تتعدد الأسباب المؤدية للإصابة بالدوخة بعد تناول الطعام في رمضان. وعلى الرغم من أن الغالبية تعاني من الشعور بالدوخة أثناء الصيام لساعات طويلة قبل تناول الطعام، إلّا أن البعض قد يشعر بالدوخة بعد تناول وجبة الإفطار.
نستعرض في هذا المقال أهم أسباب الدوخة بعد الإفطار في رمضان.
أسباب الدوخة بعد الإفطار في رمضان
تتعدد أسباب الشعور بالدوخة بعد الإفطار في رمضان، إذ تتضمن أسباب طبيعية كانخفاض ضغط الدم بعد الأكل، أو أسباب طبية كالإصابة بمرض السكري، ونوضح فيما يلي بعضًا من هذه الأسباب: [1]
انخفاض ضغط الدم بعد الأكل
يُعرَّف انخفاض ضغط الدم بعد الأكل (بالإنجليزية: Postprandial hypotension) بأنه انخفاض ضغط الدم الانقباضي حتى 20 مل زئبقي خلال ساعتين من تناول الطعام. وتشيع الإصابة به بين مرضى ارتفاع ضغط الدم؛ إذ تفقد الأوعية الدموية لديهم مرونتها وقدرتها على الانقباض والارتخاء وتتصلب، وبالتالي تزيد صعوبة تدفق الدم للدماغ والجهاز الهضمي في الوقت ذاته، مما يسبب الشعور بالدوخة نتيجة قلة تدفق الدم إلى الدماغ بعد الأكل.
كما قد يصاب به كبار السن والمصابون ببعض الأمراض المزمنة التي تؤثر في الجهاز العصبي الذاتي، مثل مرض باركنسون أو المصابون بالنوع الثاني من مرض السكري، نتيجة تأثير هذه الأمراض في الأعصاب. [1][2]
ويُعزى السبب الفسيولوجي لهذه الحالة إلى عملية الهضم المعقدة التي تتطلب تنسيقاً عالي الدقة بين الجهاز الهضمي والجهاز الدوارني والجهاز العصبي. حيث أنه بعد تناول الطعام، يتم تحويل الدم نحو المعدة والأمعاء لإتمام عملية الهضم. ومن أجل الحفاظ على ضغط الدم الطبيعي وتغذية الدماغ وبقية أعضاء الجسم، تنقبض الأوعية الدموية البعيدة عن الجهاز الهضمي، وتزداد قوة وعدد ضربات القلب.
لكن في بعض الأحيان لا يستجيب القلب والأوعية الدموية كما يجب مما يتسبب في انخفاض ضغط الدم في الجسم كافة عدا الجهاز الهضمي فتظهر أعراض كالشعور بالدوخة والإصابة بالإغماء، وألم الصدر، والشعور بالغثيان، والرؤية المزدوجة، كما تزداد العرضة للإصابات نتيجة السقوط. [2][3]
يمكن أن يرتبط انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام بعدة عوامل، منها نوع الطعام، وسرعة تفريغ المعديّ للأمعاء، ومدى ومكان امتصاصية العناصر الغذائية في الأمعاء، بالإضافة إلى ما يأتي: [2]
- تناول كميات كبيرة من الكربوهيدرات: يسبب تناول الكربوهيدرات بكميات كبيرة إلى ارتفاع مستويات الإنسولين وغيره من العناصر الكيميائية في الدم مسبباً توسع الأوعية الدموية المفرط في الجهاز الهضمي وهبوط ضغط الدم. إضافة إلى ذلك، تناول الوجبات الدهنية أو الغنية بالبروتين قد يتسبب بالشعور بالدوخة خاصةً لدى كبار السن.
- تناول أدوية ضغط الدم المرتفع: يعد الأشخاص الذين يتناولون أدوية الضغط ضمن خطتهم العلاجية أكثر عرضةً للإصابة بانخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام وللإغماء وانخفاض مستويات سكر الدم. وكلما زاد تأثير تلك الأدوية زادت العرضة بانخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام، لذا يجب التوجه للطبيب المختص لتعديل الخطة الدوائية عند الشعور بالدوخة بعد تناول الطعام.
- التقدم بالعمر: يُعزى السبب الفسيولوجي إلى إصابة كبار السن بانخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام إلى تركز التروية الدموية لفتراتٍ طويلة في الأوعية الدموية الحشوية في البطن بعد تناول الطعام، والذي يعد أمراً نادر الحدوث لدى الأصغر سناً.
اقرأ أيضًا: انخفاض ضغط الدم في رمضان
نقص ضغط الدم الانتصابي
يُعرف نقص ضغط الدم الانتصابي (بالإنجليزية: Orthostatic Hypotension) بأنه انخفاض ضغط الدم عند الانتقال من وضعية الجلوس إلى الوقوف. ولا يعد انخفاض الضغط في هذه الحالة ناتجًا عن الطعام المُتناول بل عن الانتقال من وضعية الجلوس أثناء تناول الطعام إلى الوقوف المُفاجئ.
ويمكن أن يكون انخفاض ضغط الدم الانتصابي عرضاً عابراً لدى البعض؛ وشرب كميات مناسبة من الماء قد يكون العلاج المناسب. في المقابل، قد يُعزى سبب الشعور بالدوخة بعد تغيير الوضعية من الجلوس إلى الوقوف إلى بعض الحالات الطبية كالتالي: [1]
- اعتلالات الجهاز العصبي.
- انخفاض سكر الدم.
- أمراض القلب.
- الجفاف.
- فقر الدم.
- الحمل.
- انسداد الأوعية الدموية.
- التعرض لدرجات حرارة عالية.
للمزيد: ما أسباب انخفاض ضغط الدم؟
نقص سكر الدم التفاعلي
يمكن أن يسبب انخفاض السكر في الدم بعد تناول الطعام الشعور بالدوخة بعد الإفطار، ويعرف باسم نقص سكر الدم التفاعلي (بالإنجليزية: Reactive Hypoglycemia). وعلى الرغم من ندرة هذه الظاهرة وعدم الفهم الكامل لها، إلاّ أنه يُعتقد بأن ارتفاع مستوى الإنسولين بشكل كبير ومفاجيء في الدم نتيجة تناول الطعام، يسبب انخفاض مستوى السكر في الدم بشكل مفاجئ، مسبباً الشعور بالدوخة الذي تصحبه عدة أعراض أخرى كالشعور بالاضطراب والتوتر والتعرق وارتجاف الجسم والجوع والشعور بالنعاس كذلك. [1][3]
وتجدر الإشارة بأن هؤلاء الذين خضعوا لعمليات في المعدة معرضون لانخفاض سكر الدم وذلك بسبب قيام المعدة بهضم الطعام بشكل سريع مقللاً بذلك وقت امتصاص الجسم للجلوكوز.
كما وتعد الإصابة ببعض الحالات الطبية النادرة والتي يفتقر فيها الجسم إلى بعض الإنزيمات الهضمية مسبباً انخفاض مستويات السكر بعد تناول الطعام. ولا يمكن استثناء مصابو مرض السكري أو حالة ما قبل مرض السكري من احتمالية تعرضهم للحالة، إذ يتم إنتاج الإنسولين في الجسم بكميات كبيرة معرضاً إياهم إلى هبوط مستوي السكر في الدم بعد تناول الطعام. [1]
اقرأ أيضًا: أسباب انخفاض السكر لغير المصابين بالسكري
تناول أدوية مرض السكري
يمكن أن يسبب تناول بعض أدوية مرض السكري بانخفاض حاد في مستوى سكر الدم وبالتالي الشعور بالدوخة بعد تناول الإفطار في حال تم أخذها قبل أو بعد تناول وجبة لا تحتوي على القدر الكافي من الكربوهيدرات. وعادةً ما يصاحب الدوخة في هذه الحالات ظهور أعراض أخرى كتسارع نبضات القلب، والتعرق المفاجئ، والاضطراب والتوتر وارتجاف الجسم والجوع.
كما يمكن لحقن كمية زائدة من الإنسولين أو حقنها في العضل مباشرة أن تخفض من مستوى السكر بالدم، وبالتالي الشعور بالدوخة، لذلك يُنصح بمراجعة الطبيب المُعالج لتعديل الخطة الدوائية أو الغذائية في شهر رمضان حسب الحاجة. [1][5]
المحفزات الغذائية
قد يحفز تناول إحدى العناصر الغذائية إلى الإصابة بالدوخة بعد الإفطار نتيجة ارتباطها بحالة طبية مؤقتة أو مزمنة تسبب الشعور بالدوخة. فمثلاُ قد يؤدي تناول بعض الأطعمة كالشوكولاتة ومنتجات الحليب والمكسرات والأطعمة المخللة والأطعمة المحتوية على أُحادي جلوتومات الصوديوم وأخيراً المشروبات الكحولية إلى تحفيز الإصابة بنوبات الصداع والدوخة لدى مرضى الشقيقة.
كما قد يسبب تناول المنبهات التي تحتوي على الكافيين كالمشروبات الغازية والقهوة بعد تناول الإفطار الشعور بالدوخة لدى المصابين بأمراض القلب وكبار السن لتأثرها على زيادة معدل ضربات القلب. [4]
للمزيد: مرض الشقيقة والصيام في رمضان
حساسية الطعام
قد تسبب حساسية الطعام تجاه بعض العناصر الغذائية كالبيض أو مشتقات الألبان أو بعض الأغذية البحرية أو المكسرات برد فعل تحسسي التهابي في الجسم مسببة عدة أعراض منها الشعور بالدوخة، ووخز أو حكة في الفم، وتورم في الشفتين، الوجه، اللسان، أو الحلق، واحتقان في الأنف، وظهور طفح جلدي.
وقد تظهر هذه الأعراض خلال دقائق قليلة أو ساعتين من تناولها. لذا وجب التنويه للانتباه إلى الطعام المُتناول وتجنب تناول المسبب للحساسية منها. ويجب الاتصال بالإسعاف للحصول على الرعاية الطبية الطارئة في حال صاحب الشعور بالدوخة ظهور طفح جلدي، وتسارع أو اضطراب في دقات القلب، وصعوبة في التنفس، وصفير الصدر، وتورم في الوجه، الشفتين، اللسان، أو الحلق،إذ تدل هذه الأعراض على الإصابة بالحساسية المفرطة أو التأق (بالإنجليزية: Anaphylaxis). [5][6]
اضطرابات الجهاز الهضمي
قد يصاب الشخص بالدوخة بعد الإفطار نتيجة الإصابة بأحد اضطرابات الجهاز الهضمي. فعلى سبيل المثال، قد تسبب الإصابة بالارتجاع المعديّ المريئيّ الشعور بالحرقة والدوخة، نتيجة ارتجاع حمض المعدة إلى المريء. كما قد تحدث الدوخة بعد الإفطار عند الإصابة بخزل المعدة (بالإنجليزية: Gastroparesis) إذ لا تقوم المعدة بتفريغ الطعام بالمعدل الطبيعي مسبباً الشعور بالدوخة بعد تناول الطعام أيضاً. [6]
نصيحة الطبي
يُنصح بمراجعة الطبيب المختص في حال تكرر الشعور بالدوخة بعد تناول الإفطار في رمضان لتشخيص الأسباب وعلاجها. ويمكن الاستفادة من تطبيق الطبي للحصول على خبرة آلاف الأطباء المعتمدين والموثوقين لتقديم الاستشارات الطبية من خلال مكالمات صوتية أو محادثات نصية.