراً، وعلى مقدم الرعاية الصحية أن يسيطر على أعصابه في هذه الأثناء، ويتوكل على الله، وعلى خبرته ومعلوماته، والقاعدة العامة هنا هو أن الولادة عملية طبيعية وغريزية إلى حد بعيد، فتبقى مهمة مقدم الرعاية الصحية المساعدة على جعل الولادة سهلة ومريحة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وأول شرط من شروط هذه المهمة هو عدم سحب الجنين من بطن الأم بأي حال من الأحوال، والاستعداد للولادة الطبيعية يكون أولاً بإعداد سيارة الإسعاف بالأدوات الطبية الضرورية، وثانياً بالتعرف على كيفية تقييم حالة الحامل في المخاض.

سنتحدث في هذا المقال عن التحضير للولادة الطبيعية وكيفيتها، بالإضافة إلى تسليط الضوء على عملية الولادة في حالة الطوارئ، التي يكون فيها الرضيع في حالات أخرى غير تلك الحالة التي تحدث فيها الولادة الطبيعية.

تسعى الأم عادة للحصول على رعاية صحية طوال فترة حملها، بالإضافة إلى التخطيط مع الطبيب للولادة الطبيعية، كما يوصى عادة بمناقشة حالات الولادة الطارئة مع الطبيب للحصول على المزيد من المعلومات والتخطيط لها كنوع من الاحتياط.

التحضير المبكر للولادة

يناقش الطبيب معظم اجراءات الولادة الطبيعية والولادة القيصرية مع الأم خلال فترة حملها، فيتم تدريبها مع شريك حياتها على معرفة وتمييز علامات المخاض المبكر وغيرها من المؤشرات التي تتطلب المساعدة الطبية، كما يُوصي معظم الأطباء بضرورة وجود مجموعة من مستلزمات الطوارئ في منزل كل امرأة حامل، مثل المناشف النظيفة، والشراشف، والمقصات النظيفة، والقفازات المعقمة، والفوط الصحية، وحفاضات الأطفال، وكتيب تعليمات الحفاظ على سلامة الرضيع ومساعدته على التنفس.

اقرأ أيضاً: فحص ما قبل الولادة (البانوراما)

التحضير الأخير للولادة

يمكن للأم الحصول على المساعدة الطبية فور دخولها بالمخاض من خلال الاتصال على رقم الطوارئ الخاصببلدها لإرسال سيارة إسعاف من أقرب مستشفى أو مركز طبي تقوم بنقلها إلى خدمات الطوارئ بأمان، وفي حال أصبحت المرأة على وشك الولادة ولم تصل سيارة الإسعاف بعد إلى المنشأة الطبية المقصودة، يتم إيقاف السيارة مباشرة، كما يقوم الفريق الطبي الموجود بتهدئة الأم ومساعدتها على الولادة، بالإضافة إلى تقديم الدعم للطفل والحفاظ على سلامته، وتتم عملية التوليد في بيئة جافة ودافئة.

تكون سيارة الإسعاف مجهزة تقنياً، فعلى كل سيارة إسعاف أن تحتوي على أدوات ولادة معقمة تتضمن ما يلي:

  • المقص.
  • ثلاثة ملاقط.
  • ملقط للسرة.
  • ملقط حامل الإبر.
  • ملقط كبير.
  • أربع مناشف.
  • قطع عديدة من الشاش.
  • ثلاثة أزواج من الكفوف.
  • كيس من النايلون.
  • خيط.
  • ماء دافئ.
  • ملابس نظيفة للطفل.

اقرأ أيضاً: علامات الولادة

تقييم وضع الأم

حالما تصل المرأة الحامل إلى المخاض، يجب أن تقيم علاماتها الحيوية مثلضربات قلبها، وضغط دمها، ومعدل تنفسها، ودرجة حرارتها، كما ينبغي على فريق الإسعاف المتولي أمرها أن يحصل منها على العديد من المعلومات، ويشمل ذلك سؤالها عما إذا كانت هذه أول ولادة لها أم لا، وإذا ما كانت تشعر وكأنها تريد أن تدفع إلى أسفل، وهو نفس الشعور بالثقل الناتج عن وجود البراز في المخرج، حيث يعني هذا الإحساس أن رأس الجنين قد أصبح في قعر حوض المرأة، وأن عملية الولادة باتت وشيكة، ونتيجة لهذا الشعور قد تطلب الحامل السماح لها بدخول المرحاض، إلا أنه يجب منعها عن ذلك وعدم نقلها إلى أي مكان آخر، حيث أن نقل الأم إلى المستشفى قد يفتح عنق الرحم بسرعة، وتبدأ عملية الولادة في السيارة الناقلة، كما ينبغي حينها عدم منع الولادة بإغلاق المهبل باليد، أو بدفع رأس الطفل إلى داخل الرحم، أو بضم الفخذين بإحكام إلى بعضهما البعض.

اقرأ أيضاً: طرق وتمارين لتسهيل الولادة الطبيعية

الولادة الطبيعية

في الحالات الطارئة لا يمكن تعقيم كل ما يحتاج مقدم الرعاية الطبية لاستعماله في الولادة، كالكفوف مثلاً، لذلك ينبغي أولاً الاتصال بأقرب طبيب ذو خبرة بعمليات التوليد، ومن ثم المباشرة في مساعدة الحامل من خلال تهدئتها وطمأنتها بأن كل شيء سيكون على ما يرام.

يقوم مقدم الرعاية الطبية بغسل يديه جيداً وفركهما بالكحول إذا أمكن، ومن ثم جعل الأم تستلقِ على ظهرها، مع ضرورة وضع شرشف من تحتها، بالإضافة إلى توفير بعض الحفاضات النظيفة، وعندما يصبح الأمر وشيكاً يمكن ملاحظة انتفاخ أوداج الأم، كما يتخلل صياحها نبرة حادة، وتزداد قوة المغص وتزداد وتيرته، في هذه الأثناء يجب مراقبة فتحة المهبل، فإذا بدت قمة رأس الجنين، على الأم أن ترفع الفخذين إلى ما فوق الصدر، وعلى من يقوم بمساعدة المُسعف، أياً كان، أن يفتح عدة الولادة على الطاولة، أو بالقرب منه على الأرض، ثم يباشر بتغطية أسفل البطن والفخذين بوضع فوطة معقمة على كل منها، وبينما تُعد العدة للولادة يقف مساعد آخر قرب رأس الأم ليشجعها بصوت هادئ أن تدفع إلى الأسفل عند شعورها بالألم، وأن تسترخي بين كل مغص للمخاض وآخر.

إذا لاحظ المسعف وجود كيس ماء أمام رأس الجنين فعليه ثقبه، لمساعدة الماء على الخروج في حال لم يحدث ذلك تلقائياً، وفي بعض الأحيان، ترسل الأم صرخة عالية عند بدء خروج الرأس، حينها ينبغي منع خروج الرأس من المهبل بسرعة كبيرة، إذ إن ذلك قد يحدث تمزقاً في فتحة المهبل،فيجب مساعدة الرأس على الخروج ببطء في اتجاه علوي، وبعد اكتمال خروجه يبحثالطبيببواسطة اللمس والنظر عند أسفل رقبة الطفل ليرى ما إذا كان الحبل السري قد التف حول رقبة المولود أم لا، وفي حال التفافه، على الطبيب أن يرفعه فوق الرأس، أو إلى أسفل الكتف، وإلا عليه أن يضع عليه ملقطين ويقص ما بينهما، كما ينبغي على الطبيب الحذر من أن يفلت أو يمزق الحبل السري، فذلك يؤدي إلى نزف سريع لدم الطفل.

يجب على مقدم الرعاية الصحية أن يساعد المرأة الحامل بلطف وبدون عنف، فالولادة عملية فنية وليست مصارعة عنيفة مع الأم أو الطفل، ويساعد بعضالضغط على أسفل بطن الأم على خروج كتف الطفل الأعلى، وهنا على الطبيب أن يسحب الرأس باتجاه سفلي إلى أن يخرج أول كتف، وبعدها يشد الرأس للأعلى ليساعد على خروج الكتف السفلي.

يساعد الطبيب الجسم على الخروج من الرحم مُبقياً الرأس على إحدى يديه، بالإضافة إلى إحكام القبض باليد الأخرى على الفخذين، ثم على الساقين عند الكاحل، مع ضرورة الانتباه الكامل لئلا يفلت الطفل المغطى بطلاء جيني لزج ( بالإنجليزية: Vernix) من بين يديه، كما ينبغيعدم إبعاد الطفل عن أمه وإبقاءه متدلياً من رجليه إلى حين خروج الخليط المؤلف من مواد مخاطية ودم من مجاري الطفل الهوائية قبل أن يستنشقها إلى رئتيه فتخنقه ببطء.

للمزيد: مخاطر الولادة الطبيعية

التعامل مع الطفل بعد الولادة مباشرة

يجب مسح وجه المولود الجديد وأنفه بالشاش مباشرة، ثم استعمال شفاط مطاطي لامتصاص الخليط المخاطي من مجاري الطفل التنفسية كما يلي:

  • الضغط بإحدى اليدين على الشفاط لتفريغه من الهواء.
  • إسناد الطفل جيداً.
  • وضع عنق الشفاط في فتحة أنف المولود والسماح له بأن ينتفخ تلقائياً.
  • إعادة الكرّة على فتحة الأنف الثانية.
  • تنظيف الحلق أيضاً بنفس الطريقة عدة مرات.

عند إخراج المولود كلياً ، يجب مسكه بعناية وجدية، وذلك لأن جسده قابل للانزلاق بسهولة، كما يجب الانتباه إلى ضرورة الضغط على الشفاط قبل تقريبها من الطفل، لئلا يتم دفع المخاط إلى رئتيه.

إن لم يتم قطع الحبل السري في البداية، فعلى الطبيب أن يفعل ذلك بعد أن يطلق الطفل صرخته الأولى، بحيث يتم إغلاقه بملقطين متباعدين قليلاَ، ومن ثم قطعه بواسطة مقص معقم، وبعدها يتم ربط الحبل السري على بعد 2 سنتم من سرة الطفل بواسطة الشريط المعد لذلك، والحذر من التسبب في تمزيقه، ويلف الطفل بعدها بغطاء كي يبقى دافئاً، بالإضافة إلى وضع أكياس من الماء الساخن خارج الغطاء كي لا يحرق جلده.

إذا لم يبدأ المولود بالتنفس تلقائياً ولم يستطع أن يعبئ رئتيه بالهواء فيجب صفع قعر رجليه ومؤخرته، أو أن يتم رشه بقليل من الماء البارد، وإذا كانت أسطوانة الأوكسجين متوافرة، فيجب استخدامه لمساعدته على التنفس منها إلى أن يصبح لونه متورداً، يمكن أيضاً إنقاذ الطفل باستعمال التنفس الاصطناعي، وذلك بأن بالنفخ نفخات قصيرة متتالية، على أن يستخدم المسعف نصف قوة التنفس التي لديه لئلا يُحدث تمزقاً في رئتيه، بالإضافة إلىإمكانية تدليك قلب المولود بأصبع أو بأصبعين فقط، ثم إعادة محاولة إنعاش التنفس وصفع مؤخرته مجدداً.

قطع الحبل السري

يجب إغلاق الحبل السري بملقطين، يبعدان عن بعضهما 2 أو 3 إنشات، وعن سرة البطن 6 – 8 إنشات، ومن ثم يتم قطع الحبل بين الملقطين للتأكد من تجنب حدوث النزيف، ثم يربط الحبل بواسطة شريط السرة على بعد أنش واحد من الملقط القريب من السرة.

للمزيد: أمور ترغبين في معرفتها بعد الولادة

التخلص من الخلاصة أو المشيمة

تنتهي المرحلة الأولى من الولادة بانفتاح عنق الرحم انفتاحاً تاماً من جراء التقلصات الرحمية، وبولادة الجنين تنتهي المرحلة الثانية من الولادة، وتبقى المرحلة الثالثة ألا وهي انفصال المشيمة عن الرحم من وإخراجه، وعادة ما يحدث انفصال الخلاصة بعد بضع دقائق من الولادة، وربما يستطيع فريق الإسعاف أن يلاحظ ثلاث علامات تدل على الانفصال ألا وهي:

  • ظهور تدفق أو نزيف من الدم.
  • ازدياد طول الحبل السري.
  • تحجر الرحم واتخاذه شكلاً دائرياً.

يتم سحب طرف الحبل السري بثبات، والضغط على الرحم برفق للمساعدة على استخراج المشيمة، فإذا لم تنجح هذه الطريقة بعد ثلث ساعة، أو إذا كان تدفق الدم غزيراً، فيجب نقلها إلى المستشفى وهي مستلقية بدفء على ظهرها، كما يجب الااحتفاظ بالخلاصة للمعاينة في وقت لاحق للتحقق من أنها كاملة، ووضع فوطة معقمة على فتحة المهبل في النهاية.

الحالات التي تستوجب النقل السريع إلى المستشفى

فيما يلي بعض الحالات التي تستوجب النقل الفوري إلى المستشفى:

  • جميع الحالات التي يشك فيها الطبيب بأن وضع الجنين غير طبيعي، أي أنه يُولَد من مقعدته مثلاً، أو أن يكون بوضع عرضي في الرحم.
  • هبوط الحبل السري إلى الفرج المهبلي قبل الجنين.
  • حالات النزيف، والغيبوبة، والحمى.
  • دخول المرأة في مخاض مستمر يطول لأكثر من خمسة عشرة ساعة وبمعدل 5 دقائق بين كل طلق وآخر.

للمزيد: صحة المرأة بعد الولادة

الولادة من المقعدة

ينبغي عدم محاولة سحب الجنين، وبدلاً من ذلك يجب دعم جذعه فقط باليدين، مع ترك رجلاه لتتدليان حول الساعد، وعلى المساعد أن يضغط برفق باتجاه سفلي على أسفل بطن الأم ليساعد على نزول الرأس، وفي حال لم يخرج الرأس تلقائياً وببطء بعد دقيقتين، فعلى الطبيب أن يمد يده المعقمة المغسولة بالكحول إلى داخل المهبل ليفسح المجال لأنف وفم الجنين أن يتنفسا، وذلك بإبعاد جدار المهبل عنهما.

هبوط الحبل السري

ينبغي على الطبيب أن يضع يده بعد تعقيمها داخل المهبل، ودفع رأس الجنين إلى بطن الأم طوال وقت نقلها إلى المستشفى، كما ينبغي عدم محاولة إعادة الحبل السري إلى داخل الرحم.

النزف الشديد

في حالات النزف يجب أن يحرص الطبيب على الحصول على عينة من دم الأم لإرسالها إلى بنك الدم، ثم البدء بإعطائها البلازما والسوائل بواسطة الأوردة، بالإضافة إلى ضمان تأمين إمكانية إعطاء الأدوية عبر الوريد متاحة طوال الوقت في أثناء نقل الأم إلى المستشفى.

الولادة المبكرة

في حال كان وزن المولود أقل من 2500 غرام، أو حصلتولادة مبكرة قبل الوصول إلى الشهر الثامن من الحمل، يتوجب إعطاء الطفل عناية فائقة، فبعد التأكد من ربط حبله السري جيداً، يجب الحفاظ عليه في مكان دافئ، وإحاطته بجراب من الماء الساخن بحذر، وإعادة شفط المواد المخاطية من أنفه وفمه جيداً، والبدء بإعطائه الأوكسجين ببطء.

وبما أن مناعة الطفل ضد الجراثيم في حالات الولادة المبكرة تكون ضعيفة، فيجب أن يبقى جو غرفته نظيفاً، وألا يلمسه أو يتنفس بالقرب من وجهه أحد.

اقرأ أيضاً: لماذا تحدث الولادة المبكرة وكيف يمكن التغلب على آلامها