يمر جسم الأنثى بتغيرات عديدة في مرحلة ما قبل انقطاع الدورة الشهرية، هذه التغيرات تختلف من سيدة إلى أخرى، يمكن أن تبدأ هذه التغيرات قبل انقطاع الدورة الشهرية بشكل كامل ببضعة شهور، ويمكن أن تمتد حتى سنوات. يُعرف سن انقطاع الحيض (سن الأمل) بأنه الوقت الذي تنقطع فيه الدورة الشهرية مدة 12 شهراً بشكل كامل. ويكون متوسط سن انقطاع الحيض 51 عام، حيث يمكن أن يحدث للسيدة بين عمر الـ 45-55، وهو مرحلة طبيعية تمر بها السيدة خلال حياتها، يكون المحرك الرئيسي لحدوث هذه المرحلة هو اختلاف الهرمونات في الجسم.
منذ سن البلوغ وحتى مرحلة ما قبل انقطاع الحيض يحضر المبيضين في جسم الأنثى بويضة واحدة شهرياً ضمن سلسلة منظمة من ارتفاع الهرمونات الأنثوية وانخفاضها، حيث يرتفع الهرمون المحفز لنضج البويضة (بالانجليزية: Follicular Stimulating Hormone FSH) ليحفظ زيادة إفراز هرموني الاستروجينوالبروجستيرون. ترتفع هذه الهرمونات لتحضير الرحم لاحتضان الجنين في حال حدوث حمل، وعند عدم حدوث حمل تعود للانخفاض بشكل مفاجئ مما يؤدي إلى نزول الدم وحدوث الحيض الشهري.
يوجد في مبيض كل أنثى عدد محدد من البويضات، عند اقتراب هذا المخزون من النفاذ تبدأ التغيرات الهرمونية بالحدوث في جسم الانثى، لينخفض ويرتفع هرموني الاستروجين والبروجستيرون بشكل غير منتظم، تلاحظ السيدة ذلك من خلال اختلاف طبيعة الدورة الشهرية، فيمكن أن يزداد تدفق الدم، أو يزداد طول فترة الحيض، أو تأتي الدورة الشهرية كل فترة زمنية أطول أو أقصر من المعتاد.
تحدث هذه التغيرات بشكل تدريجي في الأنثى التي تصل إلى منتصف العمر وهي تمتلك مبيضان ورحم سليم، لكن في حال الاستئصال الجراحي للمبيض والرحم فإن الأنثى تدخل في سن انقطاع الحيض بشكل مفاجئ أي سن انقطاع الحيض قبل أوانه، لذلك تكون الأعراض أكثر حدة وصعوبة، لأن الجسم لم يتكيف مع الانخفاض المفاجئ الذي حصل في الهرمونات الأنثوية.
فترة ما قبل انقطاع الحيض
تعرف بأنها الفترة الانتقالية التي تكون بين سن الإنجاب وسن انقطاع الحيض، في مرحلة ما قبل انقطاع الحيض ينخفض عمل المبيض، ويرافقه اضطراب في الدورة الشهرية لفترة من الزمن يمكن أن يكون متوسطها 4 سنوات قبل انقطاع الحيض بشكل نهائي، ولكن يمكن أن تحدث خلال فترة أقصر تصل حتى بضعة شهور، ويمكن أن تمتد حتى 8 -10سنوات بحسب مركز جامعة كليفلاند الأمريكي.
تتميز هذه الفترة بمجموعة من العلامات المميزة تجعل السيدة تدرك أنها بدأت في مرحلة التغيرات التي ستوصلها إلى مرحلة انقطاع الحيض، من هذه التغيرات:
الهبات الساخنة والتعرق
تلاحظ نسبة كبيرة من السيدات تصل حتى 75% بحدوث هبات ساخنة تصيبها، تكون على شكل شعور بالحرارة تنبعث من داخل جسدها إلى الخارج، حيث تبدأ في منطقة الصدر والرقبة وإلى الوجه ويستمر الإحساس بالسخونة لعدة دقائق، يحمر ويتعلق فيها وجه السيدة ورقبتها. يكون الإحساس في هبة السخونة مختلف بين السيدة وأخرى، فالبعض يشعر بهبات طفيفة تحصل كل عدة أيام والبعض الآخر قد تكون الهبات شديدة ومتكررة، تتكرر عشرات المرات خلال اليوم.
يمكن أن تستمر الهبات حتى عام بعد انقطاع الحيض، وفي 10% من السيدات تستمر لسنوات بعد انقطاع الحيض. لذلك يمكن أن تكون الهبات الساخنة مرهقة لبعض السيدات وتؤثر على حياتهن اليومية. تحتاج السيدة للوعي بحدوث هذه الأعراض لتحاول التعامل معها وقت حدوثها بالطريقة الأنسب، فيوجد علاج دوائي بالهرمونات، وأثبتت الأدوية مضادة الاكتئاب فعاليتها أيضاً في تخفيف حدة وتكرار الهبات الساخنة. إلى جانب ممارسة تمارين التنفس بعمق، وارتداء قطع منفصلة من الملابس مثل معطف علوي لتستطيع السيدة التخفيف من ملابسها عند حدوث الهبة، ومساعدة جسدها على استعادة توازنه.
عدم انتظام الحيض ومشاكل في الرحم
اضطراب الهرمونات الذي يحدث في مرحلة ما قبل انقطاع الحيض بشكل كامل يؤثر على سمك بطانة الرحم وكمية الدم التي تخرج خلال الدورة الشهرية. لذلك تعاني السيدات في هذه المرحلة الانتقالية من زيادة النزيف بشكل غير طبيعي في بعض المرات وفي المقابل يقل هذا النزيف في مرات أخرى. ويمكن أيضا أن تعاني السيدات من زيادة سمك بطانة الرحم بشكل غير طبيعي وألياف الرحم.
اضطرابات النوم
تعاني 40% من السيدات من اضطرابات في النوم في مرحلة منتصف العمر، تلاحظ السيدة ازدياد عدد الأيام التي تعاني فيها من الأرق، يرافق اضطرابات النوم الإحساس بالاكتئاب أو القلق. تزداد اضطرابات النوم بشكل أكبر بعد سن انقطاع الحيض، حيث أن 61% من السيدات يعانين من مشاكل في النوم بعد سن انقطاع الحيض حسب مؤسسة النوم العالمية.
تؤثر الهبات الساخنة الليلية على جودة النوم، حيث تستيقظ السيدة عدة مرات خلال الليلة وهي تشعر بالحر والتعرق الذي قد يجبرها على التحرك واستخدام الماء لخفض درجة حرارتها. على الرغم من أن متوسط مدة النوم لا تتأثر إلا أن جودة النوم تتأثر بشكل واضح خلال المرحلة الانتقالية وسن انقطاع الحيض.
تغير المزاج ومشاكل في الذاكرة
يعتقد البعض بأن مرحلة منتصف العمر هي مرحلة أكثر استقراراً من المراحل التي قبلها، ولكن يمكن أن تعاني 10-20% من السيدات من تقلبات في المزاج، وتوتر، واكتئاب. هذه التغيرات يمكن أن يكون سببها المباشر الهرمونات ويمكن أن تكون بسبب الأعراض الأخرى ترافق مرحلة منتصف العمر مثل الهبات الساخنة.
للمزيد: سن انقطاع الدورة الشهرية.. الأعراض والعلامات الجسدية والنفسية
تغير في نسيج المهبل فيصبح أكثر جفافاً
خلال مرحلة الانتقال من سن الحيض إلى سن انقطاع الحيض وانخفاض هرمون الاستروجين، فإن النسيج المبطن المهبل تقل رطوبته، ويصبح جاف بشكل أكبر. يمكن أن تزداد المشكلة سوء بعد انقطاع الحيض بشكل كامل، وينتج عن ذلك أعراض مثل الحكة، والتهيج، ويمكن أن يسبب ألم وصعوبة أثناء الجماع.
تغير الوزن وزيادة مستوى الكوليسترول
مستوى النشاط البدني والحركة تختلف بشكل عام بين عمر العشرين وعمر الأربعين أو الخمسين، يكون الشخص بشكل عام وليس السيدات فقط أقل حركة ونشاطاً، قلة الحركة تساهم في زيادة الوزن، إضافة إلى أن معدل عمليات الحرق في الجسم تقل بنسبة معينة مع التقدم في العمر. إضافة إلى كل ذلك في السيدات يرافق ذلك التغيرات الهرمونية التي يرتبط انخفاض الاستروجين في أجسامهن، ارتفاع مستوى الكوليسترول، وزيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
الوعي بهذا التغير الذي يحصل عند التقدم في العمر يساعد في الحفاظ على تناول غذاء صحي، وممارسة الرياضة بانتظام، للحفاظ على جسم صحي، والوقاية من زيادة الوزن.
التغيرات التي تحدث في جسم الأنثى هي حالة طبيعية تمر بها السيدات مع تقدمهم في العمر، إدراك وجود هذه التغيرات يساعد السيدة في ملاحظة بداية انتقالها إلى مرحلة جديدة في حياتها. تحدث هذه التغيرات بشكل تدريجي ليتكيف الجسم على الانتقال إلى المرحلة الاخرى، ولكن في بعض الحالات تكون هذه التغيرات متعبة على الرغم من حدوثها بشكل تدريجي، لذلك يوجد بعض الطرق العلاجية الدوائية والغذائية التي تساعد السيدات على تجاوز الأعراض المرهقة التي تصاحب هذه المرحلة.