تمر الأثنى خلال كل شهر بسلسلة من التغيرات الهرمونية التي تتحكم بحدوث الدورة الشهرية وما يرافقها من تغيرات خلال الشهر. لفهم التغيرات المنعكسة على جسم الأنثى وتحديدا ارتباط تغير الهرمونات خلال الدورة الشهرية، بتغير الرغبة الجنسية يجب أولا معرفة أطوار الدورة الشهرية.
أطوار الدورة الشهرية
تنقسم الدورة الشهرية إلى 4 أطوار، طورين خاصين بالمبيض وطورين خاصين بالرحم.
- الطور الجُريبي (بالإنجليزية: Follicular Phase)، يبدأ هذا الطور منذ اليوم الأول للدورة الشهرية، حيث يقوم المبيض بتحضير بويضة.
- طور الإباضة (بالإنجليزية: Ovulation Phase)، يكون في اليوم 12-14 من الدورة الشهرية، تخرج البويضة الناضجة من المبيض وتتجه إلى الرحم عن طريق قناة البيض، يمكن حدوث الحمل خلال هذه الفترة.
- الطور الأصفري (بالإنجليزية: Luteal Phase)، يفرز الجسم الأصفر المتبقي في المبيض بعد خروج البويضة البروجسترون بشكل أساسي لبناء بطانة الرحم وجعلها مناسبة للحمل في حال حدوثه. إذا لم يحدث حمل يتقلص حجم الجسم الأصفر تدريجيا مما يسبب انخفاض في مستوى هرمون البروجسترون وهرمون الاستروجين في الجسم.
- طور الحيض (بالإنجليزية: Menstrual Phase)، نزول بطانة الرحم التي تم بناؤها في حال عدم حدوث حمل، تنزل على شكل دم وافرازات، وتستمر بين 5-7 أيام.
الرغبة الجنسية وأَطوار الدورة الشهرية
تشعر الكثير من السيدات بتغيرات مختلفة خلال المراحل المختلفة من الدورة الشهرية، تغيرات في المزاج، واضطرابات في النوم، شعور بالإرهاق، وتغير النشاط اليومي، إضافة إلى كل ما سبق أيضا تشعر السيدات بتغير في الرغبة الجنسية. هذه التغيرات يمكن أن تشعر بها السيدة بشكل متفاوت من شهر إلى آخر ويرجع السبب في ذلك إلى أن ما يتحكم بجميع أطوار الدورة الشهرية هو تغير في مستويات الهرمونات وتحديدا هرموني الاستروجينوالبروجستيرون.
يرتبط تغير الرغبة الجنسية بالتقلُبات الهرمونية في جسم الأنثى، ويرتبط بشكل مباشر بكل من هرموني الاستروجين والبروجستيرون كما ذكرنا سابقاً، إذ أن ارتفاع الاستروجين يرتبط بازدياد الرغبة الجنسية عند السيدات، في المقابل ارتفاع البروجسترون يقلل هذا الدافع والرغبة الجنسية.
إضافة إلى ذلك، أشارت نتائج الدراسات إلى أن النساء يشعرن بزيادة في الرغبة الجنسية والمتعة الجنسية خلال أيام الشهر بحيث تكون الزيادة بشكل تدريجي من نهاية الدورة الشهرية إلى مرحلة ما قبل الحيض في الدورة الشهرية التي تليها. ويكون قمة الشعور بزيادة الرغبة الجنسية في طور الإباضة، أي تقريبا حول اليوم ال 14 في حال كانت الدورة الشهرية منتظمة وتحدث كل 28 يوم. ولكن يمكن أن يختلف ذلك من أنثى إلى أخرى حيث أن طول الدورة الشهرية يمتد بشكل طبيعي بين 21-35 يوم.
تشير هذه الدراسات أيضاً إلى أن السلوك الجنسي البشري قد يتأثر إضافة إلى تأثره في التقلبات الهرمونية أيضا بالعوامل الإدراكية (العقلية) المرتبطة بالدورة الشهرية. حيث تدرك الأنثى أنها خلال وقت معين خلال الدورة الشهرية تحديدا في طور الإباضة، تستطيع أن تصبح حامل في حال حدوث الجماع، هذا الإدراك يمكن أن يحرك الرغبة الجنسية أيضا.
ويمكن تلخيص التغيير في مستوى الهرمونات خلال أطوار الدورة الشهرية وما يقابله من تغيرات في الرغبة الجنسية عند السيدات بما يلي:
- فترة الحيض في الدورة الشهرية، تتميز بإنخفاض كل من الاستروجين والبروجستيرون إلى أقل مستوى خلال فترة الحيض في الدورة الشهرية، يرافق ذلك شعور بانخفاض الرغبة والدافع الجنسي عند السيدات.
- الطور الجريبي، يرتبط تحديداً دون غيره من الأطوار بارتفاع الشعور بالارهاق وعدم الارتياح الجسدي، أيضا يرافق هذا الطور اضطرابات في النوم، واضطراب في النشاط البدني للسيدات. خلال الطور الجريبي ترتبط هذه الاضطرابات بارتفاع مستوى هرمون الاستراديول بشكل وثيق في السيدات اللواتي لا يستخدمن حبوب منع الحمل، مثل الحبوب المركبة. إذ وجد أن الشعور بالارهاق والتعب الجسدي، واضطراب النوم في السيدات اللواتي يستخدمن المانع الدوائي للحمل يرتبط بانخفاض الكورتيزون والبروجستيرون في اجسامهن، ويحدث ذلك خلال طور الجسم الأصفر.
- طور الإباضة، تشعر السيدات بزيادة الرغبة الجنسية خلال طور الإباضة، وتزداد ثقتها بجمالها الجسدي، في هذه المرحلة من الدورة الشهرية التي تسبق الإباضة وحتى يوم الإباضة نفسه يرتفع هرمون الاستروجين بشكل أساسي وهو مرتبط بشكل رئيسي بزيادة الرغبة الجنسية خلال هذه الفترة من الدورة الشهرية. يحدث ذلك بسبب الغريزة الفطرية للتكاثر، فبما أن الإباضة تحدث خلال يوم واحد فقط من أيام الشهر، وفترة حياة البويضة منذ خروجها من المبيض وحتى موتها هو فقط 24 ساعة، لذلك يحاول الجسم زيادة فرصة حدوث حمل خلال هذه الفترة.
- مرحلة الطور الأصفري، بعد حدوث الإباضة وفي مرحلة الطور الأصفري تتميز هذه المرحلة بارتفاع مستوى هرمون البروجسترون، يرتبط هذا الهرمون بانخفاض مستوى الرغبة الجنسية عند السيدات، كما أثبتت الدراسات أن السيدات في هذا الطور من الدورة الشهرية يكنّ أكثر عقلانية في اختيار العلاقات طويلة المدى.
- مرحلة ما قبل الحيض، تشعر الأنثى بتغيرات سلوكية وتقلب في المزاج يمكن أن يكون مزعجا وحاد، مثل الشعور بالعصبية، والاكتئاب، والقلق في الفترة ما قبل أو حول وقت الدورة الشهرية إضافة إلى انخفاض الرغبة الجنسية، يرجع ذلك إلى انخفاض مستوى الهرمونات في الجسم استعدادا لنزول بطانة الرحم أو بدء مرحلة الحيض.
يمكن أن تساعد عوامل أخرى بزيادة الرغبة الجنسية عند السيدات خلال فترات معينة من الدورة الشهرية، مثل زيادة الإفرازات خلال مرحلة الإباضة، ومرحلة ما قبل الحيض، حيث يمكن أن تزيد الإفرازات من حساسية المنطقة التناسلية، مما يساهم في زيادة الرغبة الجنسية.
تشير أيضا بعض الدراسات إلى أن زيادة الرغبة الجنسية يمكن أن يرتبط مع حدوث متلازمة ما قبل الدورة الشهرية (بالأنجليزية: Premenstrual syndrome)، وهي مجموعة من الأعراض تحدث قبل حدوث الحيض ب 5-11 يوم. تشمل الأعراض ألم في البطن، انقباضات في اسفل البطن، الشعور بالإرهاق والتعب، إضافة إلى تقلب المزاج الشديد، وظهور حب الشباب، أيضا يمكن أن تزداد نوبات الصداع عند مريضات الصداع النصفي (الشقيقة) خلال فترة ما قبل الحيض. أثبتت الدراسات أن هذه الأعراض تخف حتى النصف أو تختفي بشكل كامل عند حدوث الجماع في مثل هذا الوقت، وذلك بسبب زيادة إفراز هرمون السيروتونين المهدئ للأعصاب والذي يعطي تأثيرا ملطفا يقابل التغير في الهرمونات خلال هذه الفترة من الدورة الشهرية.
التعامل مع التغيرات الهرمونية خلال الدورة الشهرية
تعاني أكثر من 40% من السيدات خلال فترة الخصوبة من تغيرات جسدية ونفسية مرتبطة بالدورة الشهرية، والتي يمكن أن تكون شكل من أشكال متلازمة ما قبل الدورة الشهرية. هذا التغيير بالتأكيد يرافق الشعور بتقلبات في الرغبة الجنسية. تكون فترة ما قبل الحيض بأسبوع الأكثر زخما من ناحية تقلب العواطف، والاكتئاب، والشعور بالعصبية والقلق، وانخفاض الطاقة، نوبات البكاء. ويترافق ذلك من انخفاض تدريجي في الرغبة الجنسية عند الأنثى.
يحدث ذلك بسبب تأثير انخفاض الاستروجين والبروجستيرون على مستوى هرمون السيروتونين، وهو المعروف أيضاً بهرمون السعادة، انخفاضه يساهم في تفاقم الأعراض. يمكن التعامل مع هذه التغيرات ومحاولة تلطِيفها والتخفيف من حدتها من خلال:
- مراقبة وقت حدوث التغيرات الجسدية والنفسية، وتوثيق وقت حدوثها لمعرفة إذا ما كانت مرتبطة بوقت معين خلال الدورة الشهرية أو لا.
- تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم، إذ أثبتت الدراسات تأثير الكالسيوم على تخفيف تقلب الحالة النفسية المرافقة لفترة ما قبل الحيض. أيضا إضافة فيتامين B6 لقائمة الطعام والموجود في السمك، والفاكهة بشكل طبيعي يعطي تأثيرا إيجابيا في تحسين الأعراض. يحتاج النظام الغذائي إلى وقت لتشعر السيدة بتغير حيث يظهر التحسن بعد الاستمرار مدة 3 شهور بشكل تدريجي.
- ممارسة الرياضة بانتظام يزيد من إفراز هرمون السيرتونين في الجسم مما يحسن الأعراض بشكل كبير.
- النوم بشكل جيد خلال ساعات الليل يساعد الجسم على إفراز الهرمونات بشكل منتظم.
- في حال عدم تحسن الأعراض يمكن مراجعة الطبيب لوصف أدوية مضادة للقلق أو الاكتئاب واستخدامها تحت إشراف الطبيب لتجاوز الأعراض الحادة.