في الوقت الذي تعاني فيه جميع الفئآت العمرية، ﻻ سيما الأطفال من البدانة، نجد أطفاﻻ آخرين يعانون من نقص ملحوظ في الوزن مقارنة بالأوزان الطبيعية لأقرانهم في المرحلة العمرية والجنس .

تتعدد العوامل المُسببة لنحافة الأطفال فمنها المتوقع كالولادة المبكرة للطفل (الخداج) وأخرى غير متوقعه كسوء التغذية أو اضطرابات هضمية تؤثر في عملية الامتصاص مما قد يتسبب باختلالات النمو .

وكما أن للبدانة آثار جانبية تهدد حياة الطفل فان للنحافة أثار جانبية قد تكون خطيرة اذ ان طور النمو في مرحلة الطفولة يتسارع بشكل ملحوظ مما يتطلب الحفاظ على التغذية السليمة التي تؤثر بدورها على الصحة الجسدية والنفسية .

تتسبب النحافة باضعاف جهاز المناعة وبطء معدل النمو وبالتالي عدم بلوغ الطفل لمستويات الطول الطبيعية والمقاربة لمن هم في عمره وجنسه، كما وقد تؤثر في قدراته التعليمية .

قد قدمت منظمة الصحة العالمية (WHO) بعض الإحصاءات لعام 2012 وأشارت من خلالها الى نحافة ما يقارب 17% من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات في الدول النامية، أي ما يُعادل 97 مليون طفل وذلك نتيجة لسوء التغذية وخاصة في المناطق الجنوبية للقارة الآسيوية .

للمزيد:

أسباب ومضاعفات النحافة وكيفية الوقاية منها

لا تعد النحافة، أو عدم اكتساب الوزن المناسب لسن الطفل وجنسه مرضاُ بحد ذاته ، بل قدتكون عرضاً لاضطرابات مرضية أو عرضية مختلفة؛ كما في اضطرابات عملية امتصاص المواد الغذائية في الامعاء و بالتالي عدم كفاية المواد الغذائية اللازمة لعملية النمو كالبروتينات، و الكاربوهيدرات و الدهون. أما في حالة الولادة المبكرة فترتبط بدورها بضعف جهاز المناعة لدى الطفل .

يختلف السبب الكامن وراء نحافة كل طفل اعتماداً على عمر الطفل ، فيولد العديد من الاطفال بأوزان أقل من الطبيعي نتيجة اختلال في نمو الجنين في رحم الام لأسباب عدة منها إصابة الأم بحالة مرضية ما أثناء الحمل أو استخدامها لعلاجات دوائية قد تؤثر على النمو الطبيعي للطفل.

للمزيد:

النحافة المفرطة وآثارها السلبية

أما الاطفال الذين تقل أعمارهم عن شهر واحد فقد تنتج نحافتهم عن أسباب عدة منها صعوبة المص أثناء الرضاعة سواء كانت طبيعية أو صناعية ، كما وقد تنجم عن اضطراب مرضي يؤثر على امتصاص العناصر الغذائية في أمعاء الطفل .

للمزيد: الطريقة السليمة لإرضاع الطفل

يشار إلى أن الفقر والمرض يعدان من أهم العوامل الهامة لنحافة الطفل في عامه الأول ، وتتضمن الأمراض التي قد تفضي إلى ذلك المشاكل الصحية التي تمنع امتصاص الطفل للمواد الغذائية، كالتليف الكيسي و الداء البطني (سيلياك ) فضلا عن الاضطرابات الاخرى مثلالتوحد.

للأم دور كبير فيما يتعلق بنحافة طفلها لاتباعها بعض السلوكيات ومنها :

  • جهلها بكيفية اطعام طفلها ومقدار ونوعية الغذاء الذي يجب أن يحصل عليه الطفل بشكل ملائم لعمره .

للمزيد: دليلك لتغذية طفلك الرضيع

  • تأخر تقديم الطعام الصلب للطفل في عامه الأول .
  • عدم ادراكها للعلامات التي تدل على اكتفاء طفلها من الطعام مما يتسبب بتوقفها عن اطعامه بالرغم من حاجته للمزيد .

أما الأطفال الاكبر عمرا، فقد يكون السبب وراء ذلك هو رفضهم للطعام في حالة تعرف بالطفل الانتقائي، خاصة اذا كان الطفل قد بدأ بتناول الطعام بنفسه، حيث يصبح بإمكانه اختيار نوع ومقدار الطعام الذي يتناولونه، ما يمنحه قدرا من السيطرة على حياته، فيقومون بالتوقف عن تناول أي أطعمة لا يحبونها.

أما الأطفال الأكبر سنا الذين يقتربون من مرحلة المراهقة ، فقد يكون السبب وراء نحافتهم الإصابة بأحد اضطرابات الطعام المرافقة للاضطرابات النفسية المرافقة لهذه المرحلة وتشوه صورة الشخص أمام نفسه وتجعله يسعى، وبكل الأساليب لانقاص وزنه ، وتعد الفتيات أكثر عرضة لهذه الاضطرابات .

للمزيد: عشرة أسباب تجعل طفلك انتقائيا في طعامه

العلاج:

يُعد الهدف الرئيسي لعلاج نحافة الأطفال إمداد الطفل بما يحتاجه من مواد غذائية وسعرات حرارية ليبلغ الوزن الملائم لجنسه وعمره كما تعتمد الخطة العلاجية للنحافة على العامل المُسبب لها .

في الحالات الأقل حدة، يتم علاج نحافة الاطفال في المنزل وذلك تحت إشراف طبيب أو اختصاصي تغذية بضمان التزام الأبوين بالنصائح اللازمة من حيث مقدار ونوعية الغذاء المُقدم للطفل وتكرار الوجبات الغذائية ، وقد يحتاج بعض الاطفال للمكملات الغذائية الغنية بالفيتامينات والمعادن .و في حال كان الطفل انتقائيا في طعامه، قد يصف له الطبيب مكمل غذائي مدعم بالمواد الغذائية المهمة له.

أما في الحالات الاكثر حدة، فتُصنف الخطط العلاجية لنحافة الطفل إلى محاور عديدة كالعلاج الغذائي الذي يستلزم في الحالات المزمنة الإدخال إلى المستشفى وخاصة اذا كان الطفل يُعاني من سوء تغذية شديد وتتطلب حالته اشراف مباشر من الأخصائيين وخبراء التغذية وحصوله على الغذاء عن طريق الوريد وخاصة اذا كان يُعاني من صعوبة في البلع أو القيء المتكرر.

محور آخر للعلاج يجب ادراجه في الخطة العلاجية إن لزم الأمر وهو العلاج الطبي الذي يتطلب علاج الحالة المرضية المُسببة للنحافة ، كما في علاج الارتداد المريئي أو فرط الحساسية المرافق لتناول بعض الأغذية التي قد تكون أساسية مما يتطلب تدخل اختصاصي المناعة واختصاصي الجهاز الهضمي للاشراف على حالة الطفل .

للمزيد: النحافة و زيادة الوزن

تجدر الاشارة الى ضرورة عدم حرمان الطفل من أي مادة غذائية كالحليب أو أي من منتجات الألبان دون استشارة الطبيب حتى في حالة الشك بحساسية الطفل لتناولها .

أما عن المحور النفسي والاجتماعي فلا يمكن تجاهله فاصابة الطفل بأحد اضطرابات الطعام، ادراكه للمشاكل الاسرية بين الأبوين أو جهل الام بكيفية تغذية طفلها أو عدم تركيزها على نوعية الغذاء اللازم لنمو طفلها وفيما يتعلق بمحور اضطرابات النمو والسلوك، فإنها قد تتسبب بمشاكل للطفل من حيث قدرته على البلع والمضغ مما يؤكد على ضرورة عدم اهمال هذه العلامات .