يعد العلاج البروتوني (بالإنجليزية: Proton Therapy) نوعاً من العلاج الإشعاعي، يتم خلاله توجيه حزمة من البروتونات النشطة، بواسطة إشعاع غير مؤلم عبر الجلد من جهاز خارج الجسم. ويستخدم العلاج بالبروتون على نطاق واسع مؤخراً؛ في علاج الأورام الخبيثة والحميدة، وخاصة السرطان. وفي حالات كثيرة قد يتم علاج السرطان بالبروتون، إلى جانب خيارات علاجية أخرى مثل: الأشعة السينية، والتدخلات الجراحية، وأيضاً العلاج الكيميائي أو العلاج المناعي.
نتناول في هذا المقال الحديث حول ما هو العلاج البروتوني، وما هي مميزاته وعيوبه.
مميزات العلاج بالبروتون
يعتمد مجال علاج الأورام بشكل كبير على العلاج بواسطة الفوتونات عن طريق الأشعة السينية (بالإنجليزية: X-ray)، ورغم نجاحها في مجال علاج الأورام، إلا أن الفوتونات لا تقدم سوى جرعة صغيرة من الإشعاع داخل مساحة الورم، وباقي الأشعة تنتشر خارج حدود الورم، خاصة في حالات أحجام الورم الأصغر نسبياً، ما قد يسبب ضرراً للأنسجة السليمة، ويزيد من احتمالية ظهور سرطانات أخرى في المستقبل بشكل كبير.
وفي عام 1946م؛ وضع العالم الأمريكي روبرت ويلسون (بالإنجليزية: Robert R. Wilson) بحثاً عن البروتونات النشطة، وإمكانية علاج السرطان بالبروتون بدلاً من الأشعة السينية وما مدى فعالية هذه الطريقة. وأشار إلى خصوصية السمة الفيزيائية الأساسية لمنحنى حزمة البروتونات، عندما تخترق الجسم في طريقها إلى الورم، حيث يتم إطلاق كمية أقل من الطاقة أولاً، ثم يتم إطلاق كمية أكبر بكثير من طاقة حزمة البروتونات في نهاية مسارها.
وهكذا تكمن الميزة الأساسية في مجال العلاج البروتوني في قدرته على إيصال جرعة إشعاعية عالية إلى عمق محدد بدقة في الجسم، يعرف باسم ذروة براغ (بالإنجليزية: Bragg Peak)، والتي تقع عند أقصى عمق اختراق لحزمة البروتون. بعد ذلك، تنخفض الجرعة بسرعة، مما يحافظ على الأنسجة السليمة حول الهدف.
اقرأ أيضاً: علاج السرطان بالأشعة: أنواعه واستخداماته
مراحل العلاج بالبروتون
يتطلب علاج السرطان بالبروتون، فحصاً دقيقاً بواسطة الأشعة المقطعية (بالإنجليزية: Computed Tomography Scan or CT Scan)، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزية: Magnetic Resonance Imaging or MRI)، لتحديد المناطق التي يتم تركيز الإشعاع عليها أثناء جلسة العلاج بالبروتونات. وحتى لا يتسبب الإشعاع في إتلاف الأنسجة السليمة؛ يتم وضع الشخص داخل جهاز يحد من حركته.
ويعتمد نوع الجهاز على مكان وجود الورم في الجسم. على سبيل المثال، قد يحتاج الشخص إلى ارتداء قناع مصنوع خصيصاً لورم في العين، أو الدماغ، أو الرأس. وسيحتاج أيضاً إلى ارتداء هذا الجهاز لاحقاً لفحص التخطيط الإشعاعي قبل بدء جلسات العلاج البروتوني.
تم تصميم الأجهزة بشكل لا يسمح بحركة المريض أثناء جلسة العلاج البروتوني. ويتضمن ذلك استخدام الليزر للتركيز على العلامات التي تم وضعها على الجسم أو الجهاز أثناء فحص وتخطيط المناطق المصابة من الجسم.
ولذلك يأخذ الفريق الطبي صوراً بالأشعة السينية، أو بالأشعة المقطعية، قبل كل جلسة علاج بروتوني. ويساعد ذلك على وضع الشخص في نفس الوضع بالضبط في كل جلسة علاج، كي لا تؤثر عملية العلاج بالبروتونات على الأنسجة السليمة القريبة من الورم.
اقرأ أيضاً: علاج السرطان بالليزر
تلقي العلاج بالبروتون
تحتوي بعض غرف العلاج بالبروتون على آلة تسمى الرافعة (بالإنجليزية: Gantry)، تدور حول الشخص، لكي يتم توصيل حزمة البروتونات إلى الورم من أفضل الزوايا. حيث تنتقل البروتونات عبر الآلة ثم يوجهها المغناطيس إلى الورم، ويجب أن يظل المريض ثابتاً لتجنب تحريك الورم خارج حزمة البروتون المركزة.
يعتمد تخطيط العلاج البروتوني على تقديرات نطاق الجسيمات في المريض. وتضيف مراكز علاج السرطان بالبروتون عادة هامش أمان يبلغ 2.5-3.5٪ من نطاق البروتون الزائد، ويمكن أن يتوافق ذلك مع الأورام العميقة الجذور مثل البروستاتا، وأورام الكبد.
اقرأ أيضاً: علاج أورام الكبد لم يعد مستحيلاً
العلاج بالبروتون لسرطان الاطفال
يعد العلاج البروتوني خياراً علاجياً ممتازاً للأطفال، والشباب المصابين بالأورام السرطانية، وغير السرطانية التي يمكن علاجها بالإشعاع التقليدي، خاصة الموجودة بالقرب من الأنسجة النامية في النخاع الشوكي، والدماغ، والعينين، والأذنين، والفم. حيث يحد العلاج بالبروتونات من تلف الأنسجة السليمة لدى الأطفال أثناء تعرضها للإشعاع، وذلك لأنه يمكن التحكم في حزمة البروتونات بدقة أعلى من الفوتونات.
فوائد ومخاطر العلاج بالبروتون للاطفال
يتم علاج معظم أورام الأطفال بالجراحة، والعلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي. ورغم أن العلاج الإشعاعي التقليدي باستخدام الأشعة السينية يمكن أن يكون فعالاً في حالات كثيرة؛ إلا أنه يسبب آثاراً جانبية طويلة المدى لدى الأطفال، مثل:
- انخفاض نمو العظام.
- تعرض بعض الأنسجة للتلف في المنطقة المحيطة بالورم.
- نقص الهرمونات.
- نقص الوزن.الضعف الذهني، بما في ذلك الأعصاب.
- القصور الإدراكي.
- قد تظهر سرطانات ثانوية في وقت لاحق.
ويوفر العلاج البروتوني، علاجاً دقيقاً للأورام بالقرب من الأعضاء الحساسة أو داخلها، مع الحد من تعرض الأنسجة السليمة للإشعاع، وهو أمر حيوي للأطفال الذين لا تزال أجسامهم في طور النمو.
ما يساعد على تقليل احتمالية إصابة المناطق التي تعرضت لحزمة البروتونات بالسرطان في المستقبل. وتقليل الآثار الجانبية أثناء مرحلة العلاج البروتوني. ورغم كل ذلك؛ تشير عدد من الدراسات إلى أن العلاج بالبروتونات يمكن أن يؤثر مستقبلاً على النمو بشكل سليم، خاصة بالنسبة للأطفال الذين تعرضوا لعلاج السرطان بالبروتون في سن صغيرة للغاية.
اقرأ أيضاً: كيف تقي نفسك من السرطان؟
مخاطر علاج السرطان بالبروتون
يمكن أن يسبب العلاج البروتوني آثاراً جانبية خطيرة، خاصة إذا أصابت حزمة البروتون الأنسجة السليمة بالقرب من الورم. ونظراً لأنه يمكن للأطباء التحكم في حزمة البروتونات بشكل أفضل من الأشعة السينية، فإن الآثار الجانبية تكون أقل احتمالية من العلاج الإشعاعي التقليدي. وبالتالي فإن الآثار الجانبية في حالة العلاج البروتوني ستتوقف على الجزء الذي تتم معالجته من الجسم، ومقدار الجرعة التي سيتعرض لها الجسم من حزمة البروتونات.
وبشكل عام؛ تشمل الآثار الجانبية الشائعة لـ العلاج البروتوني ما يلي:
- شعور عام بالإعياء.
- تساقط الشعر حول الجزء الذي تتم معالجته من الجسم.
- احمرار الجلد حول الجزء الذي تتم معالجته من الجسم.
- ألم شديد حول الجزء الذي تتم معالجته من الجسم.
اقرأ أيضاً: الفرق بين تساقط الشعر الطبيعي وغير الطبيعي