منذ بداية ظهوره في مدينة ووهان في الصين اعتبرت عدوى فيروس كورونا الجديد والتي تعرف أيضاً بمرض كوفيد-19 (بالإنجليزية: COVID-19) من أمراض الرئة، ولكن العدوى لم تكن مفهومة بشكل جيد في المراحل البدائية من جائحة كوفيد-19، ولكن أظهرت الأبحاث، والدراسات، والبيانات الصادرة عن علاج مرضى فيروس كورونا الجديد (بالإنجليزية: Corona) بأن الفيروس يمكن أن يتسبب في إصابة وفشل العديد من أعضاء الجسم، ومنها الأمعاء.
يعاني المرضى المصابين بعدوى فيروس كورونا الجديد من الإصابة بالتهاب الرئة (بالإنجليزية: Pneumonitis) الفيروسي الحاد الذي يصعب علاجه، وتعد هذه الإصابة بالالتهاب الرئوي من المضاعفات النموذجية المرتبطة بعدوى الفيروسات التاجية المعروفة باسم كورونا (بالإنجليزية: Coronavirus)، ولكن أدرك الأطباء مع انتشار العدوى تزايد أعداد المرضى الذين يعانون من مشاكل القلب والأوعية الدموية، والفشل في العديد من الأعضاء الناتج عن التهاب الأوعية الدموية (بالإنجليزية: Vasculitis) الذي يمكن أن يفضي إلى الموت لدى بعض المرضى.
في البداية اعتقد الأطباء أن المرضى الأكبر سناً يتعرضون لأمراض القلب والأوعية الدموية (بالإنجليزية: Cardiovascular Diseases) نتيجة للضغط والتوتر الناجم عن العدوى بفيروس كوفيد-19، ولكن أثبتت الأبحاث والدراسات بأن هذه النظرية خاطئة.
اقرأ أيضاً: علاج التهاب الرئة بالعسل والأعشاب
أعراض الجهاز الهضمي لدى مرضى كورونا
أظهر التصوير بالأشعة المقطعية لبعض المرضى الذين يتم علاجهم في وحدة العناية المركزة والذين يعانون من ألم البطن وإنتان الدم (بالإنجليزية: Sepsis) النتائج التالية:
- وجود تشوهات في الأمعاء الدقيقة، وفي سماكة جدران الأمعاء.
- وجود أكياس أو جيوب مملوءة بالغاز في جدران الأمعاء، أو في الوريد البابي الذي ينقل العناصر الغذائية من الأمعاء إلى الكبد، وتعد هذه العلامات من أعراض نقص التروية (بالإنجليزية: Ischemia) التي تنجم عن الجلطة، والتي تؤدي إلى عدم تغذية الأنسجة بالأكسجين.
كشفت نتائج الجراحة للمرضى لاحقاً عن تغير لون جدران الأمعاء إلى اللون الأصفر، وعن وجود بقع من الأنسجة الميتة في الأمعاء، وعن وجود جلطات دموية في الشرايين الصغيرة في جدران الأمعاء بالقرب من الأنسجة الميتة، ولكن لم تكن آلية الإصابة بالجلطات الدموية في جدران الأمعاء مفهومة تماماً في تلك المرحلة المبكرة من انتشار عدوى فيروس كورونا الجديد.
اقرأ أيضاً: ما الفرق بين مرض الكورونا الجديد والانفلونزا
طريقة وصول العدوى إلى الأوعية الدموية في الأمعاء
في المراحل المبكرة من جائحة كوفيد-19 اعتقد الأطباء أن الأعراض الرئيسية للعدوى هي الحمى، والسعال، وألم العضلات، والتعب، ولكن مع ارتفاع عدد المصابين في جميع أنحاء العالم لاحظ الأطباء زيادة في أعداد المرضى الذين يعانون من أعراض الجهاز الهضمي مثل الإسهال، والغثيان، والتقيؤ، كما اظهرت أبحاث أخيرة ظهور أعراض خاصة بتلف الكبد لدى المرضى أيضاً.
يستخدم فيروس كورونا الجديد بروتين الحسكة أو حسكاته (بالإنجليزية: S Protein) للارتباط ببروتين مستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (بالإنجليزية: Angiotensin Converting Enzyme 2 or ACE2) الموجودة على السطح الخارجي للخلايا، إذ تساعد هذه المستقبلات الفيروس على اقتحام الخلية ليعمل على استنساخ ملايين النسخ من نفسه، نتيجة لذلك قد تكون الأنسجة التي تحمل الكثير من بروتين الأنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا الجديد، والتعرض للتلف في وقت لاحق.
توجد مستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 بكثرة على الخلايا المبطنة للحويصلات الهوائية في الرئة، وتوجد أيضاً على الخلايا التي تبطن الأمعاء الدقيقة، والخلايا التي تبطن جدران الأوعية الدموية، مما يزيد من قوة الأدلة على أن فيروس كورونا الجديد يمكن أن يصيب الامعاء الدقيقة، وقد تم رصد وجود الفيروس في عينات البراز الخاصة بمرضى فيروس كورونا الجديد، وقد أظهر تصوير بالأشعة المقطعية للأمعاء وجود تغيرات في الكبد والأمعاء نتيجة للعدوى بالفيروس لدى بعض المرضى.
اقرأيضاً: البحوث التي تجري حول علاج فيروس كورونا
آلية تطور الجلطات في الأوعية الدموية في الأمعاء
هناك العديد من النظريات حول آلية حدوث الجلطات نتيجة للعدوى بفيروس كورونا الجديد في العديد من الأعضاء وليس فقط في الأمعاء الدقيقة، وقد اثبتت إحدى النظريات إطلاق الجسم لعاصفة السيتوكين (بالإنجليزية: Cytokine Storm)، وهي نوع من الاستجابة المناعية لمحاربة الفيروس، مما يؤدي إلى قتل الخلايا في في محاولة لوقف العدوى، ولكن يمكن أن تتسبب عاصفة السيتوكين بالضرر للأنسجة الجسم أكثر من عدوى الفيروس بحد ذاتها، كما تعد عاصفة السيتوكين من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بجلطات الدم.
يمكن أن تتسبب عاصفة السيتوكين في تطور حالة تسمى التخثر المنتشر داخل الأوعية الدموية (بالإنجليزية: Disseminated Intravascular Coagulation or DIC) وتعني هذه الحالة حدوث نزيف خارج عن السيطرة، بالإضافة إلى تخثر الدم بشكل كبير في نفس الوقت لدى المريض. هناك نظرية اخرى تشير إلى أن الفيروس يتسبب في حدوث خطأ في آلية تجلط الدم، مما يؤدي إلى الإصابة بالجلطات لدى المرضى.
تبدأ العدوى في الرئتين لأن التنفس هو أسهل طريقة لدخول الفيروس إلى الجسم، وبمجرد أن يصيب الفيروس خلايا الرئة ويبدأ في تدميرها فإنه ينتقل إلى الدم، وهناك يصيب الخلايا المبطنة للأوعية الدموية، ويعتقد أن هذا الالتهاب لا يأتي من العدوى فقط، ولكن يأتي من عاصفة السيتوكين أيضاً، وقد ساعدت نظرية العدوى على حل الألغاز الطبية التالية فيما يخص عدوى فيروس كورونا الجديد:
- ليس من المستغرب حالياً أن يكون الأشخاص المصابين بحالات مثل أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسكري أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الشديدة لفيروس كورونا الجديد، لأن أغشية بطانة الأوعية الدموية لديهم تكون ضعيفة.
- انخفاض مستوى الأكسجين في الدم لدى المرضى المصابين بعدوى فيروس كوفيد-19، الذين لا تكون رئتيهم متصلبة مثل باقي المرضى الذين يعانون من ضيق التنفس المترافق بالالتهاب الرئوي.
- في العادة عندما يتلف جزء من الرئتين، فإن الأوعية الدموية في تلك المنطقة تغلق، ويعاد توجيه الدم إلى المناطق السليمة من الرئتين لكي يتم تزويد الدم بالأكسجين، ولكن يمكن أن يتسبب التهاب أغشية بطانة الأوعية الدموية في عكس هذه العملية مما يزيد من خطر الإصابة بنقص التأكسج (بالإنجليزية: Hypoxia)، وتجلط الدم.
- لماذا لم يساعد وضع المرضى الذين يعانون من عدوى فيروس كورونا على أجهزة التنفس الصناعي، وارتفاع نسبة الوفاة بين هؤلاء المرضى.
التوصيات العلاجية عند ظهور أعراض الجهاز الهضمي لدى مرضى كورونا
يمكن أن تساعد توصيات العلاج التالية على تلافي الإصابة بالجلطات في الأمعاء الدقيقة لدى المرضى الذين يعانون من أعراض الجهاز الهضمي نتيجة لعدوى فيروس كورونا الجديد:
- أدوية لدعم أغشية بطانة الأوعية الدموية مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (بالإنجليزية: ACE Inhibitors) والستاتينات (بالإنجليزية: Statins).
- الأدوية المضادة للالتهاب لمعالجة عاصفة السيتوكين في المراحل المبكرة من المرض.
اقرأ أيضاً: استخدام الأدوية المضادة للتخثر في مرضى كورونا -حوار مع الدكتور بسام عطاالله