تجلب الحياة المهنية تحديات متعددة، خصوصًا لأولئك الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب. يعد اضطراب ثنائي القطب من الاضطرابات النفسية التي تؤثر بشكل كبير على الأداء الوظيفي والتفاعلات الاجتماعية في بيئة العمل. ويمكن للأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب أن يواجهوا صعوبات في الحفاظ على وظائفهم أو حتى في الحصول على وظيفة من الأساس. يميل العديد من الأفراد الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب إلى تجربة تقلبات مزاجية شديدة تتراوح بين فترات الهوس والاكتئاب، مما يمكن أن يؤثر على قدرتهم على العمل بكفاءة.
يطرح هذا المقال العلاقة بين اضطراب ثنائي القطب والعمل، وكيفية التعامل مع التحديات اليومية والتكيف في بيئة العمل، مع تقديم نصائح عملية قد تساعد في تحسين جودة الحياة المهنية لأولئك الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب.
ما هو اضطراب ثنائي القطب؟
يظهر اضطراب ثنائي القطب تغيرات مفاجئة في المزاج، حيث ينقل الشخص بين نشوة فترات الهوس وعمق حالات الاكتئاب. وهذه التغيرات تستغرق غالبًا عدة أيام، وقد تأتي دون أي مبرر واضح. إذا أردنا وصف أبرز أعراض هذا الاضطراب، نجد أنه في حالة الهوسيشهد الفرد نشاطًا زائدًا وحديثًا سريعًا، مع شعور مكثف بالسعادة، وقد تحدث له تخيلات غير واقعية. هذا الحال يمكن أن يجعل المصاب يتخذ قرارات غير مدروسة ويشعر بعدم الحاجة للنوم. [1]
تسيطر مشاعر اليأس وفقدان الشهية على الشخص المصاب باضطراب ثنائي القطب في حالة الاكتئاب، إلى جانب شعوره بصعوبة في التركيز وقلة الطاقة. المشاعر الانتحارية قد تظهر أيضًا، ويفقد المصاب الرغبة في المشاركة في الأنشطة اليومية. [1]
كيف يؤثر اضطراب ثنائي القطب على العمل؟
يُظهر تواجد اضطراب ثنائي القطب في سياق العمل تحديات فريدة يجب التعامل معها بعناية وفهم. يجلب هذا الاضطراب، الذي يُصاحبه تقلبات مزاجية كبيرة، تحديات تتعلق بالإنتاجية واستقرار الأداء الوظيفي. أثناء الفترات الهوسية، يميل الأشخاص إلى التصرف بتهور واتخاذ قرارات غير مدروسة، بينما تؤدي الفترات الاكتئابية إلى ضعف الطاقة وانعدام الرغبة في إكمال المهام. [2] [3]
تصبح إدارة التوترات والضغوط في مكان العمل أمرًا بالغ الأهمية عند التعامل مع اضطراب ثنائي القطب. قد تعزز الضغوط المهنية من تفاقم الأعراض وتزيد من تحديات الحفاظ على الاستقرار النفسي. لذا، تصبح إستراتيجيات التعامل مع الضغط وإدارة الوقت عنصرًا حيويًا في دعم الأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب. [2] [3]
يحتاج المسار الوظيفي لأولئك الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب إلى دعم خاص لتحقيق التوازن بين الحاجات الصحية والمتطلبات المهنية. يعتمد النجاح في هذا السياق على فهم واحترام الحدود وتوفير بيئة عمل مرنة تساعد في التقليل من التوترات وتسهيل التحكم في الأعراض. وتتطلب التحديات المرتبطة بالعمل واضطراب ثنائي القطب توفير الدعم من المجتمع المحيط، بالإضافة إلى العلاج الدوائي للاضطرابوالإشراف الطبي، لتحقيق أقصى قدر من النجاح والرفاهية في جميع جوانب الحياة. [2] [3]
اقرأ المزيد: الجوانب الاجتماعية لاضطراب ثنائي القطب
تحديات العمل للمصابين باضطراب ثنائي القطب
تلقي أعراض اضطراب ثنائي القطب بظلالها على أوجه عدة في حياة الأفراد، خصوصًا في السياق المهني، متسببًا في مواجهة العديد من التحديات. وتتنوع الأعراض التي يمكن أن يشهدها الأشخاص المصابون بالاضطراب، حسب الحالة المزاجية التي يمرون بها، والتي تؤثر جميعها على فعالية وإنتاجية العمل التي يقدمها المصاب بالاضطراب وعلاقاته ضمن فريق عمله، وتتضمن هذه الأعراض: [4]
- عدم التركيز.
- فقدان الدافع.
- التهور.
- الشعور بالتعب بشكل شديد.
- الانزعاج والغضب.
- التشتت الذهني.
- الهلاوس.
- فقدان التفكير السليم والمنطقي.
- الأوهام.
على الجانب الآخر، تواجه الشركات وأصحاب الأعمال تحديات فريدة في التعامل مع الموظفين الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب حيث أن معدل أيام غيابهم عن العمل يتجاوز المعدل الطبيعي في السوق العمل مما يؤثر بشكل مباشر على إنتاجية الشركات. أيضًا، يعاني العاملون الذين يعانون من هذا الاضطراب من تحديات إضافية تتعلق بالتأقلم والتفهم في البيئة الوظيفية، حتى في السياقات التي تُظهر فيها الشركات دعمًا وتفهمًا. كما أن برامج دعم اضطراب ثنائي القطب والفوائد الصحية المرتبطة بها تُشكل عبئًا ماليًا لأصحاب العمل، بسبب تكلفتها المرتفعة مقارنة بالبرامج الصحية للموظفين الآخرين. [4]
بيئة العمل الملائمة للمصابين باضطراب ثنائي القطب
يفتح اضطراب ثنائي القطب الباب أمام مجموعة من التحديات في الحياة اليومية للأشخاص، بما في ذلك اختيار مسار مهني يتناسب مع التقلبات المزاجية التي يعيشونها. وليس هناك مهنة واحدة تُناسب جميع الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب، لكن بالإمكان البحث عن ميزات معينة في الوظائف قد تساعدهم على التعامل مع هذا الاضطراب، من هذه الميزات:
- تجنب التوتر: يُعتبر التوتر من العوامل التي قد تزيد من تفاقم الحالة لمن يعانون من اضطراب ثنائي القطب، ولذا قد يُفضل اختيار وظيفة بضغط أقل ولا تتضمن متطلبات متغيرة بسرعة أو مواعيد نهائية ضيقة للحفاظ على الراحة النفسية.
- بيئة عمل هادئة: توفر وظائف في بيئة عمل هادئة ومريحة قد تسهم في الشعور بالاسترخاء والتحكم في التقلبات المزاجية.
- ساعات عمل مرنة خلال النهار: يمكن أن تساعد وظائف توفر جدول عمل مرن وتجنب العمل في فترات الليل في تقليل فرص حدوث حالات من الاضطراب نتيجة فقدان النوم.
- إتاحة فرصة للإبداع: بعض الأشخاص قد يجدون في الأعمال الإبداعية والفنية مخرجًا يُمكنهم من التعبير عن أنفسهم والتعامل مع التحديات التي يواجهونها.
- توافق مع الاهتمامات الشخصية: إيجاد وظيفة تُطابق مهارات واهتمامات الشخص يمكن أن يُحقق له الرضا والتوازن في الحياة اليومية.
اقرأ أيضًا: هل يمكن تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية؟
نصيحة الطبي
يحتاج الأفراد الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب إلى توفير بيئة عمل مريحة وملائمة تحترم احتياجاتهم الصحية وتسمح لهم بالتفوق مهنياً. يمكن تحقيق ذلك من خلال توفير ساعات عمل مرنة، وتقليل الضغوط المهنية، وتوفير بيئة هادئة وداعمة تساعد في التخفيف من التوترات. يمكن للتوجيه والدعم الاحترافي، بالإضافة إلى برامج دعم صحية متخصصة، أن تقدم الرعاية اللازمة وتساعد في تحقيق توازن بين الحياة المهنية والصحية. وبالمجمل، يشجّع الطبي على التعاون بين أصحاب العمل والموظفين في تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع التحديات اليومية وإدارة الأعراض جزءًا حاسمًا من تحقيق بيئة عمل مثمرة ومرضية للطرفين.