اجتاح العالم خلال الآونة الأخيرة أحد فيروسات الجهاز التنفسي المستجدة، المسمى ب فيروس كورونا-2019 (كوفد-19). ظهرت أول حالة مصابة به في مدينة ووهان في الصين في شهر ديسمبر لعام 2019، حيث صنفت أوائل الحالات بأنها التهاب رئوي غير معروف السبب، وذلك لعدم قدرة الأطباء بداية على تحديد المسبب. تميز فيروس كورونا (بالإنجليزية: Corona) بقدرته السريعة على الانتشار فهو فيروس عالي العدوى، وبذلك انتشر خلال 3 أشهر إلى معظم دول العالم.
تكمن خطورة فيروس كورونا بقدرته العالية على الانتشار حيث صنف كوباء عالمي من قبل منظمة الصحة العالمية. وهذه القدرة العالية على الانتشار جعلت عدد حالات المصابين به كبير جداً بشكل يفوق قدرة القطاع الصحي في أي دولة من دول العالم على استيعابه. وعلى الرغم من ذلك فقد قامت جهود الحكومات المختلفة لمحاولة احتواء الوباء، وتقليل عدد الاصابات، وبدء العالم العمل على تطوير علاج خلال أسرع وقت ممكن.
ومن الجدير بالذكر أنه لا يوجد حتى هذه اللحظة علاج أو لقاح مصرح به من قبل منظمات الغذاء والدواء في أي دولة في العالم لعلاج فيروس كورونا. حيث أن الإرشادات العالمية المتبعة لعلاج فيروس كورونا منذ بداية ظهوره تعتمد على الوقاية منه بالأساس، إضافة إلى ما يتم إثبات فعاليته من علاجات، فكيف يمكن الوقاية من كورونا؟
الوقاية من فيروس كورونا
تعتبر الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا أهم الخطوات التي تحاول كل دول العالم الوصول إليها، حيث أن قطع سلسلة تفشي الفيروس تعتبر أهم خطوة في إيقافه. وللوقاية من الإصابة بفيروس كورونا أصدرت منظمة الصحة العالمية مجموعة من الإرشادات، منها:
- تجنب التواصل المباشر أو الاقتراب من أي شخص يعاني من عدوى في الجهاز التنفسي.
- غسل الأيدي جيداً وبشكل متكرر عند لمس اي سطح خارج المنزل.
- تجنب لمس العين والأنف والفم، والوجه بشكل عام.
- اتخاذ مسافة أمان بين الأشخاص، والعطس أو الكح داخل منديل والتخلص منه في أسرع وقت، أو في الملابس (مرفق اليد).
- تطبيق اكثر معايير التعقيم صرامة في أقسام الطوارئ.
- تجنب الأماكن المكتظة والاختلاط بالناس.
- ارتداء الكمامة عند دخول الأماكن العامة والمكتظة، وأثناء استخدام وسائل النقل العام.
- ممارسة التمارين الرياضية والنوم لساعات كافية لتعزيز مناعة الجسم.
- تهوية غرف المنزل جيداً.
- تجنب ملامسة الحيوانات في الخارج.
- تعقيم الأغراض التي يتم شراؤها أو طلبها من الخارج.
للمزيد: أفضل المنتجات للتعقيم من فيروس كورونا الجديد
أغذية مفيدة لتقوية مناعة الجسم
كيف تختار الكمامة المناسبة للوقاية من كورونا؟
لا بد من استخدام كمامات وأقنعة طبية واقية، ولا ينصح أبداً باختيار الكمامات القطنية أو الإسفنجية أو الورقية، ومن الضروري أيضاً استبدال الكمامة الطبية فور تلوثها أو تعرضها للرطوبة، كما ينصح باستبدال الكمامة المخصصة للاستعمال مرة واحدة بعد ارتدائها مدة ثماني ساعات، وخصوصاً للعاملين في القطاع الصحي.
كيف يمكن التعامل مع المصاب بحمى عادية؟
يؤثر فيروس كورونا على الأشخاص بدرجات متفاوتة وبحسب استجابتهم المناعية، فقد تكون الأعراض قوية وحادة عند بعض الأشخاص، وقد تكون خفيفة تشبه أعراض الحمى المعتادة عند آخرين، لذلك قد يصعب التفريق بين المصاب بكورونا والمصاب بالحمى أو الإنفلونزا، ولذلك ينصح بتجنب التواصل المباشر مع المصابين بالحمى والحرص على أسس السلامة والوقاية عند التعامل معهم احتياطاً.
علاج فيروس كورونا
تختلف شدة الإصابة بفيروس كورونا، حيث أن ما يقارب ال 81% من المرضى المصابين بفيروس كورونا يشكون من أعراض خفيفة تتمثل في ارتفاع الحرارة، واحتقان الحلق مع الكحة الجافة، والتعب العام دون وجود التهاب رئوي. هذه الفئة من المرضى يتم عزلها منزلياً، دون الحاجة للدخول إلى المشفى مع استخدام العلاجات الطبية المساندة مثل خافض الحرارة ومضاد الاحتقان، مع أهمية الإنتباه إلى تجنب استخدام ايبوبروفين، واستخدام مركبات الاسيتامينوفين وذلك لارتباط الايبوبروفين بزيادة حدة التهاب الرئة في مرضى فيروس كورونا.
للمزيد: ما الفرق بين مرض الكورونا الجديد والانفلونزا
أما مرضى الحالات الشديدة التي تعاني من التهاب رئوي وضيق حاد في التنفس وانخفاض في مستوى الأكسجين في الدم ويحدث ذلك في 14% من الحالات المصابة. والحالات التي تتطور إلى قصور في وظائف الأعضاء والتي تصيب 5% من المرضى، كلاهما يحتاج إلى الرعاية داخل المشفى، وجزء منهم يحتاج إلى العناية المركزة وذلك لحاجتهم للوضع على جهاز التنفس الصناعي.
للمزيد: حقائق عن فيروس الكورونا وطرق انتشاره
العلاجات الدوائية لفيروس كورونا
يوجد العديد من الأدوية تحت الدراسة الآن، حيث يوجد عشرات الدول تجري هذه الدراسات التي ستعطي نتائج خلال الأشهر القادمة. ولكن الأدوية المستخدمة والموافقة عليها حالياً هي:
مضادات الفيروسات
يوجد مجموعة من مضادات الفيروسات التي استخدمت لعلاج فيروس كورونا من ضمنها (Lopinavir، Ampligen، Darunavir، Umifenovir). ويعتبر مضاد الفيروس الأكثر تأثيراً والذي يعتبر علاجاً واعداً هو مضاد ريمديسيفير (بالإنجليزية: Remdesivir).
وهو أحد مضادات الفيروسات المستخدمة سابقاً في مكافحة فيروس السارس والميرس، وكلاهما ينتمي إلى نفس عائلتة فيروس الكورونا، وهي عائلة الفيروسات التاجية. فبحسب مركز مكافحة الأمراض فإن مضاد الريمديسفير أثبت فعاليته في المختبر، وعلى حيوانات الاختبار في تقليل تكاثر الفيروس داخل الجسم وبالتالي تقليل انتشارها داخل الجسم. حيث يشترك كل من الأفراد الثلاثة من الفيروسات التاجية بوجود نفس الأنزيم الذي يعمل مضاد الريمديسفير عليه، وبالتالي فإن هذا الدواء يقلل من انتشار الفيروس في الجسم ويحسن من الأعراض الرئوية التي يسببها الفيروس.
استخدم مضاد ريمديسيفير لأول مرة في شهر 1 لعام 2020 كأول مرة لعلاج فيروس كورونا على المرضى ذوي الحالات الشديدة. وتجري الآن دراستان موسعتان في الصين، وأخرى بمشفى جامعة هارفارد الأمريكية للوصول لنتائج موثقة عن أمان وفعالية هذا العلاج.
الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكين
وهما أحد الأدوية المستخدمة في علاج الملاريا، والعديد من الأمراض الالتهابية الأخرى مثل الذئبة الحمراء والتهاب المفاصل الروماتيزمي. حيث ثبت قدرة الكلوروكين على قتل فيروس كورونا خلال التجارب في المختبر من خلال منع الفيروس من الارتباط بخلايا الجسم، وبالتالي لا يمكن للفيروس التكاثر والتسبب بالمرض عند منع ارتباطه بخلايا الجسم الحية. والآلية الثانية من خلال قتل الفيروس داخل الخلية في حال تمكنه من الدخول.
يعتبر دواء الهيدروكسي كلوروكينمن الأدوية الآمنة نسبياً عند استخدامه لفترات قصيرة، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود أعراض جانبية له من أهمها إطالة فترة q-t في تخطيط القلب، لذلك يجب الحذر عن استخدامه في مرضى معينين. ولكن تبدو النتائج واعدة على المرضى ذوي الحالات الشديدة، إلا أن هذا الأمر يحتاج للعديد من الدراسات لإثباته. وتجدر الإشارة إلى أنه يجب استخدام هذا الدواء تحت اشراف الأطباء المختصين وذلك لما له من آثار جانبية قد تضر المريض.
اقرأ أيضاً: البحوث التي تجري حول علاج فيروس كورونا
العلاجات المناعية
تقوم العلاجات المناعية (بالانجليزية: Immunotherapies) على الحد من استجابة الجسم المناعية لوجود فيروس أو مؤثر معين. والآلية التي يسبب فيها فيروس كورونا التهاب رئوي توصف بالمعقدة نوعاً ما، ولكن تشير الدراسات الموجودة حالياً إلى أن الفيروس عند دخوله إلى الجسم يستطيع أن يحفز جهاز المناعة في الجسم على إعطاء رد فعل حاد. بمعنى أن جهاز المناعة في الجسم يحاول التخلص من الفيروس عن طريق رد فعل مناعي قوي، ويتمثل هذا الرد المناعي بإطلاق كميات كبيرة من البروتينات تسمى بـ السيتوكين وتحديداً نوع محدد منها يسمى ( IL-6). وظيفتها هي قتل الخلايا التي تحتوي على الفيروس، ولكن وجودها بكميات كبيرة مثل العاصفة في الجسم يعمل على التسبب بحدوث متلازمة الالتهابات الجهازية الحادة التي تتميز بالحمى وقصور في الأعضاء المتعددة.
وأهم العلاجات المناعية التي تتم دراستها الآن هو علاج ال Sarilumab، وهو مضاد لإنتاج IL-6 المسؤول عن المضاعفات التي تم توضيحها سابقاً. ولكن تحتاج هذه الدراسات لإعطاء نتائج في الوقت الطبيعي إلى سنوات، يحاول العلماء الآن الوصول إلى نتائج مبدئية بحلول الصيف. خصوصاً وأن التجربة الصينية لهذا العلاج على المرضى ذوي الحالات الشديدة أعطى استجابة في 75% من المرضى من انخفاض في درجة حرارتهم، كما قلت حاجتهم إلى الأكسجين خلال أيام من استخدام ال Sarilumab.
للمزيد: هل حقاً قد يهاجم جهاز المناعة جسم المصاب بفيروس كورونا الجديد ؟
لقاح فيروس كورونا
ظهرت مؤخراً لقاحات لفيروس كورونا من قبل عدة شركات مصنعة في أكثر من دولة، ويتم حالياً توزيعها حول العالم للحد من انتشار الوباء وبناء المناعة ضد كورونا، ولا يزال الوقت مبكراً لمعرفة ما إن كان له أي مضاعفات جانبية على المدى الطويل، إلا أنه لم تتم الموافقة عليها إلا بعد أن أثبتت فاعليتها ضد اللقاح وبأقل آثار جانبية.