التخدير العام في الأساس هو غيبوبة مستحثة طبياً، ولا يعد تنويماً. الأدوية المخدرة تجعل المريض في حالة من اللاوعي وعدم الاستجابة. حالة فقد الوعي هذه قابلة للاستعادة ويلجأ لها الأطباء للقيام بالعمليات الجراحية. يعد استخدام التخدير شائعاً ومألوفاً في الكثير من الحالات ولكن لم يتمكن العلماء والباحثون حتى الآن من تحديد آلية عمل هذه المواد بشكل محدد. يتم إعطاء الأدوية المخدرة عن طريق الوريد أو من خلال الاستنشاق ويفقد المريض بعدها الإحساس بالألم. يقوم بعملية التخدير طبيب التخدير مع فريق طبي متخصص لمراقبة المؤشرات الحيوية ومعدل التنفس أثناء العملية.
يعود استخدام البنج العام إلى عام 1842 حيث تم إعطاء المريض ثنائي إيثيل الإيثر (بالإنجليزية: Diethyl Ether) في أول عملية جراحية بدون ألم.
أنواع البنج
هناك ثلاثة أنواع للبنج:
- البنج العام (بالإنجليزية: General Anesthesia): يقوم باستحثاث حالة اللاوعي الكاملة طبياً ومن الأمثلة على البنج العام: كيتامين (بالإنجليزية:Ketamine)، بروبوفول (بالإنجليزية:Propofol)، إيتتوميدات (بالإنجليزية:Etomidate)، ايزوفلوران (بالإنجليزية:Isoflurane)، سيفوفلوران (بالإنجليزية: Sevoflurane).
- البنج الموضعي (بالإنجليزية: Local anesthesia): يعطى في حالات العمليات الصغرى مثل عملية إزالة ظفر الرجل، أو مثل تلك التي يعطيها طبيب الأسنان للمريض. يتميزهذا النوع من البنج بأنه يعمل على تقليل أو إزالة الإحساس بالألم في منطقة مركزة ومحددة دون التأثير على الوعي لدى المريض حيث يبقى المريض يقظاﹰ أثناء الإجراء الطبي. من الأمثلة على البنج الموضعي: بنزوكيين (بالإنجليزية: Benzocaine)، ليدوكايين (بالإنجليزية: Lidocaine)، نوفوكايين (بالإنجليزية: Novocaine).
- البنج الناحي (بالإنجليزية: Regional anesthesia): تعمل الأدوية المخدرة التي تنتمي لهذا النوع على تخدير جزء كامل من الجسم -النصف السفلي على سبيل المثال أثناء الولادة- هناك نوعان رئيسيان للتخدير الناحي:
لماذا يفضل استخدام البنج العام في الكثير من الحالات بدلاً من الأنواع الأخرى من البنج؟
يعتمد التخدير على نوع العملية التي سيخضع لها المريض، سيوصي الطبيب باستعمال البنج العام إذا كانت العملية التي سيجريها:
- تستغرق وقتاﹰ طويلاﹰ.
- ينتج عنها فقدان في الدم.
- تؤثر على التنفس.
بعض الإجراءات الطبية يمكن أن يستخدم فيها الأنواع الأخرى من البنج:
- يستخدم التخدير الموضعي مثلا في حال إجراء غرز لجرح في اليد مثلا.
- في عمليات التنظير حيث يستخدم البنج للتنويم.
- استخدام التخدير فوق الجافية في حالات الولادة.
في بعض الأحيان يختار الطبيب نوع البنج بناء على حالة المريض والخيارات المناسبة له.
التقييم قبل الجراحة
قبل إعطاء البنج العام للمريض، يخضع المريض للتقييم لتحديد أنسب دواء للتخدير وكذلك لتحديد الجرعات المناسبة وإمكانية استعمال مزيج من الأدوية.
بعض العوامل التي يتم البحث عنها خلال تقييم المريض قبل الجراحة تتضمن:
- مؤشر كتلة الجسم (بالإنجليزية: Body Mass Index(BMI)).
- التاريخ الطبي للمريض.
- العمر.
- الأدوية التي يتناولها المريض في الوقت الحالي.
- وقت الصيام.
- تناول الكحول والمخدرات.
- فحص الفم والأسنان والمجاري التنفسية.
- مراقبة مرونة الرقبة والرأس.
من الضروري البحث وتقييم حالة المريض بدقة. على سبيل المثال، إذا كان تاريخ تناول الكحول والأدوية غير مذكور أو معلوماً لدى الطبيب فمن الممكن أن يعطى المريض كمية غير كافية من البنج والذي يؤدي إلى خطر ارتفاع ضغط الدم أو استيقاظ المريض أثناء العملية.
مراحل التخدير
هناك أربعة مراحل للتخدير، حسب تصنيف جاودل (بالإنجليزية: Guedel s classification)، والتي اعتمدها العالم آرثر إيرنست جاودل عام 1937.
المرحلة الأولى: الحث
تحدث هذه المرحلة بين إعطاء المخدر للمريض وفقدانه الوعي. ينتقل المريض من حالة تسكين الألم بدون فقدان للتذكر إلى حالة تسكين الألم مع فقدان التذكر.
المرحلة الثانية: مرحلة الإثارة
الفترة التي تلي فقدان المريض للوعي والتي تتميز بحماس وهذيان، يصبح التنفس ومعدل ضربات القلب غير منتظمين، وقد يحدث غثيان واتساع حدقة العين، وقد يحدث احتجاز للنفس.
بسبب التنفس غير المنتظم وخطر حدوث الاستفراغ قد ينجم عنهما خطر الاختناق؛ لذلك تهدف أدوية التخدير سريعة المفعول إلى الحد من الوقت المستغرق في المرحلة الثانية من التخدير.
المرحلة الثالثة: التخدير الجراحي
في هذه المرحلة يحدث استرخاء للعضلات ويتوقف الاستفراغ وينخفض معدل التنفس، بالإضافة إلى تباطئ حركة العين ومن ثم توقفها، حينها يصبح المريض جاهزاً للعملية.
المرحلة الرابعة: الجرعة الزائدة
في هذه المرحلة يكون المريض قد أعطي الكثير من الأدوية المخدرة و التي تؤدي إلى تثبيط جذع الدماغ أو النخاع. ينتج عن ذلك تدهور الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية.
تتمثل أولوية طبيب التخدير في نقل المريض إلى المرحلة الثالثة من التخدير في أسرع وقت ممكن والاحتفاظ به هناك طوال فترة الجراحة.
هل من الممكن أن يستيقظ المريض أثناء العملية؟
بعض الخبراء يقدرون بأن شخص من بين 1000 يحدث له استعادة للوعي أثناء العملية ولكن يبقى غير قابل للحركة أو التحدث. بعض المصادر تقدر حصول ذلك بأقل من ذلك حيث يخمنون حدوث ذلك لكل شخص من بين 15000 أو شخص من بين 23000 شخص.
عندما يحدث ذلك،غالباﹰ لا يشعر المريض بأي ألم. حدوث الوعي أثناء العملية الجراحية قد يكون مؤلماً وقد يتسبب في حدوث مشكلات نفسية طويلة الأجل.
ما هي الآثار الجانبية المحتملة على المدى القصير؟
معظم الآثار الجانبية للبنج العام تحدث مباشرة بعد العملية ولا تدوم لمدة طويلة. بعد انتهاء العملية وتوقف تناول أدوية التخدير، يستيقظ المريض ببطئ في غرفة العمليات أو غرفة الإنعاش، قد يشعر المريض بالترنح أو الاضطراب وقد يشعر المريض بهذه الأعراض الجانبية الشائعة:
- القيء والغثيان. يحدث عادة بعد العملية مباشرة ولكن البعض يستمر بالشعور بالقيء لمدة يوم أو يومين. أدوية علاج الغثيان تساعد لتجاوز ذلك.
- جفاف الفم. قد يشعر المريض في العطش عند الاستيقاظ، احتساء الماء يساعد على العناية في الفم.
- التهاب الحلق أو بحة في الصوت. الأنبوب الذي يوضع في اللفم للمساعدة في التنفس أثناء العملية قد يسبب التهاب في الحلق بعد إزالته.
- قشعريرة وارتجاف. من الشائع انخفاض درجة الحرارة أثناء البنج الكامل، سيعمل الفريق الطبي على عدم نزول درجة الحرارة بشكل كبير أثناء العملية ولكن قد يستيقظ المريض وهو يشعر بالقشعريرة والارتجاف وقد يستمر ذلك من بضع دقائق إلى ساعات.
- ارتباك والتفكير الغامض. بعد الاستيقاظ من البنج، قد يشعر المريض بالاضطراب و النعاس وعدم وضوح الرؤيا. عادة يستمر ذلك لساعات قليلة ولكن قد يستمر الاضطراب عند المتقدمين في العمر لأيام أو أسابيع.
- آلام العضلات. الأدوية المرخية للعضلات التي تستخدم أثناء العملية قد تسبب ألما بعد ذلك.
- حكة. تحدث في حال استخدام الأدوية الناركوتية أثناء أو بعد العملية. هذا العرض الجانبي شائع لتلك المجموعة من الأدوية.
- مشاكل في المثانة. قد يواجه المريض صعوبة في التبول لفترة قصيرة بعد البنج العام.
- دوخة. قد يشعر المريض بدوخة بعد الوقوف. شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تحسين ذلك.
ما هي الآثار الجانبية المحتملة على المدى البعيد؟
معظم الأشخاص لا يواجهون آثار جانبية بعيدة المدى. ولكن قد يعاني كبار السن من آثار جانبية قد تصل لأكثر من يومين.
وتتضمن مايلي:
- الهذيان بعد العملية الجراحية: يشعر بعض المرضى في الاضطراب والتشويش وربما صعوبة في تذكر الأشياء بعد العملية. يزول التشتت بعد أسبوع تقريباﹰ.
- اضطراب الإدراك بعد الجراحة. (بالإنجليزية: Postoperative cognitive dysfunction (POCD)): قد يواجه بعض الأشخاص بعد الجراحة مشاكل مستمرة في الذاكرة أو أنواع أخرى من الضعف الإدراكي. ولكن من غير المحتمل أن يكون ذلك نتيجة التخدير، ربما يكون ذلك نتيجة الجراحة نفسها.
بعض العوامل تزيد من احتمال حدوث اضطراب الإدراك بعد الجراحة مثل:
- وجود السكتة الدماغية.
- أمراض القلب.
- أمراض الرئتين.
- مرض الزهايمر.
- مرض باركنسون.
- بعض الأبحاث تشير بأن اضطراب الإدراك بعد الجراحة تزيد احتماليته عند الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 60 عاماﹰ.
ما الذي يزيد من خطورة حدوث الأعراض الجانبية؟
في معظم الحالات، يعد البنج الكامل آمناﹰ جداﹰ، الذي يضع المريض في خطر هو العملية الجراحية نفسها. أكثر الأشخاص عرضة للخطورة هم كبار السن ومن يخضعون لعمليات جراحية طويلة.
على المريض إبلاغ الطبيب إذا كان لديه واحداﹰ من العوامل التالية والتي تؤثر على حالة المريض خلال أو بعد العملية:
- تاريخ عائلي في الأعراض الجانبية للبنج العام.
- انقطاع التنفس أثناء النوم.
- الصرع.
- السمنة.
- ارتفاع ضغط الدم.
- مرض السكري.
- أمراض القلب.
- أمراض الرئة.
- أمراض الكلى.
- الحساسية للأدوية.
يجب إبلاغ الطبيب أيضاﹰ:
- إذا كان المريض مدخناﹰ.
- إذا كان المريض يتناول الكحول بشكل كبير.
- إذا كان المريض يتناول الأدوية المخففة للدم أو مضادات التخثر.
الإنعاش
بعد الانتهاء من العملية، يتم نقل المريض لغرفة الإنعاش، حيث يقوم طبيب التخدير بمتابعة ومراقبة وظائف القلب وتنفس المريض.
بناء على العملية التي أجراها المريض يمكن أن يبقى في المستشفى لأيام أو أن يغادر. يتابع طبيب التخدير حالة تعافي المريض ويقيم حاجته لمسكنات الألم، حيث يصبح الألم شديداﹰ بعد زوال مفعول البنج.
إذا لم يبق المريض في المستشفى وقرر له الطبيب الخروج، يحتاج المريض لمرافق حيث يجب أن يبتعد عن القيادة لمدة 24 ساعة على الأقل. إذا كان المريض يأخذ أحد الأدوية الناركوتية فينصح بعدم القيادة لحين التوقف عن تناول هذه الأدوية.