تعد الجوانب الاجتماعية لاضطراب ثنائي القطب من الموضوعات الرئيسية التي تثير الاهتمام في المجتمع الطبي والنفسي. يتميز اضطراب ثنائي القطب بتقلبات مزاجية حادة تتراوح بين فترات الهوس والاكتئاب، مما يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على العلاقات الاجتماعية والوظيفية للأشخاص المصابين.
يسلط هذا المقال الضوء على تأثير الجوانب الاجتماعية لاضطراب ثنائي القطب، وكيف يمكن أن تتداخل مع تجربة الأشخاص المصابين وجودة حياتهم، حيث إن فهم هذه الجوانب يعتبر خطوة هامة نحو تحقيق تحسن في حياة الأشخاص المصابين وتعزيز التواصل والتفاهم بينهم وبين مجتمعهم.
اضطراب ثنائي القطب
يمثل اضطراب ثنائي القطب تحديا نفسياً خطيراً يُعرف أيضاً بالهوس الاكتئابي، ويظهر من خلال تقلبات مزاجية حادة تأخذ المصاب من حالات النشوة والفرح إلى حالات الحزن والاكتئاب بشكل مفاجئ ودون أسباب واضحة. تتجلى الأعراض الرئيسية لهذا الاضطراب في ثلاثة حالات: الهوس، والهوس الخفيف، والاكتئاب، وفيما يلي توضيح بسيط لكل منها: [1]
- الهوس: تغمر النشوة والحماس والطاقة العالية الشخص، مما يمكن أن يدفعه نحو اتخاذ قرارات متهورة وغير عقلانية. تتضمن بعض التصرفات الشائعة في هذه الفترة الإنفاق الزائد، ممارسة العلاقات الجنسية بدون وقاية، والتعاطي المفرط للمواد المخدرة.
- الهوس الخفيف: تظل الأعراض مشابهة، ولكنها أقل شدة، لا تتداخل مع الحياة اليومية للشخص في العمل أو المدرسة، أو في العلاقات الاجتماعية، وهي غالبًا ما تصيب مرضى ثنائي القطب من النوع الثاني.
- الاكتئاب: تجعل المصاب يشعر بالحزن المستمر وفقدان الأمل والطاقة. يمكن أن يتجلى ذلك من خلال النوم لفترات طويلة جدًا، الأفكار الانتحارية، فقدان الحيوية والنشاط، الإرهاق، والشعور بالذنب وعدم تقدير الذات.
اضطراب ثنائي القطب والعلاقات الاجتماعية
يكشف اضطراب ثنائي القطب عن تأثيره العميق على العلاقات الاجتماعية، سواء كانت عائلية، زوجية أو مجرد صداقات. تتسم حالات الهوس والاكتئاب بتحديات متعددة تجعل من الصعب على المصابين وأحبائهم التكيف مع الوضع. يمكن أن يولد السلوك غير المتوقع خلال هذه الحالات تباعدًا بين المصاب والأشخاص المحيطين به، مما يضر بالعلاقات الاجتماعية. [2]
وليس كل الأشخاص مستعدين لدعم شخص مصاب باضطراب ثنائي القطب، وهو ما يعقد من تكوين العلاقات الاجتماعية والحفاظ عليها. وتشير الدراسات إلى أن الأشخاص المصابين بالاضطراب، والذين يحظون بشبكة دعم اجتماعي قوية، يميلون إلى تجاوز حالات الهوس والاكتئاب بشكل أسرع، وهم أقل عرضة للميول والتصرفات الانتحارية.
وتقود حالات الاكتئاب إلى عزل المصابين عن الآخرين وتقليل علاقاتهم الاجتماعية، في حين تجعل حالات الهوس من الصعب تكوين نظام دعم اجتماعي فعال؛ بسبب نفور الأشخاص من محيط الشخص المصاب باضطراب ثنائي القطب. [2]
اضطراب ثنائي القطب والانطواء
لا يقتصر تأثير اضطراب ثنائي القطب على الحياة الاجتماعية فحسب، بل يتجاوزها ليشمل جودة الحياة بشكل عام. حيث يمكن أن تتسبب نقص العلاقات الاجتماعية القوية في مشكلات مثل الوحدة، التي بدورها تعزز من فرص الإصابة الاكتئاب، وتزيد من مرور الشخص به، وتؤثر سلبًا على الصحة البدنية.
ويعني هذا الحاجة العاجلة لتوفير الدعم والتوعية لتحسين جودة حياة المصابين باضطراب ثنائي القطب وتعزيز العلاقات الاجتماعية في حياتهم لتجنب. [2]
اقرأ أيضًا: أهمية الصحة النفسية ونصائح لتعزيزها
اضطراب ثنائي القطب والعمل
يشكل اضطراب ثنائي القطب تحديًا في بيئة العمل، معتبرًا المكان الذي تحدث فيه معظم التفاعلات الاجتماعية والأداء الوظيفي. ويختلف الأداء من يوم لآخر تبعًا للحالة المزاجية للموظف الذي يعاني من اضطراب ثنائي القطب، حيث يمكن أن تكون الإنتاجية والتركيز متقلبين بشكل كبير.
وتصعب هذه التباينات من القدرة على الحفاظ على استقرار في الأداء الوظيفي، مما قد يؤدي إلى توترات مع الزملاء الذين يشعرون بأن هناك نقصاً في المساهمة. وقد يجد المصابون بثنائي القطب أنفسهم مهمشين في بيئة عمل غير متفهمة. [2]
تؤدي التقلبات المزاجية إلى تحديات في الحفاظ على العمل بدوام كامل أو التقدم نحو وظائف أعلى. وقد يحدث الشعور بالتوقف في نفس المستوى الوظيفي، بينما يتقدم الآخرون في مساراتهم الوظيفية مشكلات اجتماعية أيضًا، مما يطرح فكرة التوعية بأهمية الحاجة إلى دعم وتوعية أكبر لأماكن العمل في كيفية التعامل مع تحديات اضطراب ثنائي القطب. [2]
اقرأ المزيد: أعراض اضطراب ثنائي القطب
اضطراب ثنائي القطب والزواج
يجلب اضطراب ثنائي القطب تحديات كثيرة داخل إطار العلاقات الزوجية، لكن بالتفاهم والدعم، يمكن تجاوز هذه التحديات. وسبب الصعوبات الرئيسية هو الأعراض المصاحبة لهذا الاضطراب، حيث يواجه الشريك الذي لا يعاني من اضطراب ثنائي القطب تحديات ناتجة عن تفاعل الشريك المصاب معه والحالات المزاجية التي يمر بها خلال مرضه.
من ناحية أخرى، قد يشعر الشريك المصاب بالضغط والمسؤولية تجاه عائلته، مما يزيد من الإجهاد ويؤثر على الحياة الأسرية. [3]
يتطلب التعايش مع اضطراب ثنائي القطب تفهماً ودعماً مستمرين من قبل الشريك. والعمل على تجنب المحفزات وفهم تجربة الشريك المصاب يسهم في بناء علاقة زوجية صحية. وتشمل الخطوات الأخرى التحدث بصراحة حول الاحتياجات والتجارب، ويجدر بالشريك الاهتمام بصحته النفسية والبحث عن دعم إضافي عند الحاجة. [3]
نصيحة الطبي
تظهر أهمية التوعية والدعم في تحسين جودة حياة الأشخاص المصابين باضطراب ثنائي القطب والمحيطين بهم. حيث يمكن تحقيق تحسن ملحوظ في التحكم بالأعراض وتحسين العلاقات الاجتماعية والوظيفية.
يشجّع الطبي على الحصول على الدعم من قبل المقربين، وتشجيع الحوار المفتوح والصادق، حيث يمكن تحقيق تحسن ملموس في جودة الحياة للمصابين وتحفيز الآخرين على تفهمهم وتقبلهم.