الإحساس بالبرودة بشكل يختلف عن الأشخاص المحيطين، أو الشعور بحساسية زائدة من البرد مع قشعريرة الجسم خلال التواجد خارج المنزل بشكل يزيد عن الحالة الطبيعية هو ما يعرف بإسم برودة الجسم أو الحساسية المفرطة للبَرد (بالانجليزية: Cold intolerance).
يمكن أن تكون برودة الجسم أو الأطراف بسبب انخفاض حرارة الطقس، وذلك يعتبر رد فعل طبيعي للجسم، حيث يتم تنظيم درجة حرارة الجسم استجابة للتغيرات الداخلية والخارجية المختلفة. والمسؤول عن تنظيم درجة حرارة الجسم عدد من الأنظمة المختلفة يُنظم عملها معاً الغدة النخامية. والغدة النخامية ترسل إشارات معينة لتنظيم إنتاج الطاقة بشكل يضمن الحفاظ على درجة الحرارة ضمن الحد الطبيعي.
برودة الجسم تعطي إشارة إلى الغدة النخامية لتحفيز عمليات الأيض من خلال الغدة الدرقيةالتي تعمل على إنتاج الطاقة اللازمة لتدفئة الجسم. كما يستجيب الجسم لانخفاض درجة حرارته بتقليل تدفق الدم الذي يعتبر الناقل الأساسي للطاقة والدفء من مركز الجسم (القلب) إلى بقية الأعضاء. لذلك يقوم الجسم بتقليل تدفق الدم إلى الجلد والذي يعتبر عضو ثانوي ليتم نقل الدفء والطاقة إلى الأعضاء الحيوية والرئيسية مثل الدماغ والقلب والرئتين. لذلك يشعر الشخص ببرودة الجسم وبرودة الأيدي، والأقدام، والأنف، والأذنين.
إضافة إلى الغدة النخامية والغدة الدرقية فإن الدهون الموجودة في الجسم تعمل كحاجز لمنع تسرب الحرارة إضافة إلى أنها تشكل مصدر للطاقة عند احتراقها مما يعمل على تدفئة الجسم. ولكن على الرغم من وجود كل هذه الأنظمة لمنع برودة الجسم الأ أن بعض الأشخاص يعانون من برودة الجسم بشكل يختلف عن الآخرين، وبالتالي من الممكن أن يكون أحد الأسباب التالية هو سبب برودة الجسم.
أسباب برودة الجسم
يمكن أن تدل برودة الجسم وبذل مجهود مضاعف لتدفئة الجسم على ضعف الصحة البدنية بشكل عام، ويمكن أن تكون أشارت تدل على وجود مشكلة صحية. ومن هذه الأسباب:
فقر الدم وبرودة الجسم
فقر الدم هو قلة عدد كريات الدم الحمراء الذي يتسبب في نقص وسيلة النقل الأساسية التي تنقل الأكسجين لجميع أنحاء الجسم. فقر الدم يترافق معه مجموعة من الأعراض مثل:
- الانهاك والشعور بالتعب.
- تساقط الشعر.
- الدوخة.
- الصداع.
- صعوبة التركيز.
- شحوب في الجلد.
وغيرها من الأعراض والعلامات التي تدل على أسباب حدوث فقر الدم سواء كان بسبب فقدان الدم عن طريق الدورة الشهرية، أو الجهاز الهضمي، أو من خلال سوء التغذية، أو بسبب سوء الامتصاص والمشاكل الهضمية.
للمزيد: أعراض فقر الدم
فقدان الشهية العصبي قد يسبب برودة الجسم
فقدان الشهية العصبي (بالانجليزية: Anorexia nervosa) هو اضطراب يتعلق بالطعام حيث يعاني المريض من الخوف الشديد من زيادة الوزن، مع فقدان الوزن، وتشوه الصورة التي يرى بها المريض نفسه. حيث يرى المريض نفسه بأنه سمين على الرغم من انخفاض وزنه تحت الحد الطبيعي.
مرضى فقدان الشهية العصبي يعانون من انخفاض كمية الطعام الذي يتناولونه بشكل مخيف، وعند تناولوا الطعام يحاولون اخراجه من الجسم بأي طريقة سواء من خلال الاستفراغ أو تناول المسهلات. ويعاني مرضى فقدان الشهية العصبي من برودة الجسم وعدم تحمل البرد بسبب انخفاض الكتلة الدهنية في أجسامهم. كما يعاني مرضى فقدان الشهية العصبي من أعراض أخرى إضافة إلى برودة الجسم وهي:
- ضعف الذاكرة والقدرة على التركيز.
- الإحساس بالدوار وضعف الجسم بشكل عام.
- انقطاع الدورة الشهرية عند السيدات المصابات بفقدان الشهية العصبي.
- تساقط الشعر، وهشاشة الأظافر مع تكسرها.
- تأخر التئام الجروح.
- الخوف من تناول الطعام أمام الناس.
- الانعزال الاجتماعي.
- اضطرابات النوم والأرق.
- الإمساك واضطراب الجهاز الهضمي.
برودة الجسم الناتجة عن نقص إفراز الغدة الدرقية
تلعب الغدة الدرقية دوراً مهماً في تنظيم درجة حرارة الجسم من خلال عمليات الأيض وحرق الدهون. وأي اضطراب في إفراز هرمون الغدة الدرقية يرافقه اضطراب في درجة حرارة الجسم من ارتفاع أو انخفاض. ويصاحب نقص إفراز الغدة الدرقية مجموعة واسعة من الأعراض بسبب انخفاض إنتاج الطاقة في الجسم، يتصدر هذه الأعراض برودة الجسم وعدم تحمل البرد على الرغم من اعتدال الجو المحيط، إضافة إلى الأعراض التالية:
- التعب العام.
- الشعور بالاكتئاب.
- ضعف الشعر وتكسره.
- الإمساك.
- اضطراب في الدورة الشهرية.
- انخفاض معدل ضربات القلب.
أمراض الشرايين الطرفية وبرودة الجسم
تحدث أمراض الشرايين الطرفية عند تراكم الترسبات في جدار الشريان، أو عند حدوث تصلب الشرايين في جدار الشريان، ويكون ذلك في الشرايين الطرفية الموجودة في الأيدي والأقدام. هذا التراكم يؤدي إلى تضييق الوعاء الدموي مما يؤدي إلى انخفاض التدفق الدموي للمنطقة الذي يغذيها الشريان.
أمراض الشرايين الطرفية التي يحدث بسببها نقص في تروية المناطق المغذية لها يكون تأثير هذا التضييق واضح بشكل أكبر في الجو البارد. حيث يعمل البرد على تضييق الوعاء الدموي بشكل مضاعف فيشعر المريض بالخدر أو الوخز، والألم في المنطقة التي يغذيها الشريان. وفي حالات تضييق الشريان الشديد وانقطاع التروية الدموية بشكل كامل يمكن أن يؤدي ذلك إلى تضرر الأنسجة وموتها بشكل كامل.
متلازمة رينو قد تسبب برودة الجسم
كاستجابة طبيعية للبرد يقوم الجسم بتقليل تدفق الدم إلى الجلد والأطراف مقابل توجيه الدفء والطاقة بشكل أكبر لمركز الجسم والأعصاب الحيوية. ولكن عند انقباض الشرايين بشكل أكثر من اللازم وأسرع من المعتاد فإن ذلك يعرف باسم متلازمة رينو (بالإنجليزية: Raynaud s Disease) وتحدث نتيجة استجابة الجسم للبرد أو التوتر.
انقباض الشرايين الشديد والسريع يؤدي إلى تغير لون الأصابع حيث يتحول لون الجلد الوردي الطبيعي إلى اللون الأبيض الشاحب أو الأزرق. يستمر هذا التأثير ل 15 دقيقة وثم يعود الشريان للارتخاء والتوسع، ولكن يرافق حدوث تغير اللون نتيجة محدودية الدم المتدفق، بالخدر أو الوخز. وعند عودة تدفق الدم الطبيعي يمكن أن تصبح الأصابع حمراء اللون مع إحساس بالألم والوخز.
تنقسم ظاهرة رينود إلى ظاهرة رينود الأولية; وهي التي تصيب الشخص دون وجود أي سبب آخر، وتحدث في شخص من كل 10 أشخاص بشكل وشدة مختلفة.
ظاهرة رينود الثانوية; وهي التي تحدث بشكل مترافق مع وجود مرض مزمن في الجسم مثل مرض الذئبة الحمراء أو التهاب المفاصل الروماتويدي. وتحدث في شخص بين كل 100 شخص مصاب بهذه الأمراض المزمنة.
للمزيد: ظاهرة راينود وعلاقتها بالطقس البارد
برودة الجسم بسبب مشاكل في الغدة النخامية
الغدة النخامية هي مركز التنظيم الأساسي لحرارة الجسم، أي خلل أو مشكلة بها يؤثر على الشعور بالدفء والبرودة.
برودة الجسم الناتجة عن انخفاض حرارة الجسم
تنخفض حرارة الجسم تحت الحد الطبيعي عند التعرض للبرد الشديد لفترة طويلة حيث يفقد الجسم قدرته على التدفئة أو نتيجة وجود التهاب في الدم، أو عدوى حادة في الجسم يحدث ذلك بشكل أكبر في الأطفال وكبار السن، حيث يعاني كلاهما من انخفاض الدهون، وضعف المناعة للمقاومة مقارنة بالشباب. تعتبر حمى الحرارة المنخفضة (بالانجليزية: Hypothermia) عرض خطير ويحتاج لتدخل سريع وإلا فإنه من الممكن أن يؤدي للوفاة.
تشخيص برودة الجسم
برودة الجسم أو الحساسية الزائدة من البرد يمكن أن تكون طبيعية في بعض الأشخاص حيث يعتبر استجابة زائدة للبرودة من خلال تضييق الأوعية الدموية وتوجد في السيدات بشكل أكبر. ويمكن أن يكون سبب البرودة أحد الأسباب المذكورة سابقاً، لذلك يقوم الطبيب بأخذ السيرة المرضية وعمل الفحص السريري، ومن الممكن أن يقوم بطلب مجموعة من الفحوصات التي تساعد على تحديد التشخيص.
علاج برودة الجسم
يختلف علاج برودة الجسم باختلاف السبب المؤدي لها، ففي الحالات التي لا يوجد مسبب لها وتعتبر تلك طبيعة جسدية يمكن التعامل مع ذلك من خلال تدفئة الجسم بشكل جيد، والتدرج في الانتقال لدرجة حرارة منخفضة.
يتم علاج فقر الدم بعلاج المسبب له ومعالجة النقص من خلال إعطاء العنصر الناقص والمؤدي لِفقر الدم سواء كان نقص الحديد، أو نقص فيتامين ب12، أو غيرهما.
نقص إفراز الغدة الدرقية يتم تعويضه من خلال أخذ هرمون الثايروكسين على شكل حبوب.
علاج أمراض الشرايين الطرفية يشمل تغيير نظام الحياة من خلال ممارسة الرياضة والتوقف عن التدخين، ويمكن أن يتم استخدام موسع للأوعية الدموية وفي الحالات الشديدة قد يحتاج المريض لإجراء عملية جراحية.
يهدف علاج متلازمة رينو إلى منع حدوثها أو تقليل أثرها إذا حدثت. ويتم ذلك من خلال الحفاظ على الأطراف في جو جاف ودافئة إضافة إلى ممارسة الرياضة وتجنب التوتر. كما ينصح بتجنب الأدوية التي تحتوي على مركب السودوإيفيدرين لأنه يزيد من الأعراض.
يمكن وصف العلاجات التي تساعد على تقليل تضيق الشرايين، ولكن في الحالات الشديدة التي لا يمكن التحكم بها ويمكن أن تؤدي إلى ضرر مزمن في الأصابع يمكن أن ينصح الطبيب بعملية جراحية.
يقوم علاج فقدان الشهية العصبي على قسمين رئيسيين هما العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الغذائي، كلاهما يعملان بشكل متكامل لتحسين صورة الذات وتَزويد الجسم بالغذاء اللازم لتجنب المضاعفات الحادة لهذا المرض.