انتشر في الآونة الأخيرة نوع من أنواع الحميات الغذائية يسمى نظام الكيتو، يسبب نظام الكيتو حدوث فرط كيتون الجسم (بالإنجليزية: Ketosis). ويمكن أن يتم الخلط بين هذه الحالة وحالة أخرى خاصة بمرض السكري وهي الحماض الكيتوني السكري (بالإنجليزية: Ketoacidosis).
ينتج الكيتون بكلى الحالتين بسبب بحث الجسم عن مصدر بديل للطاقة غير السكر، فيستخدم الدهون بدلاً من السكر في هذه الحالات، وعند حرق الدهون في الكبد لإنتاج الطاقة ينتج عن هذه العملية مادة كيميائية تسمى الكيتون (بالإنجليزية: Ketones).
بغض النظر عن التشابة في الأسماء بين فرط كيتون الجسم والحماض الكيتوني السكري، وعلى الرغم من إنتاج الكيتون في كليهما، إلا أن نظام الكيتو الصحي يعتبر آمناً مقابل حُماض الدم الكيتوني الذي يمكن أن يهدد حياة مريض السكري.
الحماض الكيتوني السكري
الحماض الكيتوني السكري (بالانجليزية: Diabetic Ketoacidosis) هو أحد المضاعفات التي قد تصيب مرضى السكري، تحديداً السكري من النوع الأول، يعتبر الحماض الكيتوني من المضاعفات عالية الخطورة، ويمكن أن تتطور الحالة خلال 24 ساعة فقط، وتهدد حياة المريض.
يحدث الحماض الكيتوني نتيجةً للنقص الحاد في الأنسولين من الجسم، وارتفاع كلاً من السكر والكيتون في الدم.
يستخدم الجسم السكر كمصدر أساسي لصنع الطاقة في الجسم، ولفعل ذلك يجب أن يتم استخدام السكر من قبل خلايا الجسم، ولكن لا يستطيع السكر الدخول إلى الخلية دون وجود هرمون الأنسولين الذي يعمل كمفتاح لتسهيل دخول السكر إلى الخلايا. عدم وجود الأنسولين يعيق هذه العملية بالكامل، فيبدأ الجسم بالبحث عن مصدر بديل غير السكر لإنتاج الطاقة التي يحتاجها.
يستخدم الجسم الدهون كبديل للسكر في هذه الحالات، وعند حرق الدهون في الكبد لإنتاج الطاقة ينتج عن هذه العملية مادة كيميائية تسمى الكيتون (بالإنجليزية: Ketones)، وتعتبر هذه العملية صحية وطبيعية في حال حدوثها عند عدم تناول الطعام، أما في مرضى السكري في حال عدم وجود الأنسولين، يبدأ الجسم بحرق كميات كبيرة من الدهون وبسرعة عالية مما يسبب تراكم هذه المادة في الجسم بشكل عالي وبمستويات مرتفعة مما يزيد حموضة الدم، وهو ما يهدد وظائف الجسم، وقد يؤدي إلى دخول المريض في غيبوبة السكري.
تنصح المنظمة الأمريكية مرضى السكري بإجراء فحص مستوى الكيتون في الدم عندما يكون مستوى السكر في الدم أعلى من 240 مليغرام/ديسيلتر.
الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الحماض الكيتوني السكري
يمكن أن يكون حدوث الحماض الكيتوني السكري هي العرض الأول الذي يأتي به مريض السكري، تحديداً الأطفال أو الشباب إلى المشفى ويتم تشخيصهم بمرض السكري بعد ذلك. حيث أن 36% من حالات حُماض الدم الكيتوني تحدث للمرضى تحت عمر 30 عام. وأغلبهم مرضى النوع الأول من السكري. اقرأ أيضاً: الحمية الغذائية المناسبة لمرضى سكري الأطفال
يمكن التنبؤ بحدوث الحماض الكيتوني السكري من خلال مجموعة من الأعراض، منها:
- العطش المتكرر (الجفاف) وكثرة التبول.
- التعب والإرهاق العام، مع الإحساس بذبول الجسم، ويبدو الشخص مريضاً بشكل واضح.
- الغثيان والاستفراغ، ويمكن أن يرافقه ألم منتشر في كل البطن مع فقدان الشهية.
- الفقدان في الوزن بسرعة كبيرة في الأشخاص الذين تم تشخيصهم حديثاً بمرض السكري.
- التغير في مستوى الوعي والإدراك، وفي حال إهمال الحالة وعدم تلقي العلاج يمكن أن يصل المريض إلى مرحلة غيبوبة السكري.
أما الأسباب المؤدية لحدوث الحماض الكيتوني، فهي:
- عدم الالتزام بأخذ جرعات الأنسولين المطلوبة.
- وجود عدوى في الجسم مثل التهاب المسالك البولية، أو التهاب الرئة، وعدم معرفة المريض بحاجته إلى رفع جرعة الأنسولين.
- عدم تناول الطعام خلال فترة المرض وبالتالي عدم اخذ جرعة الأنسولين المخصصة.
- تعرض الشخص للتوتر العالي.
- تعرض الشخص للذبحة الصدرية.
اقرأ أيضاً: اغذية تناسب مريض السكري
نظام الكيتو الغذائي
أما نظام الكيتو الغذائي (بالإنجليزية: Ketogenic Diet)، فهو نظام غذائي يقوم بشكل أساسي على وضع الجسم في الحالة التي يعتمد فيها على الدهون بدل من السكر لإنتاج الطاقة، هذه الحالة تضمن خسارة الوزن الملحوظ إضافة إلى العديد من الفوائد الأخرى قصيرة وطويلة المدى مثل; خفض مستوى الدهون الثلاثية، والكوليسترول، ومستوى السكر في الدم، وزيادة مستوى الدهون المفيدة للقلب.
اقرا أيضاً: هل رجيم حرق الدهون بالدهون فعال؟
يبدو من الغريب معرفة وجود نظام غذائي يقوم بشكل أساسي على تناول الدهون، خصوصاً وأنها مرتبطة في الأذهان بشكل تلقائي بأن تناول الدهون يزيد الوزن ويسبب السمنة بشكل مباشر، لكن في حالة نظام الكيتو يتم اعتماد مبدأ حرق الدهون بالدهون، أي يجعل نظام الكيتو الجسم يعتمد على الدهون لإنتاج الطاقة، بدلا من السكر. يحدث ذلك من خلال نظام غذائي محدد يتم فيه تناول الطعام الغني بالدهون بكمية محددة، في المقابل تناول كمية قليلة جداً من الكربوهيدرات (السكريات). اقرأ أيضاً: أخطاء يقع بها متبعو الكيتو دايت
تم بناء هذا النظام الغذائي بدايةً لعلاج الأطفال الذين يعانون من نوبات تشنجيّة (الصرع)، وأظهرت نتائج هذا النظام انخفاض عدد النوبات إلى النصف في 50% من الأطفال، بينما 10-15% من الأطفال أصبحوا لا يعانون من أي نوبات.
تراكم الكيتون في الدم في نظام الكيتو الغذائي يكون ضمن المستويات الطبيعية والمستوى الطبيعي يكون بين 0.5-3.0 مليمول/لتر. هذا المستوى لا يؤدي إلى تغير حموضة الدم ويضمن حدوث حرق الدهون دون أي مضاعفات أخرى مثل التي تحدث في الحالة المرضية عند مرضى السكري. لذلك يعتبر هذا النظام آمن ومفيد لكثير من الأشخاص الذين يعانون من السمنة، والأمراض المزمنة المرتبطة بها.
وحتى يتبع الشخص نظام الكيتو الغذائي يجب أن يفهم طبيعة عمل هذا النظام، ومعرفة أنواع الأطعمة المسموحة والممنوعة، أيضاً من المهم معرفة أن الجسم لن يبدأ باستخدام الدهون لإنتاج الطاقة إلا إذا وصل الكيتون لمستوى مناسب في الجسم ويمكن أن يتم التأكد من ذلك من خلال مجموعة فحص الكيتون في المنزل إما عن طريق البول أو عن طريق الدم.
اقرأ أيضاً: فوائد كيتو دايت للتخلص من دهون البطن
علاج الحماض الكيتوني السكري
يتم علاج الحماض الكيتوني السكري في المشفى، وفي حال حاجة بعض المرضى المُلحة يمكن إدخالهم إلى العناية المركزة. يعتمد علاج الحماض الكيتوني على إعادة تروية الجسم من خلال إعطاء السوائل عن طريق الوريد، وتعويض النقص الحاصل في الإنسولين، إضافةً إلى أهمية تصحيح مستوى البوتاسيوم الذي يرتفع خلال هذه المضاعفات ويمكن أن يؤثر على عضلة القلب.
يبقى المريض في المشفى حتى يستقر وضعه بشكل كامل، ثم يتم إعادة تقييم حالة السكري لديه، ومقدار الأنسولين المناسب لضبط مستوى السكر في الجسم وتجنب حدوث هذه المضاعفات مرة أخرى.
مرضى السكري ونظام الكيتو الغذائي
يعاني عدد كبير من مرضى السمنة من إصابتهم بالسكري النوع الثاني كأحد مضاعفات وجود السمنة، ويوجد علاقة وثيقة بين السكري والسمنة، لذلك يعتبر النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات ونظام الكيتو من الأنظمة الغذائية الفعالة لمرضى السكري ومرضى السمنة. حيث ثبت تأثير هذا النظام على ضبط مستوى السكر في الدم وتحسين مستوى الدهنيات الضارة في الجسم بالإضافة إلى تقليل اعتماد المريض على الأدوية.
اقرأ أيضاً: التعايش الغذائي مع السكري
يجب استشارة الطبيب عند الرغبة بتطبيق نظام غذائي معين لتحديد الكميات، وتلبية حاجات جسم مريض السكري بشكل صحي لتجنب حدوث أيّة مضاعفات،
حيث أن هذا النظام الغذائي من الممكن أن لا يناسب جميع المرضى. كما أن التحويل من النظام الغذائي المعتاد إلى نظام الكيتو يزيد مستوى الكيتون في الجسم في الفترة الأولى، مما قد يعرض المريض للدخول في مشكلة الحماض الكيتوني السكري، لذلك ينصح بمتابعة مستوى السكر في الدم، وفي حال ارتفاعه لأكثر من 240 مليغرام/ديسيلتر يجب عمل فحص مستوى الكيتون.
بالنظر إلى تأثير نظام الكيتو على مرضى السكري من النوع الأول فلا يزال تأثيره قيد الدراسة، كما أنه لا يؤخر حدوث أي من المضاعفات الخاصة بهذا النوع من السكري.
يوجد العديد من الأنظمة الغذائية التي يمكن أن يتبعها مريض السكري، ولكن يجب استشارة الطبيب لتجنب حدوث أي مضاعفات، وأيضا من المهم عدم الانتقال بشكل سريع بين الأنظمة الغذائية المختلفة لمساعدة الجسم على التأقلم والاستقرار خصوصاً مع وجود مرض السكري.
اقرأ أيضاً: