الضغط هو القوة المبذولة على مساحة معينة، والضغط الجوي هو وزن عمود الهواء على مساحة محددة من الأرض. يبلغ الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر تقريباً 760 ملم من الزئبق، أو بوحدة المليبار يبلغ 1013.25. تختلف هذه القيم بين منطقة الجبل والوادي ولكن المتوسط هو ما يتم قياسه عند مستوى سطح البحر.
الضغط الجوي كغيره من مكونات الطقس المختلفة يمكن أن يؤثر على جسم الإنسان وصحته بشكل عام، حيث يشكل تغيُرها انعكاساً وتأثيراً على الجسم وبشكل خاص إذا كان يوجد مرض مسبق، فمثلاً رأس الإنسان عبارة عن عضو الدماغ موجود داخل سائل محيط به ومغلق داخل جمجمة عظمية، اختلاف الضغط الخارجي الواقع على هذا السائل يؤدي إلى تمدده أو انكماشه، هذا التغير الحاصل يمكن أن يعرض الإنسان السليم، أو المريض بشكل أكثر وضوحاً إلى الإحساس بالألم أو ظهور أعراض أخرى.
لذلك أجريت العديد من الدراسات لدراسة تأثير تغيير الضغط الجوي على مجموعة مختلفة من الأمراض من ضمنها علاقة انخفاض الضغط الجوي والصداع النصفي، وألم المفاصل، وأمراض الأذن.
انخفاض الضغط الجوي والصداع النصفي
الشقيقة أو الصداع النصفي، هو أحد أنواع الصداع المزمن يصيب السيدات بشكل أكبر، ويتميز بنوبات حادة من الصداع تصيب جهة واحدة من الرأس غالبا ويرافق هذا الصداع استفراغ وشعور بالغثيان، إضافة إلى الانزعاج من الضوء وعدم قدرة على الكلام. هذا الصداع يمكن أن يتكرر وتستمر نوبة الصداع بين 4-72 ساعة. يؤثر على حدوث الصداع مجموعة من العوامل من ضمنها تغير الطقس، وقلة النوم أو النوم بكثرة، والتوتر الشديد، أيضاً يرتبط عند بعض السيدات حدوث نوبة الصداع في الفترة التي تسبق قدوم الدورة الشهرية، كما ثبت ارتباط تأثير بعض أنواع الطعام مثل السكريات على تكرر حدوث الصداع.
إضافة إلى كل ما سبق، فإن الطقس بمكوناته المختلفة من درجة الحرارة، وسرعة الرياح، ونسبة الرطوبة، والضغط الجوي يؤثر على مسار الصداع النصفي، ويمكن أن يتسبب في حدوث نوبات الشقيقة في 20% من الحالات. يوجد نظريات كثيرة تتعلق بتفسير سبب حدوث الشقيقة، أهمها هو تغير في تدفق الدم نتيجة تمدد الأوعية الدموية في الدماغ. هذا التغير في الأوعية الدموية وتمددها يتأثر بطريقة ما باختلاف الضغط الجوي المؤثر على جسم الإنسان بشكل عام.
تم توثيق تأثير اختلاف درجة الحرارة وما يصاحبه من اختلاف في معدل الضغط الجوي في دراسة يابانية أجريت على 7054 مريض بالصداع النصفي، لوحظ أن ارتفاع درجة الحرارة بمعدل 5 درجات مئوية خلال ال 24 ساعة التي تسبق الإدخال إلى المشفى تزيد احتمالية حدوث نوبة صداع حادة بمعدل 7.5%. كما أن الوقت الذي يسبق حدوث العواصف ب 48-72 ساعة يزداد معدل الإدخال إلى المشفى بسبب الصداع بشكل عام، سواءً كان صداع مرتبط بالشقيقة أو الصداع في الأشخاص السليمين.
للمزيد: الشقيقة في الشتاء والوقاية منها
الضغط الجوي المثالي يكون 1013 وحدة ضغط جوي (هكتوباسكال)، انخفاض الضغط الجوي بين 6-10 وحدات ارتبط باحتمالية أعلى لحدوث صداع الشقيقة. هذا التغير في الضغط الجوي يسبق عادة حدوث العواصف الجوية بفترة قصيرة لذلك من الممكن أن يشعر مرضى الشقيقة بذلك بسبب الصداع.
يجدر الإشارة إلى أن مرضى الشقيقة أكثر حساسية من غيرهم للتغير في مستوى الضغط الجوي، وجهازُهم العصبي أكثر حساسية لتغير الضغط، كما أن مستوى إحساسهم بالألم منخفض فيشعرون بالألم أكثر من غيرهم. لذلك يوجد نسبة لا بأس بها من مرضى الشقيقة يتأثرون بتغير الطقس بشكل ملحوظ، في هذه الحالات ينصح بالحفاظ على الأدوية اللازمة في متناول أيدي المريض لتخفيف من حدة الصداع قدر الإمكان.
للمزيد: صداع ارتفاع الضغط داخل الجمجمة، يسوء صباحاً ويخف ليلاً!
انخفاض الضغط الجوي وألم المفاصل
يتكون المفصل من غضاريف تغلف العظام لتقليل الاحتكاك بينها، وأجسام تشبه الوسائد تحتوى بداخلها على سائل هلامي لزج، وظيفة هذه الأجسام هي منع احتكاك العظام المباشر، وتوزيع الضغط، ومرونة الحركة المفصل. بالإضافة إلى السائل داخل المفصل.
تأثير الطقس على ألم المفاصل ليس أمراً علمياً ثابتاً بشكل قاطع، لكن كثيراً ما يشتكي كبار السن (مرضى التهاب المفاصل التنكسي أو خشونة المفاصل) من ألم في المفاصل في الأجواء الباردة، ويخبر بعضهم بأنه يستطيع أن يعرف متى سيكون الطقس بارداً وماطر بسبب ازدياد ألم المفاصل، لذلك حاول الباحثون عن طريق عدد كبير من الدراسات تفسير هذا الارتباط بين تفاقم ألم المفاصل والطقس البارد.
إحدى النظريات التي فسرت هذه العلاقة هي أن ازدياد ألم المفاصل لا يكون بسبب برودة الطقس ودرجة الحرارة المنخفضة فقط، لكن بسبب تأثير الضغط الجوي أيضاً، حيث أن انخفاض الضغط الجوي يعني انخفاض الضغط الواقع على الوسائد الهلامية والسائل داخل المفصل، مما يعطيها فرصة للتمدد، هذا التمدد للسائل يزيد الضغط على الأعصاب المجاورة مما يعطي إحساس بالألم.
يوجد أيضا نظريات أخرى تتحدث عن انخفاض حرارة الجو وزيادة لزوجة السائل داخل المفصل، مما يجعل المفصل أكثر تصلباً. بالإضافة إلى قلة الحركة خلال الطقس البارد، يؤثر على مرونة العضلات والأوتار. كل هذه العوامل مجتمعة يمكن أن تحدث تأثيراً على ألم المفاصل خصوصاً في حال وجود مشكلة سابقة مثل التهاب المفاصل الروماتويديوالتهاب المفاصل والعظام.
انخفاض الضغط الجوي وأمراض الأُذن
تمتلئ الأذن الداخلية بالسوائل بشكل طبيعي، وهذا السائل حساس للتغيرات المفاجئة في الضغط الجوي التي تحدث في فصل الربيع خصوصاً. فعندما ينخفض الضغط الجوي بسرعة، فهذا يعني أن الضغط خارج الأذن ينخفض قبل أن يتكيف الضغط داخل الأذن. والنتيجة هي اختلال في الضغط داخل الأذنين. والذي يمكن أن يسبب الإحساس بالامتلاء أو الضغط داخل الأذنين. تؤدي الحساسية الموسمية إلى تفاقم المشكلة عن طريق التسبب في تضييق قناة استاكيوس، مما يجعل تكافؤ الضغط أكثر صعوبة.
المرضى المصابين بمرض منيير (بالانجليزية: Menière s Disease)، على وجه الخصوص يمكن أن يعانون بشكل كبير خلال التغيرات المناخية في الربيع. لأنه بشكل عام السوائل في الأذن الداخلية تدور، ولكن تحدث المشاكل عندما يكون الإنتاج الزائد للسائل الذي يميز مرض مينير وتحت تأثير الضغط المتزايد في الخارج مما يسبب تضخم تجمع السائل داخل الغرف الليمفاوية والنتيجة هي عدم الراحة والشعور بالامتلاء والضغط داخل الأذن إلى جانب احتمال ظهور أعراض أخرى مثل الطنين والدوار.
التغير المفاجئ في الضغط الذي تتعرض له الأذن خلال الغوص أو ركوب الطائرة يمكن أن يكون مؤذياً للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الأذنين وقناة استاكيوس. لذلك يجب توخي الحذر عن التعرض لتغير مفاجئ في الضغط بالنسبة لهم.
للمزيد: التهاب الاذن الضغطي
المرتفعات وانخفاض الضغط الجوي
المرتفعات والصعود لأعلى من مستوى سطح البحر يترافق مع انخفاض كل من ضغط الهواء الكلي، وكمية الأكسجين في الهواء المحيط ، يكون الإنخفاض تدريجياً. نتيجة لذلك يزداد العمل المطلوب من القلب والرئتين لتوفير الأكسجين اللازم، كما يحتاج الجسم فترة كافية للتأقلم على اختلاف الضغط الخارجي الواقع تصل إلى 6 أسابيع، بالطبع تزداد المدة اللازمة للتكيف مع ازدياد الارتفاع وانخفاض الضغط.
تتجاوب أجزاء الجسم المختلفة مع انخفاض الضغط وما يصاحبه من انخفاض في مستوى الأكسجين في الهواء بطرق مختلفة، حيث تقل الوظائف الدماغية، ويصبح أداء المهام العقلية أصعب كما تتأثر قدرة الشخص لإتخاذ القرارات. أيضاً يتأثر الجهاز التنفسي بانخفاض الضغط فيعاني بعض الأشخاص الذين يذهبون إلى مناطق مرتفعة من تجمع السوائل في الرئتين والذي يكون علاجه الوحيد هو العودة لمنطقة أقل ارتفاعا وأكثر ضغطاً ليعود التوازن للجسم، بالإضافة إلى أهمية وضع أنبوبة الأكسجين. يوجد العديد من الأعراض الأخرى للصعود إلى مرتفعات ولكن التعرض التدريجي للضغط المنخفض وانخفاض الأكسجين يساعد الجسم على التكيف ويقلل من الأعراض الجانبية التي يمكن أن تصيب الشخص.