يعتمد الكثير من الأمهات والآباء على الموروثات الثقافية في التعامل مع الطفل. وهذه الأساليب ثبت أن معظمها غير صحيح، ويخلق نوعا من الخلل داخل شخصية الطفل، وينمو معه هذا الخلل فيجعل الطفل يعاني مشاكل نفسية في المستقبل، ويحدث الكثير من المشاكل المجتمعية نتيجة هذه الطرق غير الصحيحة في التربية.
اقرأ أيضاً: الإهمال العاطفي للأطفال؛ أشكاله، مؤشراته وعلاجه
ويقدم الأطباء والخبراء بعض النصائح التربوية المفيدة والجيدة في مجال التعامل مع الأطفال، ومنها عندما تنزعج الأم أو الأب من الضوضاء الشديدة التي يصدرها الطفل أو الأطفال الصغار المتواجدون في المنزل أثناء اللهو، فليس من الحكمة أن تنفعل الأم أو الأب بالصراخ في الأطفال وتنهرهم وتطالبهم بالصمت والتزام الهدوء.
فالطفل لا يفهم هذه المعاني ويرى أنه لم يخطأ، وهو يريد فقط أن يلعب ويخرج طاقته الكامنة في اللهو والجري والصراخ وإصدار الأصوات العالية، وتقليد الحيوانات التي يراها على شاشات الفضائيات أو الأشخاص الكرتونية التي تنتشر في أفلام الكرتون. فعندما يشاهد الطفل حيواناً يصدر صوتا في التلفزيون أو "النت" أو وسائل التواصل الاجتماعي فإنه يسارع إلى تقليد هذه الأصوات.
والكثير من الأطفال يصرخ أثناء اللعب مع أقرانه للحصول على الأشياء، ويبكي بصوت عال ولا يلتفت لكلام الأم ولا إلى صراخها، وينزعج من النصائح المستمرة بعدم إصدار الأصوات العالية. وكثيراً ما يهمل كلام الأم لأنه يفقد التركيز معها، فهو يريد أن يستكمل اللعب دون توتر أو إزعاج أو نصيحة، هو يرى أنه على حق وهذا حقه، وما تفعله الأم هو حالة من الإزعاج النفسي الذي يصيب الطفل أو مجموعة الأطفال.
والطريق الصحيحة التي ينصح بها أطباء علم النفس، هي تحويل الاهتمام ولفت انتباه الطفل بالدخول معهم في الكلام، وتغيير مسار اهتمامهم بطرق متعددة، مثل القول إن الطفل الذي يسمع كلام "ماما" يرفع يديه، فسيتحول أحد الأطفال فورا إلى رفع يده ثم يسارع الآخر وتنتقل العدوى ويهدأ الجميع من حالة الضوضاء العالية، أو إحضار لعبة مختلفة وتقول الأم من يلعب معي الأول، فسوف يسارع الأطفال باللعب مع الأم وتغيير حالتهم السابقة.
اقرأ أيضاً: الصحة النفسية للطفل خلال عامه الأول
النظر للأعلى وسيلة ناجعة للطفل
يدخل بعض الأطفال في نوبة من البكاء، ولا تنفع معه الطرق التقليدية في تهدئته ومحاولة إسكاته، وأحياناً تنهار الأم من كثرة بكاء الصغير بسبب وبدون سبب. ولأقل الأسباب يصرخ ويبكي فهو يعبر عن رأيه وطلباته في هذه السن بالبكاء، فهو يرى أنها الوسيلة الجيدة التي تأتي بنتيجة سريعة مع الأم والأسرة، وتجاهل الطفل في هذه الحالة من الأخطاء، حتى لا يقسو قلبه ويشعر أنه بلا قيمة ولا اهتمام، فيغرس التجاهل بعض الأشياء النفسية في داخله، وتقل لديه حالة الإنسانية والرحمة في الكبر، فهو يرى أن الأم لا تستجيب ولا تهتم ولا تلتفت إلى حالة البكاء والاستغاثة، وبالتالي سوف يكتسب هذا السلوك عندما يكبر، ولا يهتم بمن حوله في حالة الضعف، ما يجعل قلبه قاسيا ويفتقد إلى بعض الاستجابات الإنسانية الضرورية في المجتمع.
وأيضا التعامل معه بعنف وصراخ وقسوة ليتوقف عن البكاء المستمر، من الأساليب التربوية غير الصحيحة، فهو يرى أنه يعبر عن رأيه ومطالبه بهذه الطريقة، والأسلوب التربوي الصحيح في التعامل مع هذه الحالة إلى الإشارة إلى الأعلى ناحية السقف أو المروحة والنجفة والرسومات الموجودة على السقف، أو ناحية السماء والسحب والطيور والطائرات، فسوف يسكت الطفل بسرعة لأن الفسيولوجية الطبيعية للاستمرار في البكاء هي النظر إلى الأسفل.
الإمهال
يستمر الأطفال في اللعب بجهاز المحمول أو "التاب" أو في البقاء فترة في حمام السباحة، وتظل الأم تنادي على الأطفال بالخروج فوراً من اللعب أو من حمام السباحة للذهاب إلى البيت أو للخروج، ويرفض الطفل ويعاند ويستمر في اللعب دون الانصياع لطلب الأم بالانتهاء، ويضطر بعض الأمهات أو الآباء إلى الصراخ على الطفل من أجل الانتهاء، والطفل يفقد التركيز تماما معهم ويظل يمارس اللعبة التي تجذب كل اهتماماته.
اقرأ أيضاً: مخاطر الأجهزة التكنولوجية على صحة الأطفال
وبعض الأمهات تجذب أطفالها بعنف من أجل الانتباه أو تعاقبهم أو تضربهم، ويبكي الطفل وهو يغادر اللعبة ويظل في حالة البكاء فترة طويلة، ويطالب الأم بالعودة لاستكمال اللعب في حمام السباحة أو أي لعبة أخرى، ويحدث لديه نوع من الكبت والحزن ولا يفهم لماذا تنهره أمه وتجذبه بالقوة ليغادر اللعبة، وتحرمه من الفرحة واللذة التي يشعر بها وهو يمارس هذه اللعبة، ويكتسب بعض سلوكيات العنف من طريقة الأم في إجباره على الانتهاء من اللعبة.
وينصح الخبراء بعدم الوقوع في هذه الطرق الصارمة والعنيفة، والأفضل ألا تقول الأم للطفل أن يخرج من حمام السباحة الآن أو ينتهي من لعبته الآن، والأصح أن تمهلهم الأم فترة من الوقت بأن تنادي الأم أو الأب على الأطفال وتقول باقي خمس دقائق على انتهاء وقت اللعب، ثم ترجع إليهم مرة أخرى وتقول باقي ثلاث دقائق على الانتهاء، وبعدها تقول باقي دقيقة فقط، ثم تقول هيا انتهت اللعبة واخرجوا من حمام السباحة أو اللعب، وفي هذه الحالة سوف ينصاعون بشكل جيد ويخرجون بحالة من السماحة والاستجابة الطيبة، وهم يشعرون أنهم اكتفوا من هذه اللعبة.
اقرأ أيضاً: ثورات الغضب عند الأطفال؛ لماذا كل هذا؟
فتح نقاش وحوار مع الطفل دون تعنيف
يلح بعض الأطفال في طلب شراء الألعاب أثناء السير مع الأب أو الأم، ويشد يد الأب ناحية محال الألعاب ويصرخ ويصر على الشراء، وبعض الأمهات تتعامل بعنف وقسوة وتجذبه من يده بقوة، وتعنفه وتقول له لن تذهب معي مرة أخرى طالما تفعل هذه السلوكيات، وهذا التصرف غير صحيح ويعتبر عقاباً على سلوك طبيعي للطفل، فهو يحاول أن يحصل على بعض الألعاب التي تمثل له سعادة، ويرى أن هذا شيء طبيعي، ولكن السلوك الصحيح هو فتح مناقشة وحوار جيد مع الطفل دون تعنيف أو انفعال أو عقاب، حتى يتفهم الطفل الأمر. اقرأ أيضاً: العنف ضد الأطفال
ويفضل عدم الاستجابة والرضوخ لطلبات الطفل المستمرة، حتى لا يكتسب هذا الأسلوب من الطلبات المستمرة والإصرار على الاستجابة لطلبه، ومع ذلك لا يفضل أيضا منع الطفل تماماً من الحصول على بعض الألعاب التي يراها في أيدي الأطفال، ولكن فقط الأسلوب غير صحيح، فيجب أن يذهب الطفل لشراء الألعاب ولا بد من المشاركة في اختيار أنواع اللعبة التي يريدها، وتناقشه الأم في حالة عدم مناسبة هذه اللعبة لعمره، وترشده إلى الألعاب الأخرى وتتركه يختار بنفسه أو يشارك في الاختيار.
الاستيقاظ والنوم
تشير دراسة حديثة إلى أن عدداً كبيراً من الأمهات والآباء يخطئون في طريقة إيقاظ الأطفال الصغار من النوم، وبعضهم يسبب حالة من الذعر للطفل الصغير أثناء محاولات إيقاظه من النوم، وعندما يصاب الطفل بالذعر أو المفاجأة أو الخوف والرعب أثناء القيام من النوم، يحدث تضرر لبعض خلايا المخ بصورة كبيرة. فبعض الأمهات تصرخ في الأطفال كي يستيقظوا من النوم، ما يصيب الأطفال بالفزع والترويع، وينعكس ذلك على تلف بعض خلايا المخ بسرعة.
اقرأ أيضاً: ٤ طرق لتدريب الأطفال على النوم
والطريقة الصحيحة لإيقاظ الطفل تتمثل في الجلوس بجانبهم والتحدث بصوت منخفض فيه من الثناء والحب والدلع للطفل، وقول بعض الكلمات المشجعة ولمس جسم الطفل بلطف وحنية، وعدم اجتذابه بقوة أو عنف وهو نائم من أجل إفاقته بسرعة، كما يفضّل أن تقوم الأم بالجلوس بجانب الأطفال في لحظات الخلود إلى النوم، وتخبرهم أنها تحبهم وتحضنهم وتشجعهم ببعض الكلمات، لينام الطفل في حالة نفسية جيدة ولا يبكي أثناء النوم، كما يستيقظ في حالة نشيطة وبحيوية ملحوظة.
ومن الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الكثير من الأمهات هي فتح التلفزيون مباشرة بعد قيام الأطفال من النوم، أو تقديم "التاب" والتليفون لهم، وذلك لأن بؤرة عين الطفل تكون أكثر اتساعاً بعد القيام من النوم، وتتضرر بالأشعة التي تصدر عن هذه الأجهزة، ويفضل مرور فترة من الوقت نحو 15 أو 20 دقيقة قبل استخدام هذه الأجهزة.
اقرأ أيضاً: كيف توفرين نوماً هانئاً للأطفال؟