تعتبر الرحلة في عالم اضطراب ثنائي القطب مثيرة للاهتمام ومحفوفة بالتحديات، حيث ينقلب الإنسان بين قمم النشوة وأعماق الاكتئاب. وتفتح هذه الحالة النفسية العديد من الأبواب لاستكشاف كيفية تأثيرها على الذاكرة والتفكير. حيث وجد أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين اضطراب ثنائي القطب وتدهور الذاكرة، وهو ما يمكن أن يضع الأفراد في دائرة متكررة من التحديات اليومية.

يهدف هذا المقال إلى استكشاف وفهم العلاقة بين اضطراب ثنائي القطب والذاكرة بشكل مفصّل. والتغير الذي يحدث للأشخاص المصابين فيما يتعلق بالذاكرة والنشاط الذهني بالإضافة إلى طريقة التفكير، وتأثير ذلك على كافة جوانب الحياة والتحديات التي تواجه المصابين بالاضطراب لتقليلها والحد منها.

اضطراب ثنائي القطب

يتميز اضطراب ثنائي القطب بتذبذبات مزاجية حادة، تحمل الفرد من ذروة النشوة في فترات الهوس، إلى أعماق الاكتئاب. وتستمر هذه التذبذبات عادة لعدة أيام أو تتجاوز ذلك، وتظهر بشكل مفاجئ دون سبب ظاهر. وتتمثل أعراض اضطراب ثنائي القطب الرئيسية حالتين مختلفتين وهما الهوس والاكتئاب، ويمكن توضيح أعراضهما من خلال الآتي: [1]

  • الهوس: يتمثل بالشعور المفرط بالسعادة والفرح الشديد، والتخيلات والأفكار الهلوسية والتفكير غير المنطقي؛ مما يدفع المصاب لارتكاب سلوكيات خطرة وضارة، بالإضافة إلى النشاط الزائد والحديث بسرعة، وعدم الشعور بالحاجة إلى النوم وسهولة التشتت.
  • الاكتئاب: حيث يشعر المصاب بالفراغ والذنب واليأس وازدراء الذات والأفكار الانتحارية، وصعوبة التركيز وتذكر الأمور، لا سيما أن المصاب قد يشعر بالكسل وفقدان الطاقة والخمول؛ مما يعرضه لفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية وفقدان الشهية.

أنواع الذاكرة

تعد الذاكرةوظيفة عقلية تسمح للأفراد بتخزين واسترجاع المعلومات والتجارب التي تمر بهم، والوصول إليها حسب الحاجة، كما أنها تلعب دورًا أساسيًا في عمليات التعلم واتخاذ القرارات والتفاعل مع العالم من حولنا. وتنقسم الذاكرة إلى ثلاثة أقسام رئيسية تشمل: [2]

  • الذاكرة الحسية: والتي تعد تخزيناً مؤقتاً للذاكرة لفترة قصيرة من الزمن استنادًا إلى الحواس الخمس.
  • الذاكرة قصيرة المدى: وهي الذاكرة التي تحتفظ بكمية محدودة من المعلومات، ويمكن الوصول إليها مؤقتًا.
  • الذاكرة طويلة المدى: والتي تعد مخزناً واسعاً للمعرفة، وسجل للأحداث السابقة.

توسع مفهوم الذاكرة ليشمل أنواعًا ووظائف مختلفة ومفصلة، هذا التوسع في مفهوم الذاكرة يسلط الضوء على التعقيد الكبير لهذه الوظيفة العقلية وأهميتها الكبيرة في حياة الفرد لتلعب أدوارًا متنوعة في تجربتنا اليومية، وتشمل [3]:

  • الذاكرة العاملة: حيث إنها تقوم بتخزين المعلومات لفترة قصيرة من الزمن، بينما يقوم الشخص بأداء مهمة عقلية.
  • الذاكرة اللفظية: وهي الذاكرة التي تمكننا من تذكر الكلمات التي نراها أو نسمعها واستدعائها.
  • الذاكرة التنفيذية: والتي تعد أساسية في التنظيم والتخطيط وتحديد أولويات المهام.
  • الذاكرة الاستنطاقية: وهي ضرورية لاستدعاء وشرح الأحداث الماضية.
  • الذاكرة العاملة المكانية: وهي الذاكرة التي تمكن الأشخاص من استدعاء الأشكال، والألوان، والمواقع، والحركات.

اقرأ أيضًا: إحدى عشرة طريقة لتحسين أداء الذاكرة

العلاقة بين اضطراب ثنائي القطب والذاكرة

كشفت العديد من الدراسات في مجال علم الأعصاب عن رابط وثيق بين الأشخاص المصابين باضطراب ثنائي القطب وتأثيره العميق على الذاكرة، حيث أظهرت نتائج الصور بالرنين المغناطيسي عن اختلافات صغيرة، ولكن واضحة في أجزاء وحجم أجزاء الدماغ للأشخاص المصابين باضطراب ثنائي القطب، حيث وجد أن هذه الأجزاء كانت أصغر لدى المصابين بهذا الاضطراب وفيما يلي توضيح بسيط لكل منها: [3]

  • قشرة الدماغ الحزامية الأمامية: وهي المنطقة في الدماغ التي تعمل على دمج الوظائف العقلية والعاطفية، ودعم السلوك المتكيف والهادف.
  • قشرة الفص الجبهي: وهو جزء من الدماغ مسؤول مهارات إصدار الأحكام، وتنظيم العواطف والمشاعر، وحل المشكلات والسلوكيات الجنسية وتنظيمها.
  • الحصين: وهو جزء الدماغ الذي يتحكم في عملية التعلم، وإنشاء الذكريات الجديدة وقصيرة الأمد.
  • المِهاد: وهو الجزء في الدماغ الذي يقوم بنقل الإشارات الحسية والحركية، بالإضافة إلى تنظيم الوعي واليقظة.

اقرأ المزيد: كيف يؤثر الضغط النفسي على المخ؟

نصائح للتعامل مع مشاكل الذاكرة

يتفاوت أثر اضطراب ثنائي القطب على الذاكرة من فرد لآخر، حيث إن مشاكل الذاكرة قد لا تؤثر على الجميع. يُعد التكرار المفرط في حالات الهوس والاكتئاب، والذي ينتقل في كثير من الأحيان إلى مستويات الجنون والهوس والحاجة المتكررة للعناية الطبية والإحالة إلى المشفى، من بين أقوى العوامل التي تتنبأ بوجود مشاكل في الذاكرة لدى الأشخاص المصابين، وللحد من هذه المشاكل ينصح المختصون بالآتي: [2]

  • اتباع نمط حياة صحي مثل تحديد أوقات ثابتة للنوم ولتناول الطعام.
  • بناء نظام يومي ثابت من خلال إنشاء روتينات وأنشطة متكررة.
  • الحفاظ على تغذية متوازنة.
  • ممارسة التمارين الهوائية لتعزيز الصحة العقلية.
  • تجنب تناول الكحول.
  • كتابة قوائم المهام لتنظيم الأعمال الشخصية والمهنية.
  • متابعة العلاج النفسي لتنظيم العواطف والحصول على الدعم من قبل المختصين..

نصيحة الطبي

يشكل اضطراب ثنائي القطب والذاكرة تحديًا نفسيًا كبيرًا للأفراد المتأثرين بهذا الاضطراب. ينصح الطبي باتباع نمط حياة منظّم لتنفيذ المهام، والمضي في العلاج والدعم النفسي لتنظيم العواطف، حيث إن اضطراب ثنائي القطب والذاكرة يمثلان مسألة معقدة، ولكن من خلال اتباع استراتيجيات العناية بالصحة النفسية وتحسين نمط الحياة، يمكن للأفراد المصابين تقليل أثر الاضطراب على الذاكرة وتحسين نوعية حياتهم بشكل عام.