ظل سيدنا " سُليمان " ميّتاً حولاً كاملاً، ولم تعلم الجن بموته إلا عندما أكلت " الأرضة " عصاه التي كان متكئاً عليها فسقط. هكذا يُفعل بنا اليوم من " أرضة " عصرنا " هشاشة العظام "، ذاك القاتل المتسلسل في صمت، حتى يُجهِز على عظامنا، فنخرُ ساقطين.
هشاشة العظام، وهو ما يعني "العظام التي يسهل كسرها"، هو حالة تؤدي إلى ضعف العظام تدريجياً، مما يجعلها عرضة للكسور. حوالي 2 مليون منالكسور تحدث كل عام بسبب هشاشة العظام.
هشاشة العظام
على الرغم من أن جميع العظام يمكن أن تتأثر بالمرض، فإنعظام العمود الفقري والورك والمعصم من المُرجّح أن تنكسرأسهل وأسرع من باقي العظام. من بين ما يقدر بنحو 8.9 مليون أمريكي مصاب بهشاشة العظام، 80٪ منهم على الأقل من النساء.
يعتقد الخبراء أن النساء أكثر عُرضة لأن عظامهن تميل إلى أن تكون أخف وأقل كثافة ولأن أجسام النساء تعاني من التغيرات الهرمونية بعد انقطاع الطمث والتي تُسرّع من فقدان كتلة العظام. تتزايد فرص " هشاشة العظام " عندما تنخفض كثافة العظام. وفي الأشخاص الذين يعانون من هشاشة العظام، تُصبح العظام مسامية وضعيفة، مما يزيد من خطر الإصابة بالكسور.
تقدر المؤسسة الدولية لهشاشة العظام (بالإنجليزية: IOF) أن أكثر من 44 مليون شخص في الولايات المتحدة يعانون من هشاشة العظام في الوقت الحالي.العلامات والأعراض لمرض هشاشة العظام
كسر العظام بعد السقوط البسيط علامة على مرض هشاشة العظام. ويتطور مرض هشاشة العظام ببطء، وقد لا يعلم الشخص أنه مصاب بهشاشة العظام حتى يتعرض لكسر بعد حادث بسيط، مثل السقوط، أو حتى السعال، أو العطس يمكن أن يتسبب في اكتشاف هشاشة العظام.
غالباً ما تحدث الكسور في الفخذ، أو الرسغين، أو الفقرات للأشخاص الذين يعانون من هشاشة العظام، عند حدوث كسر في الفقرات، فأنه يؤدي إلى حدوث تغييرات في وضعية الجسم وانحناء في العمود الفقري، ومما يُلاحظه الناس أيضاً قصراً في الطول أو عدم تناسب ملابسهم القديمة مع وضع الجسم الجديد.
متى يجب رؤية الطبيب
الشعور بالآلام الحادة أو عدم الارتياح في أيٍ من الأماكن الشائعة للتلف، كنتيجة لهشاشة العظام والتي ذكرناها أعلى، يمكن أن يشير إلى إمكانية حدوث كسر مفاجئ أو غير معلوم السبب. وساعتها يجب أن يسعى الشخص للتقييم الطبي حالما يلاحظ هذا النوع من الألم.
هل تبحث عن ما يسبب هشاشة العظام؟ سوف تتفاجأ بمعرفة أن العديد من العوامل تساهم في حدوث هذه الحالة. على سبيل المثال، انخفاض هرمون الاستروجين عند انقطاع الطمث في السيدات هو أحد الأسباب. هناك أيضاً عنصر وراثي، فإذا كانت الأم أو الجدة مصابة بهشاشة العظام، فستكون فرص الإصابة به أكبر أيضاً.
اقرأ أيضاً:نقص هرمون الإستروجين
كذلك تناول نظام غذائي منخفض الكالسيوم، وممارسة القليل من التمارين الرياضية، وتدخين السجائر يمكن أن يزيد من فرص الإصابة بهشاشة العظام.
لكن من المهم أن نعرف كل ما يمكننا معرفته عن أسباب هشاشة العظام، ثم نبدأ في اتخاذ خطوات وقائية لوقف هذا المرض وتقليل خطر الإصابة بكسور في العظام.
هل تبدأ هشاشة العظام في مرحلة الطفولة؟
فيالطفولة والمراهقة، لا يتوقف الجسم عن استبدال العظام القديمة ببناء عظام جديدة. يفعل هذا من خلال عملية تسمى "إعادة البناء". خلال هذا الوقت، يبني الجسم عظاماً أكثر مما يزيل، وبالتالي تنمو العظام وتصبح أقوى.
وكثيراً ما تسمع مدى أهمية حصول المرأة على ما يكفي من الكالسيوم. لكن من المهم بنفس القدر - وربما الأهم من ذلك - أن يحصل الأطفال والشباب على كمية كبيرة من الكالسيوم. من المهم أيضاً لهم ممارسة الرياضة يومياً لبناء عظام قوية.
للمزيد: الكالسيوم وصحة العظام
متى تحدث هشاشة العظام عادة في النساء؟
بالنسبة لمعظم النساء، يبلغ العدد الإجمالي للعظام ذروته في الفترة العُمرية ما بين 25 و30 عاماً. وقد تصل إلى ذروتها في سن مُبكّر بالنسبة لبعض النساء، اعتماداً على عوامل خطر الإصابة بهشاشة العظام. عندما يصل إجمالي كمية العظام إلى الذروة، وفي مرحلة ما، عادة حوالي سن 35، تبدأ النساء في فقدان العظام.
علي الرغم من فقدان بعض العظام كل عام، لكن معدل فقدان العظام يزداد بشكل كبير في فترة تتراوح ما بين خمس إلى عشر سنوات بعد انقطاع الطمث. ثم، لعدة سنوات تالية، يحدث انهيار العظام بوتيرة أكبر بكثير من بناء عظم جديد. وتزايد وتيرة فقدان العظام هي التي تسبب هشاشة العظام في نهاية المطاف.
وأثناء هذا الوقت، على الرغم من أن العظام ما زالت قوية بما يكفي لمنع الكسور غير المعتادة، ولا يوجد أي علامات تنبه إلى المرض، فسوف يصبح فقدان العظام قابلاً للاكتشاف بواسطة اختبار كثافة العظام.
إصابة الرجال بهشاشة العظام
هل يصاب الرجال بهشاشة العظام؟ نعم. يصاب الرجال بهشاشة العظام. ففي الواقع، هناك حوالي 2 مليون رجل فوق سن 65 يعانون من هشاشة العظام. عادة ما تبدأ هشاشة العظام في وقت لاحق وتتقدم ببطء أكثر في الرجال. ومع ذلك، يمكن أن تكون هشاشة العظام لدى الرجال بنفس القدر من المعاناة والألم كما هو الحال عند النساء. اقرأ أيضاً:هشاشة العظام عند الرجال
مدى انتشار مرض هشاشة العظام
أصبحت هشاشة العظام شائعة بشكل متزايد. خاصة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 وما فوق، و55 ٪ معرضون لخطر كبير لمرض هشاشة العظام. في الولايات المتحدة، أكثر من 10 مليون رجل وامرأة يعانون من هشاشة العظام. ويعتقد أن ما يقرب من 43 مليون شخص لديهم كثافة عظام منخفضة. هذا يضعهم في دائرة الخطر المتزايد لمرض هشاشة العظام.
عوامل الخطر لهشاشة العظام
معدل فقدان العظام يختلف من شخص لآخر. ولكن في منتصف العمر، تصبح العظام أكثر رقة. تعتمد سرعة أو بطء فقدان العظام على عدد من العوامل:
- مستوى النشاط.
- كم الكالسيوم الذي يحصل عليه الشخص.
- تاريخ تناول بعض الأدوية.
- العادات اليومية، كالتدخين ومعدلاته وكذلك، شرب الكحول.
توجد عوامل أخرى لا دخل للشخص فيها، وفقاً للكلية الأمريكية لأمراضالروماتيزم، تشمل عوامل الخطر غير القابلة للتعديل:
السن، العوامل الوراثية، ومن أي الأجناس البشرية، وطول ووزن الشخص، وأخيراً معدل الانخفاض في الهرمونات الجنسية
يمكن أن تتوقف الإصابة بالهشاشة على عوامل أخري مثل:
- مشاكلسوء الامتصاص.
- بعض الأدوية التي تؤثر مستويات الهرمونات أو قوة العظام.
- أمراض الكبد والكلى.
- الإصابة بالسرطان.
- الإصابة بمرض الذئبة.
- الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتيزمي.
الوقايــة من هشاشة العظام
يمكن تجنب الإصابة بهشاشة العظام عن طريق بعض الترتيبات والخطوات البسيطة كالآتي ذكره:
- تعتبر ممارسة الرياضة سداً منيعاً، يحول بين الشخص وبين هشاشة العظام. التغذية الجيدة وفق نظام غذائي متكامل بالاضافة لكمية مناسبة من البروتين، والذي يعتبر أحد أهم المغذيات التي تشارك في بناء الجسم، وللحصول عليه يجب الإكثار من تناول البقوليات والألبان والبيض.
- تتفاوت الكمية التي يحتاجها الرجال والنساء من عنصر الكالسيوم، والذي يمكن الحصول عليه من منتجات الألبان، والخضروات الطازجة، وأسماك السلمون.
علاج هشاشة العظام
علاج بالعقاقير، تشمل الأدوية التي يمكن أن تساعد في منع وعلاج هشاشة العظام الأنواع الآتية:
- البايفوسفونيت (بالإنجليزية: Bisphosphonates): وهذه أدويةمضادة للاكتئاب تؤدي إلى إبطاء هشاشة العظام وتقليل خطر الاصابة بكسور في الجسم.
- مضادات الاستروجين: يُسميها الأطباء أيضاً المضادات الانتقائية لمستقبلات هرمون الاستروجين، مثال على ذلك رالوكسيفين ( بالإنجليزية: Raloxifene) ويمكنها أن تُقلل من خطر كسور العمود الفقري لدى النساء بعد انقطاع الطمث.
- هرمون " الكالسيتونين " مثل " كالسيمار ومياكالسين " ( بالإنجليزية : Calcimar، وMiacalcin): وهي تساعد على منع كسر العمود الفقري في النساء بعد انقطاع الطمث ويمكن أن تساعد في الحد من الألم بعد الكسر.
- هرمونالغدة الدرقية: ووافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على هذا الهرمون لعلاج الأشخاص الذين يعانون من مخاطر عالية للكسر نتيجة الإصابة بهشاشة العظام، لأنه يحفز على إعادة تشكيل وتكوين العظام.
- الأجسام المضادة وحيدة النسيلة: وهي علاجات مناعية يقوم بها بعض الأشخاص المصابين بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث. بالرغم من بعض تحذيرات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، بسبب الآثار الضارة المحتملة.
مستقبل علاج هشاشة العظام
يأمل الأطباء في استخدامالخلايا الجذعية لعلاج هشاشة العظام في المستقبل. ففي عام 2016، وجد الباحثون أن حقن نوع معين من الخلايا الجذعية في الفئران عالج هشاشة العظام بطريقة يمكن أن تفيد الإنسان أيضًا.
للمزيد:العلاج بالخلايا الجذعية
ويرى العلماء أن العوامل الوراثية تحدد بقوة كثافة العظام. لذا يبحث الباحثون اليوم عن الجينات المسؤولة عن تكوين العظام وفقدانها على أمل أن يقدم هذا علاجاً جديداً لمرض هشاشة العظام في المستقبل.