يكتسب الجسم الطاقة على شكل سعرات حرارية ناتجة عن حرق الغذاء الذي يتناوله الإنسان، أما الطاقة التي يفقدها فتمثل الطاقة التي يستهلكها الجسم في ممارسة التمارين الرياضية والنشاطات الجسدية فضلاً عما تستهلكه العمليات الحيوية كالتنفس والهضم بالرغم من محدوديتها مقارنة بالطاقة المفقودة عن طريق ممارسة النشاط الفيزيائي .
تعريف السمنة
ﻻ يمكن الإنكار بأن اتباع العادات الغير صحية مثل الإفراط في تناول الطعام وخاصة الوجبات السريعة وغيرها من الأطعمة الغنية بالدهون والسعرات الحرارية، وعدم ممارسة التمارين الرياضية ونقص النشاط الفيزيائي يلعب دورا في الإصابة بالبدانة او ما يُعرف بفرط السُمنة التي ترتبط بشكل رئيسي بزيادة الطاقة التي يكتسبها الجسم مقارنة بتلك التي يفقدها، وتعتبر السمنة المفرطة من المشاكل الخطيرة التي تؤدي لزيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة مثل زيادة ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين وحتى داء السكري.
أسباب السمنة
أشارت العديد من الدراسات إلى أن الجينات تسهم في تحديد كميات الدهون التي يخزنها الجسم والمنطقة التي يخزنها فيها كالبطن أو الفخذين ومن ناحية أخرى فان اعتماد الأبوين على نظام غذائي غير صحي غني بالدهون يُعرض الأبناء لخطر الاصابة بالسُمنة والعكس صحيح إذ أن تناول الأطعمة الصحية واعتياد ممارسة الرياضة يُحفز الأبناء على اتباع نمط حياة صحي يُقلل من فرصة إصابتهم بالسُمنة وما يتبعها من اضطرابات مرضية.
الأسباب غير الجينية
تتعدد العوامل غير الجينية التي تزيد فرصة الإصابة بالسُمنة ولا يمكن تجاهلها ومنها :
- الاضطرابات المرضية: كنقص نشاط الغدة الدرقية الذي يتسبب ببطء عمليات الاستقلاب وزيادة فرصة الاصابة بالسمنة.
- العلاجات الدوائية المختلفة: كمضادات الاكتئاب، مضادات الاختلاج ( نوبات الصرع ) والستيرويدات القشرية.
- العوامل النفسية: اذ يتعدد الأشخاص الذين يزداد تناولهم للطعام عند التعرض للضغوطات النفسية والشعور بالغضب أو الملل.
- عدم الحصول على نوم كاف.
الأسباب الجينية
يشار إلى أن العامل الجيني، بحسب ما هو متوفر من معلومات، يلعب دورا في الإصابة بالبدانة، كما وأن دوره حصري في حالات نادرة من السُمنة المفرطة، حيث تتفاعل العوامل الجينية مع العادات اليومية، المرضية والبيئية السيئة والتي تتسبب بدورها باضطراب الاتزان بين الطاقة المستهلكة والطاقة المفقودة.
أغلب الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة يكون لديهم جينات كثيرة مسؤولة عن هذه السمنة، حيث يوجد 400 جين مسؤول عن الإصابة بالسمنة المفرطة ويعتبر الجين المتعلق بالسمنة (بالإنجليزية: fat mass and obesity-associated gene) هو أكثر الجينات المسؤولة عن الإصابة بالسمنة المفرطة ويتواجد هذا الجين في 43% من الناس والشعوب حول العالم.
يعتبر وجود هذا الجين أو أي من الجينات المسؤولة عن الإصابة بالسمنة المفرطة مسؤولاََ عن حدوث أمور وعلامات تدل على وجوده، منها:
- زيادة أوقات الشعور بالجوع.
- زيادة عدد السعرات الحرارية (بالإنجليزية: Calories)التي يتناولها الشخص.
- عدم الشعور بالشبع.
- اعتماد الحياة الخالية من الحركة أو ممارسة التمارين الرياضية.
- عدم القدرة على التحكم بكمية الطعام التي يتناولها الشخص.
- عدم القدرة على خفض الوزن بالرغم من ممارسة التمارين الرياضية لمدة أشهر أو حتى التقليل من كميات الطعام التي ان يتناولها الشخص.
- أن يكون الشخص قد عانى معظم حياته من السمنة المفرطة.
- أن يكون أحد الوالدين يعاني من السمنة المفرطة.
جينات السمنة
أثبتت الدراسات في الآونة الأخيرة أن للجينات أو ما يُعرف بالعوامل الوراثية تلعب دوراً رئيسياُ في الاصابة بالسُمنة أو البدانة و أنها تزيد فرصة الإصابة بالسمنة المفرطة بنسبة 40-70%، وأن هناك ما يقارب عن 50 جين مسؤول عن الإصابة بالسمنة المفرطة مع مرور الزمن، وبالرغم من أن الجينات لا تُحدد الصحة المستقبلية للانسان وإنما قد تجعله أكثر عرضة من غيره للاصابة ببعض الاضطرابات كالسمنة على أن تتزامن وراثة هذه الجينات مع اتباع عادات غذائية غير صحية.
تعطي الجينات الجسم الأوامر حتى يستطيع التأقلم مع المحيط ويكون ردات فعل مماثلة لما حوله، وإن اختلاف أوزان الأخوة أو التوائم أو الانسجام بين أوزان توأمي البويضة الواحدة واكتشاف الجينات المرتبطة بالبدانة عوامل عززت من فكرة ارتباط الجينات بالبدانة بشكل رئيسي قد جعل العلماء يبحثون في سبب هذا الاختلاف وأن هناك أطفال توائم أو إخوة ولكن تختلف أوزانهم بشكل كبير وأن هذا الاختلاف أيضاََ واضح بتصرفات روتينية يعيشها الإخوة مثل الإدمان على تناول الأكل عند أحدهم أو ميل جسمه لتخزين الدهون وعدم وجود تحفيز لعمليات الأيض لديهم، وعندها توصل العلماء أن هناك اختلاف جيني بين الأخوة وهذا الإختلاف الجبيني قد أدى لهذا الفرق الواضح في الوزن و التصرفات المبنية على ذلك، وقد أصبح من المعلوم الآن أن الجينات تلعب دورا هاماً فيما يتعلق بزيادة الوزن والبدانة وأنماطها المختلفة، ومن الجدير بالذكر أن احتمالية الإصابة بالبدانة تزداد بمعدل من 2-8 ضعف في حال وجود تاريخ عائلي للاصابة بالسُمنة.
خلل في جين واحد مسؤول عن السمنة
تختلف السمنة المفرطة الناتجة عن خلل في جين واحد فقط عن جميع أنواع أسباب السمنة الأخرى، فإن هذا الخلل في جين محدد نادراََ ما يحدث ويعتبر من الصعب أن يتم معالجة السمنة من دون استعمال الأدوية، هناك أنواع عديدة من العيوب التي ممكن أن تحدث لجينات محددة مما يؤدي للإصابة بالسمنة المفرطة، منها:
- نقص في هرمون اللبتين (بالإنجليزية: Leptin Deficiency): يعتبر هرمون اللبتين من الهرمونات التي تساعد على الشعور بالشبع عند امتلاء المعدة وتناول الطعام الكافي، ولكن هناك أشخاص تعاني من النقص في هذا الهرمون لأسباب جينية وهؤلاء لن يشعروا بالشبع أبداََ. للمزيد: الهرمونات المسؤولة عن حرق الدهون وطرق تعزيز إفرازها
- نقص في جين برو بيوميلانوكورتين (بالإنجليزية: Proopiomelanocortin (POMC) Deficiency): هذا الجين مسؤول عن إرسال إشارات للدماغ للشعور بالشبع أو الجوع، يعاني الناس الذين لديهم نقص في هذا الهرمون من عدم تفسير هذه الإشارات بشكل صحيح مما يؤدي للشعور الدائم والثابت بالجوع.
- نقص في جين MC4R: يعاني الأشخاص الذين لديهم نقص في هذا الجين من عدم الشعور بالشبع أيضاََ وغالبا ما يكون الأطفال هم الأكثر إصابة بهذا النقص، حيث يصاب 2-3% من الناس بهذا النقص.
هل السمنة وراثية؟
يطلب الأطباء والمختصون عادةََ من المرضى المصابين بالسمنة المفرطة مقابلة أهلهم بمعرفة ما إذا كان هناك أحد مصاب بأمراض تسببها السمنة مثل أمراض القلب والشرايين وداء السكري من النوع الثاني أو حتى أمراض ارتفاع ضغط الدم، وذلك لأن الأهل عادةََ ما يتشاركون أغلب الجينات فيما بينهم لذلك من الممكن أن يكون سبب السمنة وراثي لدى المريض ويستطيع الطبيب الكشف عن ذلك من خلال مقابلة أهله المصابين بالسمنة أو لديهم خلل في الجينات المسؤولة عن الإصابة بالسمنة المفرطة.
للمزيد: مخاطر السمنة
للمزيد: السمنة وعلاقتها بأمراض القلب
يطلب الطبيب من المريض أن يقوم بالالتزام بنظام غذائي صحي والحفاظ على ممارسة التمارين الرياضية بشكل ثابت، وهذه الممارسات لن تعدل من الخلل الموجود في الجينات ولكنها ستعدل من الممارسات الخاطئة ونظام الحياة التي يعيشها المريض، والاستمرار والمحافظة على هذه الممارسات ستحافظ على صحة العائلة كاملةََ وحتى على العوامل الوراثية الجيدة التي ستنتقل للأجيال القادمة وراثياََ.
السمنة الوراثية عند الأطفال
عندما يقوم الأطفال بتناول الطعام بكميات أكبر من التي يحتاجونها، يقوم عندها الجسم بتخزين هذا الطعام والدهون في الجسم ليتم حرقها في حال إحتاج الجسم للطاقة، ولكن إذا لم يقم الجسم بعمل يحتاج به طاقة فإن هذه الدهون سوف تزيد وتتراكم في جسم الطفل وتسبب له السمنة المفرطة مع الوقت.
يوجد العديد من الأسباب التي قد تسبب السمنة عند الأطفال، من الممكن أن يرث الأطفال خلل في جينات معينة من الأبوين قد يسبب لهم الإصابة بالسمنة المفرطة، ولكن لا يصاب الطفل بالسمنة فقط بسبب خلل في الجينات ولكن يجب أن يتناول أيضاََ كميات كبيرة من الطعام تفوق ما يحتاجه جسمه من أجل الطاقة والنمو.
يجب على الأهل أن يراقبوا طريقة تناول أطفالهم للطعام، ويجب عليهم الحرص على أن يتناول أطفالهم كميات تكفيهم للنمو وإنتاج الطاقة وأن لا يضغطوا على أطفالهم لتناول كميات أكبر من الطعام إذا شعروا بالشبع لأن طريقة تناولهم الطعام وهم أطفال ستؤثر على طريقتهم في الأكل عند الكبر وستصبح عندها أسلوب حياة من الصعب تغييره أو تعديله، لذلك يجب الإنتباه على كميات الطعام التي يتناولها الأطفال ومتى يتناولونها وما أنواع الطعام التي يتناولونها لتجنب الأطعمة المليئة بالدهون والسعرات الحرارية من دون وجود أي فائدة غذائية من تناولها.
يجب أن يتم التركيز على أسلوب حياة الطفل والممارسات التي يمارسها تنظيم يومه ليتضمن ممارسة التمارين الرياضية بشكل مستمر والحفاظ على نظام غذائي صحي له، يوجد العديد من المشاكل التي من الممكن أن تحدث وتؤثر على إمكانية إصابة الطفل بالسمنة، منها:
- عدم تحضير الطعام في المنزل من قبل الأهل: عندما لا يستطيع الأهل تحضير الطعام المعد منزلياََ للأطفال فإن الأطفال يتناولون الأطعمة المعلبة والسريعة والتي تزيد من فرصة الإصابة بالسمنة وتزيد من الدهون الضارة في جسم الطفل.
- عدم التزام الأهل بنظام الأكل الصحي والتمارين الرياضية: عندما يرى الطفل أنه لا يوجد نظام غذائي صحي داخل المنزل ولا يتم الحفاظ على ممارسة التمارين الرياضية فإنهم يقلدون ما يوجد أمامهم ويعتقدون أن هذا هو الشيء الصحيح.
- عدم وجود توعية وإرشاد للطلاب في المدارس: يجب أن يقوم الكادر التدريسي والإداري في المدارس على تعليم الأطفال الغذاء الصحي وممارسة التمارين الرياضية بشكل ثابت، وأن تقوم المدارس بعد بيع الأطعمة غير الصحية في المقاصف داخل حرم المدرسة لتشجيع الطلاب على الحفاظ على نظام غذائي صحي.
للمزيد: أساسيات تحضير علبة طعام صحية لأطفال المدارس
هل يمكن علاج السمنة الوراثية؟
يوجد العديد من الطرق لعلاج السمنة الوراثية الناتجة عن الخلل في الجينات، حيث يمكن علاج السمنة الوراثية الناتجة عن خلل في جين محدد من خلال إعتماد نظام غذائي مناسب وصحي أو من خلال إجراء عملية لتصحيح الخلل أو إزالة الدهون المتراكمة ولكن أغلب هؤلاء المرضى لا يستطيعون الحفاظ على فقدان الوزن بعد ذلك.
للمزيد: عمليات السمنة المفرطة
يستطيع الطبيب استخدام بعض الأدوية التي تقلل من الشهية والشعور بالجوع لدى المرضى المصابين بالسمنة المفرطة مثل دواء ليراجلوتيد (بالإنجليزية: Liraglutide) والذي تعمل مثل عمل الببتيد المشابهة للجلوكاجون 1 (GLP-1) الذي يفرز من الأمعاء عند تناول الطعام والذي يعطي الجسم الشعور بالشبع.
اقرأ أيضاََ: التعامل مع السمنة الزائدة
وينصح المختصون للمصابين بالسمنة حتى لو كانت بسبب خلل جيني باعتماد نظام غذائي مليء بالمواد الغذائية الصحية وذات القيمة العالية المليئة بالألياف ذات السعرات الحرارية القليلة والالتزام بممارسة التمارين الرياضية الثابتة والتي تساعد في حرق الدهون وعمليات الأيض.
للمزيد: نصائح لعلاج السمنة
للمزيد: السمنة وخياراتها العلاجية