يوجد عدة تقنيات تساعد في علاج اضطراب ما بعد الصدمة، مثل: العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج بالتعرض المطول، وإعادة المعالجة وخفض التحسس بحركة العين، والعلاج الدوائي باستخدام مضادات الاكتئاب، حيث
تهدف طرق العلاج هذه إلى التخلص من الأعراض المرافقة لاضطراب ما بعد الصدمة، واستعادة النظرة الإيجابية للحياة واحترام الذات، وتعلم مهارات التعامل مع الأحداث المؤلمة، تعرف في هذا المقال على طرق علاج اضطراب ما بعد الصدمة:
علاج اضطراب ما بعد الصدمة
يمكن أن يحدث اضطراب ما بعد الصدمة بعد وقوع حدث مخيف أو تهديد عميق، إذ تكون الصدمة كبيرة جدًا بحيث يكون من الصعب تجاوزها والعيش بعدها حياة طبيعية، حيث يعاني الأشخاص المصابون باضطراب ما بعد الصدمة من الأرق، والمشاعر المؤلمة، وعدم القدرة على الخروج من ذكريات الماضي، وقد يتكرر الحدث المؤلم في أذهانهم باستمرار. [1]
يشعر الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة أنهم لن يستطيعوا استعادة نمط حياتهم الذي كانوا عليه قبل الصدمة أو الحدث المؤلم، ولكن في الحقيقة يمكن علاج اضطراب ما بعد الصدمة ، ويمكن الحصول على نتائج فعالة للغاية تتمثل في التخلص من الأعراض المرافقة لاضطراب ما بعد الصدمة، وتعلم مهارات التعامل مع الحدث المؤلم الذي سبب اضطراب ما بعد الصدمة والأحداث الصعبة اللاحقة، واستعادة النظرة الإيجابية للحياة واحترام الذات. [1]
تتمثل طرق علاج اضطراب ما بعد الصدمة بالخيارات الآتية:
المراقبة النشطة
يتم اتباع هذا النهج في حال كانت أعراض اضطراب ما بعد الصدمة خفيفة، أو إن كان الشخص يعاني من الأعراض لمدة تقل عن الأربع أسابيع. ويتضمن هذا النهج مراقبة الأعراض الظاهرة على المصاب بعناية لمعرفة إن كانت تتحسن أو تزداد سوءًا، وغالبًا ما تتم المراقبة من خلال موعد شهري في عيادة الطبيب.
ومن الجدير ذكره أن شخصين من كل ثلاثة أشخاص يعانون من مشكلات بعد تجربة مؤلمة يتحسنون دون الحاجة إلى العلاج خلال بضعة أسابيع.
العلاج السلوكي المعرفي
يُعد العلاج السلوكي المعرفي (بالإنجليزية: Cognitive Behavioural Therapy (CBT)) أحد أنواع العلاج بالكلام الذي يفيد في علاج اضطراب ما بعد الصدمة. يقوم المعالج النفسي بتحديد مدة العلاج حسب حاجة الشخص المصاب، وعادةً تستمر جلسات العلاج لمدة 8 - 12 أسبوع بمعدل 60 - 90 دقيقة أسبوغيًا.
وهو يعتمد على استخدام مجموعة من التقنيات النفسية التي تساعد على التأقلم مع الحدث الصادم والسيطرة على المشكلات عن طريق تغيير طريقة التفكير والتصرفات من خلال ما يأتي: [1][2]
- تغيير الأفكار والمعتقدات: قد يطلب المعالج وصف جوانب الحدث المؤلم الذي سبب اضطراب ما بعد الصدمة بالتفصيل، وهذا يُساعد على لتحديد الأفكار والمعتقدات التي تجعل من هذا الحدث حدثًا مؤلمًا، ومن ثم العمل على تغيير هذه الأفكار والمعتقدات وتخفيف المشاعر المؤلمة المرافقة له.
- السيطرة على المشاعر: يقوم المعالج النفسي بمساعدة الشخص المصاب باضطراب ما بعد الصدمة في تحديد نوع المشاعر السلبية التي يشعر بها، مثلًا قد تكون هذه المشاعر عبارة عن الخوف من أن يتكرر هذا الحدث مرة أخرى، أو عبارة عن جلد الذات بسبب تحمل مسؤولية ما حدث، وبجميع الأحوال يقوم المعالج بالمساعدة في تجاوز هذه المشاعر باعتبار أن الحياة بطبيعتها قد تحمل أحداث صعبة وليس بالضرورة أن نتحمل مسؤولية هذه الأحداث.
اقرأ أيضًا: العلاج السلوكي المعرفي للاكتئاب
العلاج بالتعرض المطول
يُعد العلاج بالتعرض المطول (بالإنجليزية:Prolonged exposure therapy) أحد أنواع علاج اضطراب ما بعد الصدمة، وهو يفيد عندما يتجنب الشخص المصاب الأشياء التي قد تذكره بهذا الحدث، مثلًا: قد يمتنع بعض الأشخاص عن قيادة السيارات إذا كان الحدث المؤلم عبارة عن حادث سير، أو قد يتجنب بعضهم الذهاب لأماكن محددة.
وبجميع الأحوال قد تفيد التمارين البدنية في التأقلم مع هذا الحدث وتجاوزه من خلال تغيير السلوكيات المكتسبة والسيطرة على الاستجابات العاطفية، ويتم ذلك على مدى 8-15 جلسة، وعادةً ما تستغرق كل منها 90 دقيقة، وهو يتم بالاعتماد على الخطوات الآتية: [1][3]
- تعليم تقنيات التنفس: يقوم المعالج بتعليم الشخص المصاب تقنيات وأساليب التنفس التي قد تفيد في تخفيف القلق المرافق للتفكير بحدث ما.
- تعليم كيفية مواجهة المخاوف: يطلب المعالج النفسي من الشخص المصاب باضطراب ما بعد الصدمة أن يقوم بملء قائمة تتضمن الأمور والأشياء التي يخاف منها ويتجنبها، ثم يقوم المعالج بتطوير أساليب لمواجهة هذه المخاوف الواحدة تلوى الآخرى، ويتم ذلك بالجمع بين عدة تقنيات علاجية، وهي: [3]
- التعرض التخيلي: يطلب المعالج من المريض تذكر الحدث المؤلم، ويبدأ في معالجة استجاباته من خلال تفحص ومناقشة ردود فعله.
- التعرض خارج جلسة العلاج: يقوم المعالج والمريض بالاتفاق على إجراء سلسلة من التحديات، والتي تكون عبارة عن مواقف يتجنبها الفرد. وتهدف هذه التحديات إلى إظهار أن الفرد يمكنه مواجهة مخاوفه والسيطرة على ردود فعله.
- التعرض الداخلي: يقوم المعالج بتعليم المريض كيفية التحكم بردود الفعل الجسدية، مثل: فرط التنفس، وخفقان القلب، واهتزاز الرأس.
إعادة العلاج وخفض التحسس بحركة العين
يُعد إعادة العلاج وخفض التحسس بحركة العين (بالإنجليزية: Eye movement desensitisation and reprocessing (EMDR)) أحد أنواع العلاج النفسي لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة. ويعتمد على تذكر الحادث المؤلم بالتفصيل أثناء القيام بحركات محددة للعين، وعادة ما يكون عن طريق متابعة إصبع المعالج بالأعين، وقد يقوم المعالج أيضًا بتشغيل أصوات محددة أو النقر بأصبعه.
وبالرغم من عدم وضوح آلية عمل طريقة العلاج هذه، إلا أنها قد تساعد في تغيير طريقة التفكير بشأن التجربة المؤلمة. [1][2]
كيف يؤثر الصوم على النفس البشرية؟ ولماذا يجد المسلم راحة نفسية في رمضان؟
يتألف علاج خفض التحسس بحركة العين من ثماني مراحل، وهي: [4]
- المرحلة الأولى: التعرف على تاريخ المريض قبل الحدث المؤلم.
- المرحلة الثانية: تجهيز المريض لتلقي العلاج.
- المرحلة الثالثة: تحديد الذكرى المستهدفة.
- المراحل من 4 إلى 7: معالجة الذكريات المؤلمة للتكيف معها.
- المرحلة الثامنة: تقييم نتائج العلاج.
تختلف طريقة العلاج هذه عن غيرها من الطرق العلاجية، حيث إنها لا تتضمن التعرض للتفاصيل الدقيقة للحدث المؤلم، وعادةً ما يستغرق علاج الأثر السلبي لذكرى واحدة من جلسة إلى ثلاث جلسات.
العلاج الدوائي
يرتبط اضطراب ما بعد الصدمة ببعض التغيرات العصبية بالدماغ،إذ يختل تركيز النواقل العصبية بالدماغ نتيجة الصدمة، ولكن يُساعد العلاج الدوائي على إعادة توارن هذه النواقل العصبية، وقد تفيد بعض الأدوية المضادة للاكتئاب من فئة مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية في ذلك. ومن أهم الأدوية المستخدمة لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة لدى البالغين: [2][5][6]
لا توصف هذه الأدوية عادةً للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا إلا في حالات استثنائية، ويتم استخدام هذه الأدوية للبالغين في الحالات الآتية: [2][5]
- عدم رغبة المريض بتلقي العلاج النفسي السلوكي.
- وجود احتمال لتكرر الحدث المؤلم أو أن يكون هذا الحدث يحصل باستمرار، مثل: حالة وجود العنف المنزلي.
- عدم فعالية العلاج النفسي في تجاوز الصدمة.
- وجود حالة طبية كامنة تعيق تقدم العلاج النفسي، مثل: وجود حالة اكتئاب شديد غير معالج.
إذا كان دواء اضطراب ما بعد الصدمة فعالًا فسوف يستمر المريض باستخدامه لمدة لا تقل عن 12 شهرًا، وقد يقوم المعالج بزيادة جرعة الدواء المستخدمة في حال لم يعطي الدواء الفعالية المتوقعة في تخفيف الأعراض. ويتم إيقاف استخدام الدواء بشكل تدريجي على مدار 4 أسابيع أو أكثر منعًا لحدوث أعراض الانسحاب المرافقة للإيقاف المفاجئ له، إذ يقوم المعالج بشرح أعراض الانسحاب للمريض وإخباره عن جميع التأثيرات الجانبية المحتملة لاستخدام الدواء، وقد تشمل الآثار الجانبية الشائعة لهذه الأدوية: [2][6]
- التعرق.
- الشعور بالتعب.
- الصداع.
- الدوخة.
- انخفاض الرغبة الجنسية.
وتشمل أعراض الانسحاب المحتملة لدواء الباروكستين: [2]
- مشكلات النوم.
- الكوابيس.
- القلق والتهيج.
وتقل احتمالية ظهور أعراض الانسحاب إذا تم سحب الدواء بشكل تدريجي من خلال تقليل الجرعة.