تتعدد العوامل التي يمكن أن تقود شخص إلى الانتحار، وعادةً ما تكون مرتبطة بمشكلات نفسية في المرتبة الأولى، وللمساعدة في الوقاية من الانتحار، تم تخصيص يوم 10 سبتمبر من كل عام ليصبح اليوم العالمي لمنع الانتحار (بالإنجليزية: International Association for Suicide Prevention)، ودعماً منا لهذا اليوم، سوف نلقي الضوء على الأدوية التي يمكن أن تستخدم في الوقاية من الانتحار، ومدى فعاليتها.
دواء الليثيوم
يعمل الليثيوم (بالإنجليزية: Lithium) على تقليل الرغبة في الانتحار من خلال السيطرة على الحالة النفسية، وهو علاج معتمد لبعض الأمراض، مثل الهوس، والاضطراب ثنائي القطب، وتقلبات المزاج المرتبة بالاضطرابات العقلية الأخرى.
يقوم الليثيوم بتقليل انتكاس اضطرابات المزاج، ومع ذلك، فإن الليثيوم ليس فعالاً في علاج المراحل الحادة من الاضطرابات النفسية مثل مضادات الاكتئاب الأخرى، ولكن هناك مزيد من الحالة لتأكيد العلاقة بين الليثيوم والوقاية من الانتحار.
يجب تجنب العلاج بالليثيوم في الحالات التالية:
- المرضى الذين يعانون من اختلال وظائف الكلى.
- المرضى الذين يتناولون الأدوية المتزامنة التي تزيد أو تقلل من تركيزات الليثيوم.
- الأشخاص الذين لديهم عوامل خطر أخرى لسمية الليثيوم.
وعند وصف الليثيوم للمرضى المعرضين لخطر الانتحار، ينبغي الإلتزام بالجرعات المحددة ومواعيد تناول الدواء لتفادي أي مخاطر محتملة.(1)
مضادات الاكتئاب
قد يرتبط الانتحار باضطرابات الصحة العقلية، وخاصةً اضطرابات المزاج، ولأن مضادات الاكتئاب هي العلاج الأكثر شيوعاً لاضطرابات المزاج، فيمكن أن تساعد هذه الأدوية في تقليل خطر الانتحار.
ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن فعالية وسلامة مضادات الاكتئاب، ففي بعض الحالات، يمكن أن تزيد مضادات الاكتئاب من خطر السلوك الانتحاري بدلاً من الوقاية منه، وخاصةً عند الشباب.
على الرغم من أن أعراض الاكتئاب غالباً ما ترتبط بخطر الانتحار، إلا أنه لم يتم إثبات تأثير أي دواء مضاد للاكتئاب على تقليل مخاطر الانتحار لدى مرضى الاكتئاب، قد تفيد مضادات الاكتئاب في تقليل السلوك الانتحاري في المرضى الذين يعانون من اضطرابات المزاج، إذ يجب علاج السبب الأساسي حتى يمكن الوقاية من المضاعفات مثل الانتحار.
تعد مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (بالإنجليزية: Selective Serotonin Reuptake Inhibitors)، من أبرز الأدوية التي تساعد في علاج الاضطرابات الاكتئابية التي يمكن أن تزيد من خطر الانتحار، إذ أن هذه الأدوية تعمل على خفض مستويات السيروتونين في السائل الدماغي النخاعي الذي يسبب ظهور العدوانية والاندفاع في حالة ارتفاعه.
مع ذلك، قد تزيد بعض أدوية الاكتئاب من خطر الإنتحار بدلاً من الوقاية منه، ولذلك يجب مراقبة الأشخاص الذين يتناولون مضادات الاكتئاب بأنواعها المختلفة، وملاحظة أي تغيرات نفسية أو سلوكيات انتحارية خلال مرحلة العلاج.
وعند وصف مضادات الاكتئاب للمرضى المعرضين لخطر الانتحار، ينبغي التأكد من تناول الجرعة المحددة من قبل الطبيب لتفادي خطر الجرعة الزائدة.(2) (3)
للمزيد: أنواع مضادات الاكتئاب واستخداماتها
فحص الكشف عن الإكتئاب
يستعمل هذا الفحص لتحديد نسب لإحتمالية معاناة شخص ما من الإكتئاب, ويعتمد في ذلك على مدى تكرر الشعور بالاكتئاب وانعدام التلذذ خلال الأسبوعيين السابقين للفحص, وإعطاء عدد معين من النفاط لكل حالة.
يمكن تقسيم النقاط الناتجة عن هذا الفحص على شكل نسب لاحتمال معاناة الشخص من الاكتئاب كما يلي:
• صفر نقطة: أقل أو يساوي 0.6%.
• نقطة واحدة: أكثر من 0.6%.
• نقطتان: أكثر من 1.3%.
• 3 نقاط: أكثر من 5.4%.
• 4 نقاط: أكثر من 15.7%.
• 5 نقاط: أكثر من 17.9%.
• 6 نقاط: أكثر من 58.1%.
يعتبر الحصول على 3 نقاط في هذا الفحص حداً فاصلاً لتشخيص الاكتئاب، حيث أنّ الحصول على 3 نقاط أو أكثر يعني زيادة احتمالية معاناة الشخص من الاكتئاب.
نتائج العملية الحسابية
مضادات الذهان والفصام
يمكن استخدام مضادات الذهان كعلاج مكثف في إدارة الاضطراب الاكتئابي الرئيسي، وعلاج الاضطرابات الاكتئابية ثنائية القطب.
تساعد الأدوية التي تحتوي على المادة الفعالة كلوزابين (بالإنجليزية: Clozapine) في علاج الذهان والفصام، ومع ذلك، يعتبر الدواء الوحيد الذي يحتوي على إشارة محددة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (بالإنجليزية: Food and Drug Administration) للحد من مخاطر السلوك الانتحاري المتكرر لدى مرضى الفصام، أو اضطراب الفصام العاطفي.
على الرغم من أن كلوزابين مفيد لبعض المرضى، إلا أن هناك بعض المخاطر المرتبطة بهذا الدواء، وأبرزها تقليل عدد خلايا الدم البيضاء التي تعمل في الجسم لمحاربة العدوى، فعندما تنخفض أعدادها بشكل كبير، تزداد فرص حدوث العدوى بالجسم، ولهذا السبب، يحتاج المرضى الذين يتناولون كلوزابين إلى مراقبة عدد هذه الخلايا البيضاء في الجسم بانتظام.
لا يوجد دليل على أن مضادات الذهان تساعد في تقليل خطر التفكير أو السلوك الانتحاري لدى المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية متزامنة، ويجب مراقبة المرضى الذين يعالجون بمضادات الذهان لمعرفة التغيرات في السلوك وظهور الأفكار الانتحارية أثناء مرحلة بدء العلاج أو بعد أي تغيير في الجرعة.
عند وصف مضادات الذهان للمرضى المعرضين لخطر الانتحار، ينبغي الإلتزام بالجرعة الموصوفة من قبل الطبيب، ومراقبة المريض للتأكد من عدم حدوث أي آثار جانبية من تناول الأدوية.(4) (5)
طرق الوقاية من الانتحار
بالإضافة إلى استخدام الأدوية في الوقاية من الانتحار، هناك بعض الإجراءات الواجب اتباعها في حالة ظهور العلامات التحذيرية التي تؤشر بوجود أفكار انتحارية لدى شخص، وتشمل هذه الإجراءات ما يلي:
- مراقبة الشخص بانتظام: يجب وضع الشخص الذي يقوم بسلوكيات انتحارية تحت الأنظار دوماً وعدم تركه بمفرده في أي وقت، حتى لا ينتهز الفرصة أثناء تواجده بمفرده، ويقوم بأي اجراء يشكل خطورة على حياته.
- عدم الاستهانة بمشاعره: غالباً ما يعاني الشخص الذي يمارس سلوكيات انتحارية من اليأس والإحباط، وسوف يؤدي الإستهانة بتلك المشاعر إلى تفاقمها، وتعزيز فكرة الانتحار لديه، ولذلك يحتاج الدعم والمساندة حتى يتخلص من تلك الأفكار، كما ينبغي الإستماع إليه دوماً وعدم تجاهل حديثه.
- مساعدته في حل المشكلة: عندما قيام شخص بمحاولة انتحار، فهذا لا يعني بالضرورة أنه يرغب في الموت، فقد يكون السبب هو معاناته من ألم عاطفي كبير، أو أزمة يصعب تخطيها، وبالتالي فإن مساعدته في تجاوز هذه المشكلة، يمكن أن يساعد في تراجعه عن تلك الأفكار.
- الانتباه أثناء الحديث معه: قد تتسبب بعض العبارات أو التعليقات في زيادة شعور الشخص الذي يريد الانتحار بالإحباط، ولذا ينبغي الإنتباه لكل العبارات والتعليقات التي يتم توجيهها له، على أن تكون إيجابية وتعطيه الأمل لحل أي مشكلة يواجهها.
- تشجيعه على شغل وقته: كلما كان الشخص محبطاً ويعاني من فراغ الوقت، كلما زاد تفكيره السلبي بمختلف الأمور، ولذلك يجب محاولة شغل وقته بقدر الإمكان، سواء في العمل أو التجمعات الأسرة، أو ممارسة الأنشطة المفضلة.
- حجز موعد مع طبيب نفسي: يجب عدم الانتظار حتى تتفاقم حالة الشخص الذي يرغب بالانتحار أو يقوم بتصرفات غريبة تدل على عدم الاتزان النفسي، بل ينصح بسرعة عرضه على طبيب نفسي يساعده في العلاج.
كل هذه الأمور يمكن أن تساعد في انقاذ شخص من الانتحار واستعادة حياته الطبيعية بشكل أفضل.