جدري القرود (بالإنجليزية: Monkeypox) مرض شبيه بجدري الماء المعهود ويسبب أعراضاً مشابهة لأعراض الجدري، إلا أن أعراضه يمكن أن تكون أكثر شدة وقد ترافقه بعض المضاعفات الخطيرة، ولكن في ليس لدى جميع المرضى. [1]
يصعب التفريق بين أعراض جدري القرود، وجدري الماء، والحصبة من خلال الفحص السريري، لذا تعد التحاليل المخبرية هي الفيصل حول نوع الفيروس الذي يحمله الشخص. [2]
ونظراً لبدء انتشار هذا المرض في مختلف أنحاء العالم، فقد ازدادت التساؤلات حول ما هي طرق علاج جدري القرود وهل يمكن الوقاية من الإصابة به، لذا فإن هذا المقال يوضح جميع التفاصيل المتعلقة بهذه التساؤلات.
غالباً ما يشفى جدري القرود من تلقاء نفسه خلال 2 -4 أسابيع دون الحاجة للعلاج. حالياً لا يوجد علاج محدد لجدري القرود تمت الموافقة عليه، وكما هو الحال مع باقي أنواع العدوى الفيروسية يلجأ الأطباء إلى العلاج الداعم لتخفيف الأعراض فقط. [2،3]
وفيما يلي نذكر كل التفاصيل المتعلقة بعلاج جدري القرود وكيفية الوقاية منه:
علاج أعراض جدري القرود
يمكن أن يؤثر جدري القرود على عدة أجزاء من الجسم، بما في ذلك الجهاز التنفسي، والمعدة والأمعاء، والجلد، والعينين لذا يعمد الأطباء في مثل هذه الحالات إلى تقديم علاج لجدري القرود الذي يهدف للتخفيف من الأعراض والوقاية من الإصابة بعدوى ثانوية نتيجة لعدوى جدري القرود. [4]
ويمكن أن تشمل طرق العلاج الداعم في هذه الحالة وفقاً للأعراض التي يعاني منها المريض على ما يلي:
- الراحة قدر الإمكان.
- الإكثار من شرب السوائل وتناول الأطعمة الصحية مثل الفواكه والخضراوات لتعزيز قوة الجهاز المناعي.
- المسكنات وخافضات الحرارة للتخفيف من الحمى والألم، ومن الأمثلة على المسكنات المستخدمة لهذه الغاية الإيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen) والباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol).
- عمل مغطس مائي دافئ ويفضل أن يحتوي على الشوفان من أجل التقليل من الحكة.
- موسعات القصبات الهوائية في حالات ضيق التنفس.
- المضادات الحيوية لعلاج أو الوقاية من العدوى البكتيرية الثانوية في الجهاز التنفسي والجلد وغيرها من أجزاء الجسم.
- الكورتيكوستيرويدات ومضادات الالتهاب للتخفيف من التهاب الأنسجة المتواجدة في الجلد.
- السوائل عن طريق الوريد للحفاظ على توازن الأملاح في الجسم، وللوقاية من الإصابة بالجفاف.
- قطرات المضادات الحيوية أو المضادات الفيروسية للعين، وقطرات الكورتيكوستيرويدات عند وصول العدوى إلى العينين.
- مضادات التقيؤ.
- مضادات الإسهال. [2،4]
علاج جدري القرود بالأدوية
تمت ملاحظة أن بعض أنواع مضادات الفيروسات المستخدمة في علاج الأنواع الأخرى من العدوى الفيروسية، مثل الجدري قد تساعد على على علاج جدري القرود، حيث أنها تعمل على إيقاف انقسام وتكاثر الفايروس، ما قد يخفف من شدة العدوى والأعراض، ويمنع تطور المضاعفات. ومن هذه المضادات ما يلي:
- السيدوفوفير والبرينكيدوفوفير
إن السيدوفوفير ( بالإنجليزية: Cidofovir) هو أحد المضادات الفيروسية التابعة لمجموعة مثبطات إنزيم بوليمراز الدنا (بالإنجليزية: DNA polymerase) والذي يستخدم من أجل علاج العدوى بالفيروس المضخم للخلايا. أما البرينكيدوفوفير (بالإنجليزية: Brincidofovir) فهو دواء أولي يتم تحويله داخل الجسم للسيدوفوفير والذي يستخدم لعلاج مرض الجدري. [1،3،5]
أما حول فعالية استخدام السيدوفوفير والبرينكيدوفوفير من أجل علاج جدري القرود، فقد أثبتت فعاليته ضد فيروسات الأورثوبوكس (بالإنجليزية: Orthopoxviruses) في الدراسات المخبرية والحيوانية، إلا أنه لا يوجد إلى الآن أية دراسات بشرية تثبت ذلك. إلا أن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها يمتلك تصريحاً يسمح باستخدام كلا الدوائين من أجل علاج جدري القرود في حالة تفشي المرض. [1،5]
وعادة ما يفضل استخدام دواء البرينكيدوفوفير مقارنة بالسيدوفوفير، حيث أنه لم يرتبط بإحداث سمية كلوية شديدة أو غيرها من الأعراض الجانبية الأخرى كالتي تحدث أثناء استخدام السيدوفوفير. [1،5]
- التيكوفيريمات
يستخدم دواء التيكوفيريمات ( بالإنجليزية: Tecovirimat) أيضاً من أجل علاج مرض الجدري، والذي يعتمد مبدأ عمله على تثبيط تحرير الفيروس داخل الخلية، وقد أثبتت فعاليته ضد فيروسات الأورثوبوكس في الدراسات المخبرية والحيوانية. [1،3،5]
وما يميز هذ الدواء عن غيره من مضادات الفيروسات هو إلا أنه آمن ويسبب آثار جانبية طفيفة ويتوفر على شكل حبوب أو حقن. كما يمتلك مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تصريحاً يسمح باستخدامه من أجل علاج جدري القرود في حالة تفشي المرض. [1،5]
- مصل الغلوبيولين المناعي
يستخدم مصل الغلوبيولين المناعي (بالإنجليزية: Vaccinia Immune Globulin) عن طريق الوريد من أجل تقليل المضاعفات الناتجة عن فيروس جدري البقر. وبالرغم من أن فعالية مصل الغلوبيولين المناعي لعلاج جدري القرود لم تثبت بعد، إلا أن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها يمتلك أيضاً تصريحاً يسمح باستخدامه من أجل علاج المرضفي حالة تفشي المرض. [1،3،5]
كما أنه من الممكن أن يستخدم مصل الغلوبيولين المناعي كعلاج الوقائي في شخص المعرض للإصابة بجدري القرود ويمنع إعطاؤه مطعوم الجدري نظراً لمعاناته من نقص المناعة الشديد في وظيفة الخلايا التائية. [1،5]
اقرأ أيضاً: ما هو جدري القرود وما أعراضه؟
علاج حبوب جدري القرود
يمكن أن تستمر الحبوب أو الطفح الجلدي الناجم عن جدري القرود لفترة تتراوح بين 14- 28 يوم، ويبقى الشخص معدياً حتى تتساقط الحبوب على شكل قشور، ويمكن علاج حبوب جدري القرود والتخفيف من الحكة التي تسببها، والوقاية من إصابتها بالعدوى البكتيرية الثانوية، وتعزيز شفاؤها من خلال ما يلي:
- تجنب الهرش او الحك لتجنب كشط البثور، إذ قد يتسبب كشط البثور في تعريض الجلد للعدوى الثانوية مثل العدوى البكتيرية، وتشكل التقرحات أو الخراج (القيح)، وقد يؤدي إلى تندب مكان الحبوب، بلإضافة إلى ما سبق تحتوي السوائل الموجودة داخل الحبوب على الفيروس الحي لجدري القرود، لذا يمكن لهذه السوائل أن تنقل العدوى من مكان لآخر على سطح الجلد، ومن شخص لآخر عند ملامسة هذه السوائل.
- غسل المكان المصاب بالماء والصابون أو بمحلول الأيودوبوفيدون (بالإنجليزية: Povidone-Iodine) المخفف بالماء لتطهير الجلد.
- وضع الكمادات الباردة المرطبة على الحبوب المؤلمة أو التي تسبب الحكة.
- استخدام المضادات الحيوية الموضعية، مثل سولفاديازين الفضة (بالإنجليزية: Silver Sulfadiazine)، على الحبوب المكشوطة أو الملتهبة. [2،4]
لقاح جدري القرود
تمت الموافقة على لقاح واحد للوقاية من جدري القرود وجدري الماء من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وهو لقاح جيننيوس (بالإنجليزية: JYNNEOS)، ومن أسمائه الأخرى لقاح إمفاميون (بالإنجليزية: Imvamune) أو إمفانيكس (بالإنجليزية: Imvanex)، وتشمل اللقاحات الأخرى التي أشارات الدراسات السابقة في إفريقيا إلى أنها قد تكون فعالة في الوقاية من جدري القرود حتى بعد التعرض للعدوى على ما يلي:
- لقاح الجدري، والذي يعد فعال بنسبة 85% في الوقاية من جدري القرود.
- لقاح ACAM2000 وهو لقاح تمت الموافقة على استخدامه للوقاية من جدري الماء للاشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 18 عام، إلا أنه أظهر فعالية في الوقاية من جدري القرود.
- لقاح أنقرة (بالإنجليزية: Ankara vaccine) وقد تمت الموافقة على استخدامه مؤخراً للوقاية من انتشار عدوى جدري الماء وجدري القرود. [1،3،5]
الوقاية من جدري القرود
يمكن أن ينتقل جدري القرود من خلال الاتصال المباشر بالسوائل الخارجة من البثور على جلد المصاب، ومن خلال الاتصال الجنسي، ويمكن أن ينتقل الفيروس أيضاً مع رذاذ الجهاز التنفسي عند السعال أو العطس أو التحدث، كما يمكن للأسطح الملوثة بالفيروس أن تنقل العدوى.
ويمكن أن تشمل طرق الوقاية من تلقي ونشر عدوى جدري القرود على ما يلي:
- تغطية الفم والأنف باستخدام الكمامات لدى الأشخاص المصابين.
- تغطية البثور خاصة التي ترشح السوائل بالشاش الطبي.
- تجنب لمس الأشخاص الآخرين.
- استخدام أواني الطعام والشراب الخاصة وتعقيمها، أو التخلص منها بطريقة مناسبة في سلة المهملات بعد استخدامها.
- تجنب الخروج والاختلاط بالعامة، واستخدام داخل المرفق أو المناديل عند العطس أو السعال والتخلص منها في سلة المهملات وعدم تركها على الأسطح.
- ارتداء القفازات وتجنب لمس الأسطح خاصة تلك الموجودة في الأماكن العامة.
- غسل اليدين بشكل متكرر بالماء والصابون خاصة عند العودة من الخارج، واستخدام معقم اليدين الكحولي عند عدم توفر الماء والصابون.
- تعقيم الأسطح بالماء والكلور.
- تجنب فرك العينين والفم والأنف خاصة قبل غسل اليدين.
- تجنب ممارسة الجنس غير المحمي.
- تجنب السفر إلى الأماكن التي تعرف بانتشار العدوى.
- تلقي لقاح الجدري. [1،2،5]
اقرأ أيضاً: أمراض السفر وكيفية الوقاية منها وعلاجها
نهاية، إن علاج جدري القرود يتضمن عادة التخفيف من الأعراض لحين اختفاء المرض من تلقاء نفسه، ولكن من الممكن إعطاء عدد من مضادات الفيروسات في الحالات الخاصة. وكما يقول المثل، درهم وقاية خير من العلاج، فإنه يمكن الوقاية من الإصابة بهذا المرض من خلال عدد من التدابير البسيطة، الأمر الذي يجنب المرء تكاليف العلاج والمضاعفات المحتملة للمرض.