العين البشرية هي أكثر الأعضاء البشرية أهمية، حيث أنها العضو الذي يُكسِب الإنسان أكبر كمية معرفية، وهي العضو الذي يساعدنا على الاستمتاع والتواصل مع العالم الخارجي بمساعدة باقي الأعضاء الحسية.
استخدام الخلايا الجذعية احتل اهتماماً خاصاً لدى العلماء في الآونة الأخيرة نظراً لقدرتها الفائقة على الانقسام والتمايز لأي نوع من أنواع الخلايا، وحاول العلماء استخدام هذه التقنية لعلاج شتى الأمراض، منها أمراض العين.
من أبرز هذه الأمراض التي تم علاجها باستخدام الخلايا الجذعية؛ اعتلال الشبكية وقصر النظر والزرق.
الخلايا الجذعية وداء التنكس البقعي
أوضح رواد مجال استخدام الخلايا الجذعية أن الخلايا الظاهرية الصبغية للشبكية المستمدة من الخلايا الجذعية الجنينية البشرية يمكن زراعتها بأمان في عيون المرضى الذين يعانون من التنكس البقعي للشبكية.
حيث أفاد فريقان من الباحثين في الاجتماع السنوي للأكاديمية الأمريكية لطب العيون في عام 2017 عن ظهور نتائج أولية عن استخدام الخلايا الظاهرية الصبغية للشبكية المستمدة من الخلايا الجذعية الجنينية البشرية لمرضى يعانون من تنكس الشبكية الجاف المرتبط بالعمر (AMD) وداء ستارغاردت.
تم استخدام الخلايا الجذعية الجنينية لأن لديها قدرة لانهائية على الانقسام وتقدم عدد غير محدود من الخلايا وقادرة على أن تتمايز لأي نوعمن أنواع الخلايا.
كما هو معروف أن أي خلل أو ضمور في الخلايا الظاهرية الصبغية للشبكية قد يسبب فقدان الرؤية، لذلك في كل من هذه الأبحاث التي أجريت على 26 شخصاً، تم حقن 50 ألف إلى 200 ألف خلية في الفراغ الموجود تحت الشبكية، وكان من المتوقع أن يتم استبدال تلك الخلايا المتضررة بأخرى جديدة وتعزز بقاء المستقبلات الضوئية.
أما عن النتائج؛ فقد كان الباحثون متفائلين من النتائج الأولية ولكن حذِرين، لأن الدراسات مبكرة جداً ومحدودة، حيث أن هذه الدراسات ليست سوى خطوة أولى في الطريق الطويل نحو جعل استخدام العلاج بالخلايا الجذعية واقعاً لعلاج داء التنكس البقعي للشبكية.
أما بخصوص الأحداث السلبية المرافقة لهذا الإجراء، فكانت بسبب عملية الزراعة وليس بسبب الخلايا الجذعية؛ ومن هذه الأحداث ظهور تصبغات على الشبكية قرب موضع الحقن.
وتمت متابعة هذه الحالات على مدى خمس سنوات ولم يلحظ العلماء أي من حالات الأورام أو التهاب الزجاجية أو انفصال الشبكية أو انسداد الأوعية الدموية أو رهاب الضوء أو ظهور وذمة بقعية أو زرق الغلوكوما الثانوي.
بحيث أن هذه التجارب أظهرت السلامة على المدى الطويل وعلى المستوى البيولوجي ولكنها لم تكن قادرة على إظهار فاعلية عالية.
التبرع بالخلايا الجذعية
في شهر آذار من العام الماضي استقبل رجل ياباني في الستينات من عمره خلايا جذعية مُستحَثّة متعددة القدرات متبَرَّعة من شخص آخر ومعدلة جينياً. فقد قام مانح مجهول الهوية بالتبرع بخلايا جلدية، قام العلماء بإعادة برمجتها إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات، ثم تم تحويلها إلى نوع من أنواع خلايا الشبكية ومن ثم تمت زراعتها على شبكية الرجل الياباني الستيني الذي كان يعاني من تنكس الشبكية المتعلق بزيادة العمر.
يأمل الأطباء أن هذا الإجراء سوف يوقف تطور المرض، ويفتح المجال لاستخدام الخلايا الجذعية الجنينية بطرق أخلاقية وذلك عن طريق توفير بنوك للراغبين بالتبرع بالخلايا الجذعية.
مآخذ التبرع بالخلايا الجذعية
عملية التبرع تزيد من فرصة عدم التوافق الجيني مما يزيد من احتمالية الرفض المناعي.
ولكن تعزم الحكومة اليابانية لإنشاء بنك الخلايا الجذعية، والذي يعتمد على مطابقة الجهة المانحة والمستقبلة للخلايا الجذعية المستحثة على أساس تطابق ثلاثة جينات ترمز لمستضد الكريات البيضاء البشرية (HLAs) – وهي البروتينات على سطح الخلية التي تشارك في إثارة ردود الفعل المناعية.
اكتشافات حديثة في هذا المجال
توصل المعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة إلى اكتشاف من شأنه أن يقرب استخدام الخلايا الجذعية لعيادات العيون ويزيد من فرصة استخدامها في علاج أمراض العيون المختلفة.
وتوصلوا إلى أن خلايا الشبكية المستمدة من الخلايا الجذعية تحتاج إلى أهداب أولية لدعم بقاء المستقبلات الضوئية الحساسة للضوء.
حيث يقول العلماء في المعهد الوطني للعيون التابع للمعهد الوطني للصحة أن بروزات صغيرة تشبه الأنابيب تسمى بالأهداب الأولية توجد على سطح خلايا النسيج الظاهري الصبغي للشبكية ضرورية لتوفير دعامة وتغذية للمستقبلات الضوئية الحساسة للضوء.
لذا فإن ضمور الشبكية سيؤدي إلى انحلال المجسات الضوئية وبالتالي يؤدي إلى فقدان البصر.
هذا الاكتشاف قدم خيارات متقدمة لعلاج مشكلة التنكس البقعي الجاف المرتبط بالعمر الذي يعد السبب الرئيسي لفقدان البصر في الولايات المتحدة.
مخاطر قد تواجه مستقبلي الخلايا الجذعية
عانت ثلاث نساء مصابات بتنكس الشبكية الجاف وتفوق أعمارهن السبعين عاماً، بعد تلقي حقن الخلايا الجذعية مقابل دفع مبلغ مرتفع من المال في إحدى عيادات الولايات المتحدة من فقدان البصر، إذ تم حقن كلا العينين لنفس المريضة في نفس اليوم، وهذا يخالف الإجراء الروتيني الذي ينطوي على حقن عين واحدة ومن ثم متابعتها إلى أن تظهر نتائج إيجابية ثم القيام بحقن الأخرى. كما أن هذا الإجراء عادة ما يكون مجاني في بداية الدراسات.
عانت المريضة الأولى بعد العملية مباشرة من الألم في كلتا العينين تطور إلى نزيف في شبكية العين، وبعد شهرين من الحقن تطورت الحالة إلى انفصال في الشبكية. بينما عانت الأخرى بعد أيام من العملية من إزاحة في العدسة مع انفصال ونزيف في الشبكية، وعانت الثالثة من تلف حاد في الشبكية.