يتضمن استهلاك الكحول والإسراف فيه على العديد من المشاكل الإجتماعية والأسرية كزيادة الصراعات والجدال غير الواعي، والخيانات الزوجية، وانعدام الأمن الإقتصادي، وتفكك الأسرة التي تعد لبنة بناء المجتمع المتماسك المنتج وما يتبع ذلك من زيادة نسبة الجرائم والاعتداءات، فضلاً عن المشاكل الصحية سواء تلك الجسدية، أو العقلية، والإدراكية.
تدفع الكحول الشارب إلى التركيزعقلياً على الوقت الحاضر فقط مع تجاهل الماضي، حيث تبطئ خصائص الكحول الخلايا العصبية في الدماغ بشكل مؤقت، مما يقلل الضغط والتوتر ويعطى شعوراً بالثقة المقنعة (غير الحقيقية في أغلب الأحيان) مما يزيد الانجذاب بين الشريكين بعيداً عن استيعابهم وتحكمهم العقلي، وبالتالي يبعد العلاقة الزوجية عن طبيعتها وتلقائيتها الغريزية.
بشكل عام يصنف تناول الكحول من الأسباب التي تقتل العلاقة الزوجية (كالإجهاد، الاكتئاب، تناول بعض الأدوية، الأرق، السمنة والعجز الجنسي). ترتبط آثار تناول الكحول بعدة عوامل ومن أهمها كمية الكحول المستهلكة أو معدل شربها اسبوعياً، فأغلب الدراسات تربط بين شرب كميات متفاوتة من الكحول ودراسة الأثار الناتجة عن كل كمية.
المشاكل المرتبطة باستهلاك الكحول
ينطوي استخدام الكحول على العديد من المشاكل الصحية وأهمها:
- فصل العقل مؤقتاً عن الواقع، مما يؤدي الى عدم فهم الاحتياجات الجنسية والعاطفية بشكل صحيح، وضعف الحكم على الشريك من خلال عدم قراءة أو فهم تعابير الشريك بشكل سليم وجيد في حال قبوله أو رفضه، فضلاً عن ممارسة العلاقة الجنسية دون أخذ إجراءات الوقاية اللازمة.
- الضعف الجنسي، حيث يؤدي الإسراف في شرب الكحول الى ضعف الرغبة الجنسية وتقليل الشعور بالتحفير لدى الطرفين عن طريق التداخل بين الإشارات العصبية المنقولة من الدماغ للأعضاء التناسلية، حيث يواجه الرجال الذي يسرفون في تناول الكحول الى ضعف الانتصاب، لما تسببه الكحول من تقليل إنتاج هرمون التستوستيرون المسؤول عن الوظائف الجنسية لدى الذكور، كما تعمل الكحول على تقليل الإشارات الكيميائية المرسلة من المخ إلى القضيب الحاثة على على زيادة تدفق الدم والتوسع وبالتالي اضعاف وتقليل الانتصاب مما يعطى فترة اطول للوصول لحالة النشوة، حيث أشارت الدراسات أن الرجال الذين يفرطون في تناول الكحول بشكل مزمن تزيد نسبة إصابتهم بضعف الانتصاب، سرعة القذف، وفقدان الرغبة الجنسي حوالي 60 الى 70%.
أما بالنسبة للنساء فالإسراف في شرب الكحول يؤدي إلى جفاف المهبل مما يسبب الشعور بالألم أثناء العلاقة الجنسية، ونتيجة للمفهوم الخاطئ في ربط شرب الكحول مع زيادة انسيابية العلاقة الجنسية، فيبدأ المتعاطين للكحول عند الإحساس بهذه الأعراض الجانبية بزيادة جرعة الكحول على أمل تفادي هذه المشاكل ولكن الأضرار تزيد بشكل عكسي.
للمزيد اقرأ عن: الجماع والاستجابات الجنسية
- زيادة احتمال انتقال الأمراض جنسياً، نظراً لأن الكحول يقلل من الإدراك العقلي ويقلل الممنوعات، مما يزيد فرصة ممارسة العلاقة الجنسية دون استخدام وسائل الوقاية المناسبة، حيث تشير الدراسات أن انتقال الأمراض جنسياً عند متعاطين الكحول يزيد 7 مرات عن الأشخاص الواعين الذي يستخدمون أساليب الحماية.
- انخفاض الخصوبة، شرب الكحول بكثرة يسبب انخفاض نسبة هرمون التستوستيرون وتقليل وصول الأكسجين بكميات كافية مما يؤدي الى ضعف انتاج الحيوانات المنوية في مستودعاتها (كماً ونوعاً)، إضافة إلى ارتخاء القضيب وضعف الانتصاب، وتقليل التبويض تدريجياً لدى النساء مسبباً ارتفاع في نسبة ضعف الخصوبة والعقم. وما ينطوي على ذلك من مشاكل تعكر صفو الحياة الزوجية.
- تقلص الأعضاء الجنسية، يؤدي الإفراط في شرب الكحول لفترة طويلة من الزمن الى تقلص حجم الأعضاء الجنسية (الخصية والقضيب) لدى الرجال.أما عند النساء فشرب الكحول يؤدي إلى حدوث اضطرابات في الدورة الشهرية.
تأثير الكحول على الأجنة والأطفال
لا يقتصر ضرر تناول الكحول فقط على الوالدين بل يتخطاهما للأبناء، فعندما تكون السيدة حامل أو تخطط للحمل يجب عليها تجنب شرب الكحول لتفادي ما يسمى باضطراب طيف الكحول لدى الجنين (بالإنجليزية Fetal Alcohol Spectrum Disorder )، الذي يعيق نمو الطفل بشكل طبيعي وسليم.حيث أن الكحول ينتقل من دم الأم إلى دم الجنين عن طريق المشيمة، ويسبب ضرر وتأخر في نمو خلايا جسمه ولعل من أهم هذه الخلايا خلايا الدماغ والنخاع أو الحبل الشوكي وما يتضمن ذلك من ضعف وقصور في الوظائف العقلية والإدراكية لدى طفل بريء.
ومن آثار تناول الوالدين للكحول التي تظهر على الأطفال:
- زيادة خطر الإجهاض والولادة المبكرة.
- صغر حجم الرأس وتضيق فتحات العينين مع تسطح الوجه، وتصبح هذه العلامات أكثر وضوحاُ في سن الثانية أو الثالثة من العمر.
- تأخر النمو، حيث يكون هؤلاء الأطفال أقصر طولاً وأقل حجماً من أقرانهم بنفس العمر.
- سوء التغذية ونقصان الوزن.
- مشاكل في التعليم وضبط السلوك، نظراً لتأخر الإدراك العقلي والاستيعابي.
- تربية الأطفال في بيئة تفتقد لمقومات الحياة الأساسية الأمن، الصحة، التغذية السليمة، والتنشئة الصالحة مما يؤدي إلى تأخر وتقصير في بناء شخصية الطفل الثابتة وحرمانه من العديد من حقوقه كالتعليم مثلاً.
لذلك يجب تقديم المساعدة والدعم الكافي لهؤلاء الأطفال مثل التدريب على المهارات الاجتماعية والانخراط بالمجتمع والمساعدة التعليمية في المدارس، إضافة الى تقديم المساعدات المادية والمعنوية لذوي الأطفال. حيث لا يوجد علاج يمكن أن يعكس تأثير الكحول على صحة طفلك. وليس هناك علاج يمكن أن يجعل الآثار أقل حدة.