تعتبر نزلات البرد أشهر أمراض العالم على الإطلاق. وفي الولايات المتحدة وحدها يتم سنويا تسجيل مليار حالة إصابة بنزلات البرد (common cold) وتقريبا لا يوجد إنسان إلا وتعرض لنزلات البرد عدة مرات، خاصة الأطفال، وهي مرض بسيط ويتماثل للشفاء من تلقاء نفسه في خلال أسبوع على الأكثر.

وعلى الرغم من أن كثيرا من الآباء يلجأون للأطباء لعلاج نزلة البرد بمجرد حدوثها فإنه لا يوجد شيء يمكن للطبيب عمله لتقليل مدة الإصابة، والمرض يسببه نوع من الفيروسات من نحو 200 نوع مسببة للمرض.

هناك كثير من الأفكار المغلوطة لدى كثير من الناس، وخاصة الآباء حول الإصابة بنزلات البرد وطريقة التعامل معها وهو الأمر الذي دفع الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال ( American Academy of Pediatrics) لنشر هذه الأفكار المغلوطة ومحاوله تصويبها على كثير من المواقع الطبية الإلكترونية.

من أهم الأفكار الخاطئة حول علاج الانفلونزا والبرد في الاطفال :

  • اللجوء السريع إلى الأدوية:

يعتقد معظم الآباء أن الإسراع بإعطاء الأدوية المضادة لنزلات البرد، التي تكون في الأغلب متوفرة في معظم المنازل، يكون بمثابة حل أولي وقائي للقضاء على أعراض نزلة البرد من عطس أو سعال في بدايتها.

ولكن أحدث التوصيات التي صدرت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي عن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال حذرت من اللجوء إلى أدوية البرد كخط دفاع أول ضد نزلات البرد، كونها قد تكون عديمة الجدوى بل وأحيانا ضارة.

وأشارت إلى أن هناك وسائل طبيعية يمكن اتباعها لتخفيف أعراض نزلات البرد وتجعل الطفل يشعر بتحسن دون اللجوء إلى الأدوية، وهو الأمر الذي أكدته دراسة نشرت في عام 2004 و أوضحت أن تأثير أدوية السعال لا يزيد على تناول أي سوائل أخرى، خاصة في الأطفال دون سن الثانية.

وفي عام 2007 أشارت دراسة أخرى إلى أن تناول العسل يفيد الأطفال في حالات السعال أكثر من أدوية السعال، فضلاً عن الأعراض الجانبية لأدوية السعال مثل الدوار والشعور بالنوم وبعض الأطفال قد يحدث معهم آلام بالمعدة خاصة إذا تناول الطفل جرعات زائدة حيث تظن معظم الأمهات أن هذه الأدوية ليست لها أعراض جانبية.

  • المضادات الحيوية سوف تعالج المرض:

يسود اعتقاد كبير عند معظم الناس وبالطبع الآباء، أن المضادات الحيوية سوف تعالج نزلة البرد وهي من أشهر الأخطاء الشائعة، وذلك ببساطه لأن المضاد الحيوي يكون مضادا للبكتيريا، بينما السبب في الإصابة بنزلة البرد هو عدوى فيروسية وقد يكون السبب في ذلك الآباء القلقون على صحة الطفل، ما يمثل ضغوطا على الأطباء لوصف المضادات الحيوية، ولكن هي بالفعل عديمة الجدوى فضلا عن تأثر الطفل بالأعراض الجانبية للمضادات الحيوية، مثل الإسهال وآلام البطن، بجانب أن البكتيريا المسببة للأمراض تكون مناعة ضد المضاد الحيوي الذي يتم استخدامه بكثرة ويمكن استعمال المضاد الحيوي فقط في حالة حدوث مضاعفات مثل التهاب الأذن الوسطى أو الالتهاب الشعبي وذلك بعد استشارة الطبيب.

الإنفلونزا ونزلات البرد

هناك مزاعم لا تفرق بين الإنفلونزا وبين نزلة البرد، وهذا خطأ شائع جداً، والحقيقة أن نزلة البرد مرض مختلف عن مرض الإنفلونزا (influenza) و لكن جرى "العرف" على اعتبارهما مرضا واحدا نظرا لتشابه الأعراض ولكن يوجد فروق بينهما، ففي حين تبدأ نزلة البرد تدريجيا على عدة أيام،

ويكون أول أعراضها في الأغلب:

- احتقانً بسيط أو ما يشبه الحكة في الحلق ثم يعقبها العطس أو سيلان من الأنف ونزول مخاط رمادي اللون

- السعال وارتفاع في درجة الحرارة، ولا يبدو الطفل معتلا

اما الإنفلونزا تحدث للطفل بشكل سريع، وليس تدريجيا ويبدو على الطفل اعراض منها:

-الاجهاد

-صداع شديد

-ألم في العينين وآلام في معظم أجزاء الجسم، إلى جانب الرشح والسعال واحتقان الحلق.

-فقدان شهية الطفل.

الاعراض التي تظهر في الرضع والأطفال دون سن الدراسة:

- يمكن حدوث إسهال وآلام في البطن

- ارتفاع في درجة الحرارة.

ومن الأمور التي يمكن أن تساعد الأم في معرفة الفرق هي إذا حدث تحسن للطفل بعد هبوط درجة الحرارة تكون الإصابة في الأغلب نزلة برد، بينما في الإنفلونزا لا تتحسن الحالة بمجرد هبوط الحرارة وفضلا عن حدة الأعراض في الإنفلونزا كذلك فإن حدوث مضاعفات مثل الالتهاب الشعبي أو التهاب الأذن الوسطى وارد بشكل كبير.

وبخصوص مزاعم أن التطعيم ضد الإنفلونزا لا يفيد الأطفال مثل الكبار، هو على عكس ما يعتقد معظم الآباء فإن التطعيم ضد الإنفلونزا مفيد للأطفال، مثلما هو مفيد للبالغين.

أشارت أحدث توصيات مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة إلى أن الأطفال فوق سن ستة شهور يمكنهم تناول التطعيم الخاص بالإنفلونزا على جرعتين يفصل بينهم فترة نحو أربعة أسابيع، والتطعيم عن طريق الحقن هو الأنسب للأطفال لأنه يحتوى على الفيروس بعد (قتله) بينما التطعيم عن طريق استخدام الرش في الأنف يحتوى على الفيروس، بعد أن يتم إضعافه، وهو مناسب أكثر للبالغين، ويستحسن تناوله قبل بداية موسم الإنفلونزا في نوفمبر(شهر 11).

التطعيم والإصابة بالإنفلونزا

مزاعم أنه يمكن الإصابة بالإنفلونزا بسبب التطعيم:

يخشى كثير من الآباء من إمكانية حدوث الإصابة بالإنفلونزا من التطعيم وهذه المعلومة خاطئة تماما، لأن التطعيم يحتوي على الفيروس (وهو ميت) وهناك استحالة أن يتسبب الفيروس بعد قتله في الإصابة بالمرض وربما يكون السبب في هذا الاعتقاد لدى الآباء أن التطعيم في الأغلب يسبب أعراضا تشبه الإصابة بالإنفلونزا مثل حدوث ارتفاع طفيف في درجة الحرارة وآلام في الجسم واحمرار وتورم مكان التطعيم، ولكن كل هذه العلامات مجرد رد فعل طبيعي على التطعيم.

مزاعم أن المكملات الغذائية تخفف حدة نزلات البرد:

يجزم كثير من الآباء أن تناول (فيتامين سي) عند بدء الشعور بأعراض البرد يخفف من حدة الأعراض، ويقصر من مدة المرض والحقيقة أن هذه المعلومة تحديدا، ظلت لعقود طويلة مؤكدة إلا أن الدراسات الحديثة التي تناولت هذه المعلومة أوضحت أن فيتامين «سي» يلعب دورا بسيطا جدا في تخفيف حدة أعراض البرد (وهذا على اعتبار أن يتناول الشخص يوميا 200 ملغرام وذلك لفترات طويلة) وبالتالي لا توجد ضرورة طبية لذلك، ولكن يمكن تناول الفيتامين بشكل طبيعي مثل تناول عصير البرتقال أو الليمون.

مزاعم أن شرب الحليب يزيد البلغم والمخاط:

تمتنع معظم الأمهات عن إعطاء أطفالهن الحليب أثناء إصابتهم بنزلات البرد ظنا منهن أن الحليب يزيد من إفراز المخاط وقد أجريت دراسات كثيرة على البالغين الذين يتناولون الحليب أثناء إصابتهم بنزلات البرد، وثبت عدم تأثر الأعراض بتناول الحليب، ولذلك لا توجد ضرورة طبية لمنع الأطفال من تناوله.

مزاعم أن الإصابة بنزلات البرد تعني ضعف المناعة:

هذا الاعتقاد يتملك كثيرا من الناس، وأن تكرار الإصابة بنزلات البرد يعني بالضرورة عدم المناعة، ولكن الحقيقة أنه حتى الأصحاء تماما يصابون بنزلات البرد. وفي إحدى الدراسات التي أجريت على 95 متطوعا من الأصحاء تم تنقيط الفيروس لهم بالأنف وظهرت الأعراض على نحو 75 في المائة منهم.

ولكن بالطبع فإن الطفل الذي يعاني من نقص في المناعة (بسبب أمراض مزمنة) تكون الأعراض أشد حدة من الطفل السليم، وبالنسبة للطفل الذي يتمتع بصحة جيدة لا تعتبر إصابته دليلاً على ضعف مناعته، خاصة مع وجود أكثر من 200 نوع من أنواع الفيروس المسببه للمرض.