تهدف الوقاية من السرطان إلى تقليل عدد الوفيات الناجمة عنه سنوياً وتقليل عدد الإصابات الجديدة، وبالتالي تقليل العبء الذي يسببه هذا المرض على مستوى الأفراد، والأسرة، والمجتمع، بما في ذلك العبء النفسي، والجسدي، وتكاليف الرعاية والعلاج.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن الوقاية من السرطان بشكل حتمي، إلا أنه يمكن تقليل خطر الإصابة به باتباع بعض النصائح وتجنب أخرى، وذلك بهدف السيطرة على العوامل التي تزيد من خطر الإصابة به.
كذلك، يمكن أن تساعد بعض اللقاحات المتوفرة والفحوصات المبكرة في الوقاية من أنواع معينة من السرطان، مثل سرطان الثدي، وسرطان عنق الرحم، وسرطان البروستاتا. [1][2][3]
يتناول هذا المقال أهم الطرق والإجراءات الطبية التي يمكن القيام بها للوقاية من السرطان.
طرق الوقاية من السرطان
يمكن إدراج وتصنيف الخطوات والعوامل التي تساعد في الوقاية من السرطان ضمن أحد أساليب الوقاية التالية: [1][2]
- السيطرة على عوامل خطر الإصابة بالسرطان وتجنبها.
- اكتشاف وتشخيص آفات ما قبل السرطان أو الآفات القابلة للتسرطن (بالإنجليزية: Precancerous Conditions) في وقت مبكر.
- إجراء الفحوصات المبكرة الخاصة بالكشف عن بعض أنواع السرطان.
- أخذ اللقاحات الخاصة بتقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. بالإضافة إلى الوقاية الكيميائية، والتي تعني أخذ بعض الأدوية لعلاج الحالات المحتمل تطورها إلى سرطان.
- الخضوع لبعض الجراحات بهدف تقليل خطر أو منع الإصابة بنوع معين من السرطان.
- اتباع نمط حياة صحي.
تجنب عوامل خطر الإصابة بالسرطان
يحدث السرطان عندما تتحول الخلايا الطبيعية إلى خلايا سرطانية، وذلك نتيجة سلسلة من الخطوات والتغيرات التي تطرأ على الخلايا، بما في ذلك حدوث طفرات. وتعرف عملية التحول هذه باسم التسرطن (بالإنجليزية: Carcinogenesis).
يوجد مجموعة من العوامل التي تزيد من خطر تسرطن الخلايا والإصابة بالسرطان، وتعرف باسم عوامل الخطر؛ بعضها لا يمكن تجنبه أو تعديله، مثل الجينات الوراثية، وبعضها يمكن تجنبه أو التحكم به وتسمى عوامل الخطر القابلة للتعديل. [1]
فيما يلي بعض عوامل خطر الإصابة بالسرطان التي يوصى بتجنبها قدر المستطاع:
- العدوى والالتهابات
تزيد الإصابة بالعدوى والالتهابات المزمنة الناتجة عن بعض أنواع البكتيريا والفيروسات من خطر الإصابة بالسرطان، حيث من الممكن أن تؤدي الالتهابات المزمنة إلى: [1][4]
- تغيير السلوك الطبيعي الخاص بالخلايا المصابة بالبكتيريا أو الفيروس.
- إضعاف قدرة الجهاز المناعي في الدفاع ضد مسببات الأمراض التي تزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
من الأمثلة على الفيروسات والبكتيريا التي تزيد من خطر الإصابة بالسرطان: [1]
- جرثومة الملوية البوابية؛ تزيد من خطر الإصابة بسرطان المعدة.
- فيروسات التهاب الكبد ب وسي؛ تزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد.
- فيروس إبشتاين بار (بالإنجليزية: Epstein-Barr Virus)؛ يزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية من نوع بيركت.
- الإشعاع
يوجد نوعين من الإشعاع يساهم تجنب الإكثار من التعرض لهما واستخدام وسائل حماية مناسبة عند التعرض لهما في الوقاية من السرطان، وهما: [1]
- الأشعة فوق البنفسجية، وتعد هذه الأشعة من عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بسرطان الجلد غير الميلانيني.
- الإشعاع المؤين، بما في ذلك غاز الرادون في المنازل، والأشعة المستخدمة في تشخيص العديد من الأمراض، مثل الأشعة السينية، والأشعة المقطعية، وتصوير الطب النووي، ويعد الإشعاع المؤين من عوامل خطر العديد من أنواع السرطان، مثل سرطان الدم، وسرطان الغدة الدرقية، وسرطان الثدي.
يجدر الإشارة إلى التعرض للأشعة التشخيصية يزيد من خطر الإصابة بالسرطان لكل من المرضى وأخصائي الأشعة.
- الأدوية المثبطة للمناعة
تستخدم الأدوية المثبطة للمناعة في علاج بعض الأمراض الالتهابية المزمنة أو بعد عمليات زراعة الأعضاء لمنع رفض الجسم للعضو الذي تم زرعه، لكن استخدام هذه الأدوية يقلل من قدرة الجهاز المناعي وقدرة الجسم على مواجهة الفيروسات، بما في ذلك الفيروسات المسببة لبعض أنواع السرطان. [1]
فحوصات الكشف المبكر
يعد الالتزام بإجراء فحوصات الكشف المبكر عن السرطان بانتظام من أفضل طرق الوقاية من السرطان، حيث تساعد هذه الفحوصات المبكرة على:
- اكتشاف آفات ما قبل السرطان أو القابلة للتسرطن، مثل الأورام الحميدة، وهي أورام غير طبيعية قد تتحول إلى أورام خبيثة سرطانية.
- اكتشاف الأورام السرطانية في المراحل المبكرة جداً، مما يوفر فرصة للبدء بالعلاج بوقت مبكر.
من أبرز فحوصات الكشف المبكر التي تساهم في الوقاية من السرطان ما يلي:
- تصوير الثدي بالأشعة السينية والذي يعرف أيضاً بصورة الماموجرام للثدي، ويعد هذا الفحص من أفضل طرق الوقاية من سرطان الثدي.
- اختبار مسحة عنق الرحم، والذي يساعد في اكتشاف الخلايا غير الطبيعية ضمن الخلايا المبطنة للرحم، والتي يمكن أن تتحول إلى خلايا سرطانية. وفي حال اكتشافها فإنه يمكن علاجها أو إزالتها.
- اختبار فيروس الورم الحليمي البشري، وهو أيضاً أحد فحوصات الكشف المبكر الخاصة بسرطان عنق الرحم، وتوصى النساء بإجرائه ابتداءً من سن 30، حيث تزيد الإصابة بهذا الفيروسمن خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم. في حال تم تشخيص الإصابة بالفيروس، على المرأة إجراء فحوصات متابعة إضافية بانتظام للتحقق من عدم حدوث تغير غير طبيعي في خلايا عنق الرحم.
- اختبارات الكشف عن سرطان القولون والمستقيم، مثل تنظير القولون واختبار الدم الخفي في البراز، حيث تساعد هذه الاختبارات في اكتشاف الخلايا غير الطبيعية والأورام الحميدة قبل تحولها إلى خلايا وأورام سرطانية. كما تساعد في تشخيص سرطان القولون بمراحل مبكرة وأكثر قابلية للعلاج، مما يقلل من نسب الوفيات الناتجة عن سرطان القولون.
بالإضافة إلى فحوصات الكشف المبكر السابقة، فقد يوصى بعض الأشخاص الذين لديهم عوامل خطر عديدة تجاه نوع معين من السرطان، مثل سرطان البروستات أو سرطان الرئة بإجراء المزيد من الفحوصات المبكرة الخاصة بالكشف عن علامات هذه الأنواع من السرطان. [2][4]
اقرأ أيضاً: أعراض مرض السرطان
اللقاحات
يوجد نوعين من اللقاحات التي تلعب دوراً في الوقاية من السرطان، وهما:
- لقاح فيروس الورم الحليمي البشري
يساعد لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (بالإنجليزية: Human Papillomavirus (HPV) Vaccine) في الوقاية من عدة أنواع من السرطانات، منها سرطان عنق الرحم، وسرطان الشرج، وسرطان القضيب.
يوصى كل من الذكور والإناث بأخذ هذا اللقاح بين سن الحادية عشر والثانية عشر، لكن يمكن تلقيه بدءاً من سن 9 سنوات. كما يمكن أخذه بهدف الوقاية من السرطان من قبل الأشخاص الذين لم يبلغوا سن السادسة والعشرين بعد ولم يتم تطعيمهم من قبل به.
لكن، لا يوصى الأشخاص أكبر من 26 عام بأخذ لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، حيث يقدم لهم اللقاح فائدة أقل، وقد يعرض إصابة بعضهم بالفيروس.
يجدر الإشارة إلى أن لقاح فيروس الورم الحليمي البشري لا يعالج الإصابة في حال وجودها، كما أنه لا يغني عن اختبارات الكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم أو سرطان الشرج. [2][4]
- لقاح التهاب الكبد ب
يعد مرض التهاب الكبد من عوامل الخطر الرئيسية لسرطان الكبد. لذا يلعب لقاح التهاب الكبد دوراً في منع الإصابة بفيروس التهاب الكبد ب، وبالتالي الوقاية من سرطان الكبد.
يمكن أخذ لقاح التهاب الكبد ب من قبل جميع الأشخاص في مختلف الفئات العمرية بعد استشارة الطبيب. [2][4]
اقرأ أيضاً: فيتامين د والوقاية من السرطان
جراحة تقليل المخاطر
تعد جراحة تقليل المخاطر أحد طرق الوقاية من السرطان، وخاصة في حالات وجود عامل الخطر الوراثي للإصابة بالسرطان.
يتم في جراحة تقليل المخاطر إزالة العضو أو الجزء المعرض للإصابة بالسرطان، حتى وإن لم يكن هذا العضو مصاب بأحد آفات ما قبل السرطان أو علامات سريرية للسرطان. ومن أكثر جراحات تقليل المخاطر شيوعاً ما يلي: [5]
- جراحة استئصال الثدي أو جزء منه للوقاية من سرطان الثدي، وخاصة لدى النساء المصابات بطفرات جينية تزيد من خطر إصابتهن به، مثل جينات BRCA1 وجينات BRCA2.
- جراحة استئصال المبيض أو قناة فالوب.
- جراحة استئصال الرحم، وخاصة للنساء بعد سن انقطاع الحيض.
نمط الحياة الصحي
يساعد اتخاذ الخيارات الصحية التالية في الوقاية من السرطان وتقليل خطر الإصابة به:
- تجنب التبغ
يعتبر التدخين عامل الخطر الرئيسي لسرطان الرئة، وأيضاً عامل خطر ثابت للإصابة بما لا يقل عن 14 نوع من أنواع السرطان، ولهذا فإن عدم التدخين من أهم وأفضل طرق الوقاية من السرطان.
لا يقتصر عدم التدخين على تدخين السجائر فقط، بل يشمل عدم تدخين جميع منتجات التبغ الأخرى، وكذلك تجنب التدخين السلبي. [2][4]
من أنواع السرطان الأخرى التي يساهم تجنب التبغ بالوقاية من الإصابة بها: [4]
- سرطان الرئة.
- سرطان المريء.
- سرطان المعدة.
- سرطان عنق الرحم.
- سرطان الثدي.
- سرطان الدم.
- الحفاظ على وزن صحي
يعتبر الوزن الصحي من أهم عوامل الوقاية من السرطان، إذ تزيد السمنة من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان نتيجة مضاعفاتها وآثارها السلبية المحتملة على الصحة، مثل: [4]
- تحفيز إفراز هرمون الإستروجين الذي تنتجه الخلايا الدهنية، وترتبط زيادة مستويات الإستروجين في الجسم بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، وخاصة بعد انقطاع الحيض.
- اضطراب مستويات السكر والأنسولين في الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بسرطان البنكرياس والقولون.
- تحفيز تهيج حصوات المرارة والإصابة بمشكلة الارتجاع الحمضي، الأمر الذي يزيد من خطر الإصابة بسرطان المرارة وسرطان المريء.
- الحفاظ على نشاط بدني منتظم
يساعد النشاط البدني وتجنب الخمول في تقليل خطر الإصابة بالعديد من الأمراض، مثل أمراض القلب وهشاشة العظام. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يساهم في الوقاية من السرطان، وخاصة سرطان الثدي وسرطان القولون.
ما زال تفسير الأثر بين النشاط البدني والوقاية من السرطان قيد الدراسة والتحليل، لكن من التفسيرات التي تعزى إليها فوائد النشاط البدني في الوقاية من السرطان ما يلي: [4][6]
- يساعد ممارسة التمارين بانتظام، مثل المشي يومياً في الحفاظ على مستويات طبيعية من الهرمونات لدى النساء، وخاصة هرمون الإستروجين والبروجسترون بعد انقطاع الطمث. كما يساعد التمرين يومياً في الحفاظ على وزن صحي، كل ذلك يساهم في الوقاية من سرطان الثدي على وجه الخصوص.
- يساعد النشاط البدني المنتظم في الوقاية من سرطان القولون من خلال:
يجدر الذكر أنه على الرغم من أهمية النشاط البدني والانتظام بممارسة التمارين الرياضية يومياً في الوقاية من السرطان، فإنه قد لا يكون كافياً لوحده، بل يوصى أيضاً بتجنب زيادة عدد ساعات الخمول أو الجلوس خلال اليوم لما قد يكون لذلك دور في زيادة خطر الإصابة بالسرطان.
- حماية الجلد من أشعة الشمس
يعتبر التعرض المفرط دون حماية لأشعة الشمس فوق البنفسجية من عوامل الخطر الرئيسية لسرطان الجلد. وكذلك بالنسبة لاستخدام أجهزة وأسرة التسمير.
يوصى باتباع النصائح التالية للوقاية من سرطان الجلد: [2][4]
- تجنب التعرض لأشعة الشمس خلال ساعات الذروة؛ بين الساعة 10 صباحاً والساعة 4 مساءً.
- ارتداء ملابس تغطي أكبر قدر ممكن من الجلد عند التعرض لأشعة الشمس.
- استخدام واقي الشمس على جميع أجزاء البشرة المكشوفة للشمس.
- ارتداء القبعات والنظارات الشمسية.
- تجنب استخدام أجهزة التسميرة على الإطلاق.
يجدر الإشارة إلى أن أهمية حماية بشرة الأطفال أيضاً من أشعة الشمس، وذلك باستخدام واقي الشمس المناسب لهم وتجنب تعريضهم للشمس لساعات طويلة.
الوقاية من السرطان بالغذاء
يلعب اتباع نظام غذاء صحي متوازن دوراً في الوقاية من عدة أنواع من السرطان. كما ويساعد أيضاً في حال الإصابة بالسرطان في السيطرة على الحالة المزاجية ودعم الصحة والجهاز المناعي خلال رحلة العلاج.
فيما يلي أبرز النصائح الغذائية التي تساهم في الوقاية من السرطان أو السيطرة على بعض عوامل خطر الإصابة به: [7]
- إضافة المزيد من الحصص اليومية من الفواكه والخضروات الطازجة.
- تناول الدهون الصحية غير المشبعة، مثل الأسماك وزيت الزيتون، وتجنب أو الحد من تناول الدهون المشبعة أو المهدرجة.
- الحد من تناول اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة، مثل النقانق.
- تقليل استهلاك السكر والكربوهيدرات المكررة، بما في ذلك المشروبات الغازية، والخبز الأبيض، والمعكرونة.
- تجنب استهلاك الكحول.