تتكون الرصاصة من مظروف معدني يحوي مادة متفجرة وإطلاقة معدنية تندفع نحو هدفها عندما يضرب الزناد طرف المظروف السفلي عند الكبسولة التي تشعل المادة المتفجرة (البارود) فتنطلق نحو الهدف، وهناك طلقات يكون لها انفجار ثان عند إصابتها الهدف ما يزيد من فعاليتها وخطرها.
وكما هو معروف، تشق الرصاصة طريقها نحو جسم الإنسان بسهولة مطلقة، ولكن يبقى التساؤل المطروح؛ لماذا لم تتغير الأسلحة النارية بذلك القدر الملحوظ خلال القرون الأخيرة؟ والإجابة بكل بساطة هي أن هذه الأسلحة فعالة جداً، حيث تخفي هذه الفتحة الصغيرة التي تخلفها الرصاصة وراءها الكثير من الضرر.
أثر الرصاصة على الجسم
عندما تخترق الرصاصة الجسم فإنه يمتص قدراً كبيراً من زخم حركتها. فعلى سبيل المثال؛ تنطلق رصاصات الـ"9 ميليمتر" المستخدمة من طرف القاتل بسرعة 900 ميل في الثانية، ويقوم الجسم بامتصاصها محدثة بذلك كماً هائلا من التخريب يتجسد في توسع الأنسجة، وخلق فجوة كبيرة لتعاود الارتداد على نفسها. ويسبب هذا الارتجاف بدوره ضرراً كبيراً للأعضاء والأنسجة على الرغم من غياب التماس المباشر بينها وبين الرصاصة.
وبعد اختراق الرصاصة للجسم وأعضائه، يبقى المسار الذي اتبعته الرصاصة هو العامل الحاسم مع بقاء المصاب على قيد الحياة أو عدمه.
يقول كونور نارسيسو، الطبيب الحربي السابق الذي أمضى سنوات خدمته في أفغانستان: "لا تدع الأفلام تخدعك وتسنِح لها الفرصة بإغوائك بأكاذيبها، فمجرد رصاصة واحدة في الذراع أو الفخذ كافية للقتل".
ما هو السبب يا ترى؟ هو بالطبع النزيف ونقص كمية الدم، حيث يؤكد نارسيسو "أنّ فقدان الدم يحتل المرتبة الأولى بمسببات الموت في أرض المعركة، فإذا أصابت الرصاصة الشريان العضدي في الذراع أو أحد الشرايين الإربية الثنائية في الفخذ، أو ربما الشريان تحت الترقوة، فذلك سيتسبب بنزيف هائل. فالعضلات تمتلك بطبيعتها بعض آليات الدفاع المدمج لإيقاف النزيف، ولكن هذا وحده لا يكفي في حال اختراق الرصاصة أحشاء المعتدى عليه وتسببها بنزيف داخلي، خصوصاً عند قطعها للأوردة والشرايين مباشرة بدون تنبيه العضلات للخطر المحدق".
ويكمل نارسيسو بقوله عن أساطير الأفلام بخصوص الإصابات "غير القاتلة" بأنّه مجرد سرد من الأحداث غير الممكنة، والبعيدة كل البعد عن الحقيقة، حتى أن الجنود ورجال الشرطة لم يتم تدريبهم قط على مثل هذه الطريقة في نزع السلاح.
كما يتمثل الخطر الآخر بتلف الأعضاء الحيوية وتوقفها عن العمل نتيجة الإصابة الملحقة بها. ففي حال أصابت الرصاصة عضواً ما فهي بطبيعة الحال ستمزقه كما فعلت في اللحم الخارجي على حد سواء. وعلاوة على ذلك، باستطاعة الرصاصة الارتداد وتغيير اتجاهها بعد اصطدامها بعضو ما، جاعلة من الأعضاء الأخرى أهدافاً لها. ويعني هذا أن الرصاصة الواحدة بمقدورها إصابة أكثر من عضو عند اختراقها للجسم، فمن غير الممكن التنبؤ بمسار هذه الرصاصة الهائجة، ولكنه من المحتمل أن يبقى الإنسان على قيد الحياة في حال تفادت الرصاصة المناطق الحيوية في جسمه أثناء اختراقها له. فعدد الرصاصات لا يهم مقارنة بالمسار المتبع أثناء عبورها للجسم.
ماذا عن المواد المضادة للرصاص مثل السترة الواقية من الرصاص "الكيفلر"؟ أنها باستطاعتها منع الرصاصة من اختراق الجسم وتقليص الضرر الداخلي إلى حد كبير، ولكن لا يعني عدم التعامل مع زخم هذه الرصاصة وطاقتها الحركية الهائلة.
فعلى سبيل المثال؛ بالإمكان اعتبار الرصاصة على أنها كرة قدم في حين تكون بالمقابل ألياف "الكيفلر" شبكة المرمى، فالشبكة في الواقع لا ترد الكرة بل تمسكها وتقوم بالتقاطها، وكذلك الأمر مع الرصاصة، وهذا بمقدوره أن يتسبب بالكثير من الأذى والضرر. إضافة إلى ذلك، باستطاعة المادة التي يصنع منها "الكيفلر" أن تكون فعالة فقط ضد العيارات الصغيرة، مثل رصاص المسدسات، أما في حالة العيارات الكبيرة، كما في البنادق الآلية، فسوف تشق طريقها بسهولة نافذة إلى الجهة الأخرى دون عناء مكلف، ولهذا السبب تمت صناعة الدروع العسكرية من السيراميك المكثف لردع هذه الأسلحة الفتاكة ذات العيارات الكبيرة.
الإجراءات المتبعة في حال التعرض لطلق ناري
كما ذكرنا سابقاً، فإن البقاء على قيد الحياة عند التعرض لطلق ناري يرتبط بدرجة كبيرة بالحظ، ومع ذلك فهناك بعض الأمور التي يمكن فعلها لزيادة فرص النجاة والبقاء على قيد الحياة.
يتساءل العديد من الناس عن ذلك الشعور عند الإصابة بطلق ناري، حيث تتراوح الاجابات بين الإحساس الشديد بالاحتراق، وألم مبرح، كما الناتج عن تلقي ضربة قوية على الرأس بمضرب بيسبول، أو حتى كالطعن بسكين مرات كثيرة، فالكثير من الضحايا عبروا عن أن الجزء الأصعب من هذه الحادثة يتمثل بشعورهم بدمائهم الدافئة وهي تسيل على أجسامهم.
وعندما يدرك المصاب بأنه تعرض لطلق ناري، فأول ما يتوجب عليه عمله هو الاتصال برقم الطوارئ، فهو هنا بأمس الحاجة لوصول المسعفين إلى المكان بأسرع وقت ممكن. بعد ذلك يقول نارسيسو أنه يجب على المصاب إيقاف النزيف، مع التذكر أن النزيف يعد من الأسباب الرئيسية لموت معظم الناس في هذه الحالة، لذلك؛ يجب على المصاب أن يوقفه من خلال البحث عن أي تورم أو تلون للجلد وغيرها من علامات النزيف والضغط عليه، محاولاً السيطرة عليه بشتّى الطرق والوسائل، إضافة إلى ربط قطعة من القماش أعلى الجرح وشدها بإحكام، وذلك بعد تحديد موقع الجرح.
أما في حال التعرض لطلق ناري في الصدر، وحدوث جرح في التجويف الصدري، فمن المهم أن منع الهواء الخارجي من الدخول والتسرب إلى داخله، وإلا فإن الضحية، سوف تعاني من ضغط استرواح الصدر أو الرئة المنهارة، وحينها ستنخفض قدرة المصاب على التنفس إلى النصف. ولذلك فان أفضل طريقة لإغلاق الفتحة هي عن طريق وضع قطعة من القماش، أو الشاش والقليل من الفازلين، أو أية وسائل متيسرة مثل الشريط اللاصق أو البلاستيك (لا يهم ما تستخدمه لسد الفتحة)، وإنما ما يهم هو سدها ومنع الهواء من التسرب إليها، لذلك فإن كل المواد الماصة مثل الشاش بدون الفازلين لن تجدي نفعاً.
كان هذا يمكن فعله في هذه المرحلة ولا يبقى لدى المصاب سوى الانتظار والتحلي بالأمل لحين وصول المسعفين.
فرص النجاة بعد التعرض لطلق ناري
ربما يشعر أغلبية الناس بالخوف خلال هذه المرحلة، ولكن طبقاً لإحصائيات المجلس الوطني الأمريكي للسلامة، فإنّ حظوظ المصاب في الموت جراء طلق ناري هذا العام هي واحد من 514000 وهي ضئيلة جدا. وخلال فترة حياة المصاب تصبح هذه النسبة أقرب إلى واحد من أصل 6905 أشخاص. ولكن يجب العلم أن هذه الإحصائيات تغطي جميع الوفيات الناتجة من التعرض لطلقات نارية، بما في ذلك حالات الانتحار، وحوادث التعامل مع الأسلحة، وحوادث الصيد، بالإضافة إلى حالات الاغتيال الفردية والجماعية، ومع ذلك، فإن ضحايا الطلقات النارية يمتلكون فرص عالية للنجاة والبقاء على قيد الحياة بشكل مدهش، على افتراض عدم تلقي الرصاصة في القلب أو الدماغ (والتي تتراوح فرص النجاة منها بحدود 9 في المائة).
يقول الدكتور فنسنت ج.م ديمايو، كبير الأطباء الفاحصين السابق في مقاطعة بيكسار بـتكساس، وكاتب كتاب جروح الطلقات النارية: "الجوانب العملية للأسلحة النارية، والمقذافية وتقنيات الطب الشرعي"، إن فرص النجاة من طلق ناري والبقاء على قيد الحياة تتراوح ما بين 80-95 في المائة (95 في المائة تتمثل بالوصول إلى المستشفى بسرعة، وقلب المصاب لا يزال ينبض). في حين وجد ديمايو أن 80 في المائة من مناطق الجسم غير مميتة إذا ما تلقت رصاصة، فالعامل المهم والمقرر لمصير الحياة في هذه الحالات هو مسار الرصاصة أثناء اختراقها للجسم. وهناك الكثير من المسارات التي تبقي المصاب على قيد الحياة.
اقرأ أيضاً: الوقاية من الإصابات