يتطور العالم برتم سريع مع مرور الأعوام، فأصبح معدل التغير في نمط الحياة وطبيعتها أسرع من ذي قبل، فعندما يستمع الصغار والمراهقون في الأعوام الحالية لطبيعة حياة آبائهم وأجدادهم يتعجبون منها، إذ قد تكون الحياة في الماضي أصعب لكنها لم تكن بالتعقيد التي هي عليه الآن.
مع ظهور التكنولوجيا وتشعبها في حياتنا اليومية خلقت أنواع مختلفة وجديدة من المشكلات الصحية وغير الصحية -خاصة لدى المراهقين والشباب- مغيرة بها طبيعة الحياة، بجانب مشكلات هذا السن المعتادة.
لكن لا داع للقلق؛ فمع تطور الصعوبات تتطور الحياة وتسهل، لذلك سنناقش في السطور التالية أهم المشكلات الصحية الشائعة التي تواجه المراهقين وطرق التعامل معها.
البلوغ
البلوغ هو التحول من حياة الأطفال إلى حياة الكبار البالغين، وقد تصحب تلك الفترة تغيرات جوهرية في شخصية المراهق وطبيعة حياته وتفكيره، فقد يجد نفسه أكبر من أن يستمع إلى نصائح غيره. كما قد يجد أنه كبير بما يكفي لاتخاذ قراراته بنفسه، وهو ما يعد أمراً صحيحاً نسبياً بلا شك، لكن لا بد من الاستماع لنصائح الكبار للمساعدة على اتخاذ القرارات الصائبة نظراً لقلة الخبرات والتجارب السابقة في حياة المراهق.
قد تزداد تلك المشاعر بسبب ما يراه المراهقون من أشخاص في أعمارهم على وسائل التواصل الاجتماعي يمرحون ويجنون الكثير من الأموال. يكمن دور الآباء والأمهات هنا في التقرب من أولادهم قبل بلوغ تلك المرحلة، لتوطيد العلاقة، وزرع الثقة بينهم، للتأكد من استمرارها عند بلوغ تلك المرحلة العمرية.
كذلك ينبغي للآباء توعبة أبنائهم بما قد يطرأ عليهم من تغيرات جسدية ونفسية في تلك المرحلة، كذلك ينصح باصطحابهم إلى المستشفى أو المراكز الطبية سنوياً لإجراء التحاليل اللازمة للتأكد من سير نموهم كما ينبغي.
السمنة
يعاني كثير من المراهقين من السمنة، وقد يرجع ذلك إلى أسباب عدة، منها عدم ممارسة ما يكفي من الأنشطة البدنية أو تناول الوجبات السريعة وغيرها من الأمور، لذلك ينبغي للآباء حث أبنائهم على الاهتمام بصحتهم دون توبيخ، بل يمكن نصحهم بما يلي:
- تناول الأنواع التي يستسيغونها من الخضروات والفواكه، والاهتمام بنتاول الخضروات مختلفة الألوان.
- ممارسة أي نوع من الأنشطة البدنية المفيدة، مثل المشي أو السباحة او غيرها من الرياضات.
- الحد من تناول الأطعمة الغنية بالسكريات المصنعة.
- الحد من تناول الوجبات السريعة والأطعمة المقلية.
قد تسبب الإصابة بالسمنة في الصغر الإصابة بأمراض مثل داء السكري من النوع الثاني، والربو، وأمراض القلب، وغيرها من المشكلات الصحية.
التدخين وتعاطي المواد المخدرة
أصبح من السهل الحصول على بعض المواد المخدرة في الوقت الحالي، كذلك نجد كثير من المراهقين يدخنون السجائر أكثر من ذي قبل، كما قد ظهرت في هذه الحقبة الزمنية أجهزة التدخين الإلكترونية المعروفة باسم (الفيب)، وقد وجد أن لها أضرار كثيرة.
ينغي للآباء توجيه أبنائهم ونصحهم بتجنب تلك المواد، وتجنب تعنيفهم إذا وقعوا في مصيدتها، بل ينبغي مد يد العون لمساعدتهم في التخلص من تعاطي تلك المواد وعدم تدخينها أو تعاطيها مرة أخرى، إذ يمكن الإقلاع عن التدخين والتعاطي عند اتباع الطرق الصحيحة كما فعل كثير من الناس من قبل.
إن أهم نصيحة يمكن أن يقدمها الآباء لأبنائهم تكمن في تجنب تعاطيهم أو تدخينهم هم أنفسهم لتلك المواد، فعندما يجد المراهق أباه مدخناً وينصحه بتجنب التدخين فلن يستجيب في أغلب الأحوال.
اقرأ أيضاً: وقاية المراهقين من الإدمان
التنمر
يتعرض كثير من المراهقين للتنمر في مراحلهم الدراسية المختلفة، وقد يسبب ذلك إصابتهم بمشكلات نفسية وجسدية عديدة قد تصل إلى القلق أو الاكتئاب، لذلك يعد التنمر أحد أهم المشكلات الصحية الشائعة التي تواجه المراهقين. لكن يمكن الاستفادة من هذه المواقف بالاهتمام بالجسم وممارسة الرياضة وتعلم طرق الدفاع عن النفس. كذلك يجب على الآباء تعليم أبنائهم كيفية مواجهة تلك المواقف، والتحدث معهم باستمرار بطرق غير مباشرة حول تلك الأفعال للتأكد من عدم وقوع أبنائهم فريسة لها أو تنمرهم على غيرهم.
ينبغي أن يعلم المراهقون أنهم ليسوا وحيدين، وأن المتنمر يستمد قوته من خوف الآخرين، لذلك يمكن إيقافه عما يفعل عند تعلم طرق مواجهته، وإخبار الآباء والأمهات.
المشكلات النفسية
قد يتأثر المراهقون أكثر من غيرهم بتشعب وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا، فقد يتأثرون كثيراً بما يرونه على تلك الوسائل، كما قد يكون بعضهم عرضة للتنمر الإلكتروني، مما قد يتسبب في شعورهم بالإحباط والاكتئاب. كذلك قد يزيد ذلك الشعور ما مر به العالم من عزلة نتيجة جائجة الكورونا. بالإضافة إلى ذلك كله فقد يتسبب بعد الأب وضعف علاقته بأبنائه في زيادة تلك المشكلات النفسية، لذلك ينبعي للآباء قضاء مزيد من الوقت مع أبنائهم والتحدث معهم حول ما يؤرق خاطرهم، وتجنب الاستهزاء أو الاستخفاف بمشكلاتهم النفسية.
اقرأ أيضاً: التنمر الإلكتروني
إدمان المواد الإباحية
أصبحت المواد الإباحية سهلة المنال جداً في الوقت الحالي، إذ انتشرت انتشاراً كبيراً جداً على عكس ما كانت عليه قبل عدد من السنوات، لذلك أصبح التعرض لها عن قصد أو دون قصد أمراً شائعاً جداً، وقد تتسبب مشاهدة تلك المواد في تطور مشاعر عنف جسدي وجنسي لدى المراهق، بالإضافة إلى بناء توقعات خيالية في أذهانهم، وغيرها من المشكلات والاضرار.
نحن لسنا في موضع لوم أو توبيخ، إذ إن المراهق يمر بمشاعر وتغيرات جسدية كبيرة، والاحتراس من التعرض لتلك المواد ليس مستحيلاً ولكنه يحتاج مجهوداً أكبر من ذي قبل، لذلك يجب حث المراهقين على ما يلي:
- شغل وقت الفراغ بما ينفع.
- ممارسة الرياضة.
- بناء علاقات سليمة مع الأهل والأقارب والأصدقاء، فالوقاية أسهل من العلاج.
- الاهتمام بالجانب الروحاني.
ينبغي على الآباء توعية أبنائهم حول مخاطر تلك المواد، وما يجب فعله عند التعرض لها، كما ينبغي تجنب التوبيخ أو التعنيف عند اكتشاف استخدام المراهقين لتلك المواد، بل يجب مساعدتهم في الإقلاع عنها، فكلما تمادى الشخص في مشاهدتها صعب الإقلاع وتطلب وقتاً أطول.
اقرأ أيضاً: خطر الإباحية عبر شبكة الإنترنت
ختاماً، لكل مشكلة حل ويمكن حل كثير من المشكلات بالتحدث مع من نثق بهم، وينبغي العلم دائماً أن هناك من يمر بمثل المشكلات التي نمر بها. أما بالنسبة للآباء فينبغي لهم دائماً التقرب من أبنائهم، وتجنب التقليل من شأن مشكلاتهم، وحثهم على التحدث عنها مع ترك متسع ومساحة لحرية أبنائهم.