يعرف الأطباء متلازمة الطفل الاوسط بأنها اضطراب يصيب الكثير من الصغار خلال مرحلة الطفولة ويتسبب في الكثير من الأوضاع المشوهة أو غير الطبيعية في الأسرة. يمكن أن يكون هذا الاضطراب سبباً لأضرار تؤثر في التطور النفسي والعاطفي السليم للطفل، وأيضاً للمعاناة من مضاعفات في الصحة الجسدية، وهو الأمر الذي يؤثر على مستقبله، سنتعرف في هذا المقال عن حقيقة متلازمة الطفل الأوسط.
ما هي أسباب متلازمة الطفل الأوسط؟
أعاد أطباء النفس أسباب متلازمة الطفل الاوسط إلى الأمور الآتية:
إهمال الطفل الأوسط
يحدث هذا المرض النفسي عندما يهمل الوالدان أو أفراد العائلة الطفل المتوسط بصورة ما؛ وذلك وقت ولادة طفل آخر، فيحصل على الاهتمام والرعاية بشكل كامل، وفي الوقت نفسه فإن الطفل الأكبر، أو ما يطلق عليه البكر يتحمل بعض المهام المنزلية البسيطة، وكذلك الأعمال السهلة، وهو الأمر الذي يجعله محط إعجاب وتشجيع الآخرين.
يتسبب الإهمال الذي يعانيه الطفل الأوسط في تولد شعور النقص لديه، وكذلك انعزاله عن والديه، وربما تمتلكه مشاعر الغيرة والحقد ناحية إخوته، وهو ما ينتهي به إلى الإصابة بهذه الحالة. ويحدث هذا الأمر عادة بصورة طبيعية، لأن الوالدين لا يرغبان بالتخلي عن الابن المتوسط، أو مجرد تجربة هذا الأمر، وما ينبغي على الوالدين في هذا الجانب تجنب الأخطاء، وذلك عند ملاحظة أن الطفل بدأ يتأثر باهتمامهما بأخيه الأصغر.
ولادة طفل جديد
يعد السبب الرئيسي وراء متلازمة الطفل الاوسط، إذ يحدث نتيجة إهمال الأم لطفلها الأوسط عقب ولادة طفل جديد. ويمكن تفسير هذا الأمر بأن قلة خبرة الأم في التعامل مع طفلها الأول تؤدي إلى أن تمنحه المزيد من الرعاية والاهتمام، حيث تحمله دائماً ولا تتركه يبكي، وهو نفس ما يحدث من بقية أفراد العائلة كالجد والجدة.
يختلف الأمر مع الطفل الثاني، فالأم اكتسبت خبرة من تربية أخيه الأكبر؛ ولذلك فإنها لا تبالغ في حمله وتتركه عند بكائه؛ حيث ترى إن كل هذه الأمور كانت أخطاء وقعت فيها عند تعاملها مع الطفل الأول.
يزداد الأمر سوءاً مع ولادة طفل جديد؛ لأنه سوف يستحوذ على اهتمام الأم والعائلة. وفي الوقت نفسه فإن الأخ الأكبر يكون قد اكتسب بعض المهارات التي تمكنه من المساعدة في القيام ببعض المهام البسيطة، وبالتالي فإنه يلقى الثناء والإعجاب من الوالدين والأقارب. ويجد الطفل الأوسط نفسه في هذا الوقت منعزلاً، فهو لا يحوز على اهتمام الأم المشغولة مع الطفل الرضيع، وكذلك الإعجاب الذي يناله الأخ الأكبر؛ لأنه يفتقد للمهارات التي تعينه على مساعدة أمه.
للمزيد: الاهتمام واللامبالاة وتأثيرهما على سلوك الإنسان
ما هي أعراض متلازمة الطفل الاوسط؟
يدفع الوضع بهذا الشكل إلى إثارة العديد من الأسئلة في نفس الطفل، كأن يتساءل ما مكانه في الأسرة؟ وما دوره بينهم؟ وما المطلوب منه؟
يؤدي عدم وجود إجابات واضحة لهذه الأسئلة إلى تعرضه للإصابة بمتلازمة الطفل الأوسط، والتي تظهر أعراضها فيما يلي:
- فقدان الثقة في النفس.
- إصابته بالغيرة والغضب.
- انعدام المبادرة لديه.
- الميل إلى الخجل والانطواء.
- ينفصل الطفل عن دائرة الأسرة.
- يصبح عنيداً بصورة كبيرة للدرجة التي يرفض فيها تلبية أي طلب من أمه، حتى لو كان في مصلحته.
- تصل الأمور في بعض الحالات المتطرفة إلى شعور الطفل بالسعادة عندما يتشاجر والداه، لأن هذا يعد تعويضاً له عن إهمال الأم.
- يمكن أن تنعكس المشاعر السلبية المتولدة عن هذه المتلازمة على شخصية الطفل عندما يكبر، فيصير جامد الفكر، ولا يتقبل إلا رأيه، وربما تصل الأمور إلى مرحلة من العنف اللفظي أو الجسدي لمن يخالفه الرأي. وفي أحيان كثيرة فإن هذه النماذج تكون حياتها الزوجية غير مستقرة ومعرضة للانهيار.
للمزيد: الإهمال العاطفي للأطفال؛ أشكاله، مؤشراته وعلاجه
للمزيد: الصحة النفسية للطفل خلال عامه الأول
علاقة الطفل الأوسط بأهله ضعيفة وركيكة
تشير إحدى الدراسات التي أجريت على عينة مكونة من أكثر من 350 طالباً جامعياً إلى أن الأولاد المتوسطين تكون علاقتهم بالأهل ضعيفة. ووجه القائمون على الدراسة سؤالاً لعينة البحث عن الشخص الذي يلجأون إليه عند طلب المساعدة، هل الآباء أم الأشقاء؟
كانت إجابات الأبناء البكر وغيرهم، أنهم يلجأون إلى الأم أو الأب، في حين أن الأبناء المتوسطين اختاروا الإخوة والأخوات، واعتبروا كذلك الأصدقاء جزءاً مهماً من حياتهم بشكل أكبر من الأبناء البكر.
وأرجع القائمون على الدراسة هذا الأمر إلى أن الأبناء المتوسطين ربما قضوا وقتاً أقل مع والديهم، وهو الأمر الذي ينعكس عليهم بأنهم أقل قرباً منهم.
للمزيد: كيف نساعد أطفالنا على التأقلم مع عملية الانتقال إلى بلد جديد؟
مميزات كثيرة للابن الأوسط
يرى الباحثون في الجانب الآخر من هذا الاضطراب صورة مضيئة عند تحليل شخصية الأخ الأوسط، وذلك لأن من صفات الطفل الثاني:
- يكتسب العديد من الصفات التي تؤهله إلى مواقع الصدارة.
- يمتاز بأنه أقل عرضة لأن يخون أصدقاءه أوشركاءه، وربما يكون ذلك انعكاساً لتقديرهم العلاقات التي لا ترتبط بالقرابة، وربما تسبب تعرضهم للضغط من قبل أقرانهم في الميل لأن يصبحوا أكثر انفتاحاً على الآخرين.
- يكون في أحيان كثيرة منفتح ومستعد لتجربة أشياء جديدة مقارنة بشقيقه الأكبر والأصغر سناً، وهو ما فسره الباحثون بأنه كثيراً ما يجبر على الاستقلالية والاعتماد على النفس، وبالتالي يكسبه هذا الأمر خبرات وتجارب أكثر، ويجعله يختار طريقه وأسلوبه الخاص.
- يمتاز بأنه مفاوض جيد، فهو يعتاد أن يحصل على كل ما يريده بأسلوب خاص، وفي الغالب فإنه يفهم السؤال والموقف من جميع جوانبه.
- لدى الطفل الأوسط مقدرة على تقديم التنازلات، وهو الأمر الذي يجعله يكسب أي جدال.
- يعد شريك حياة ممتاز؛ وذلك لأنه بإمكانه الانسجام مع الجميع، ويمتاز بإجادة التفاوض، ولديه القدرة على استيعاب الآخرين.
للمزيد: انماط الشخصية عند الاطفال
كيفية مواجهة التغيرات الطارئة
يستطيع الطفل الأوسط أن يواجه التغيرات الطارئة أكثر من أشقائه الأكبر والأصغر، ويعود ذلك إلى المزج بين المخاطرة والانفتاح على التجربة، وهو الأمر الذي يجعله يتأقلم مع الجديد. ويسعى كذلك إلى أن يحقق العدالة؛ حيث إنه يرى أي ظلم في الأسرة قبل غيره، وعندما يكبر يتفهم احتياجات الآخرين، ويقف إلى جانب المستضعفين.
يكتسب الطفل الأوسط مرونة وتفهماً أكثر من الأكبر أو الأصغر منه، وذلك يعود إلى أنه يجب عليه - وفي سن مبكرة - أن يتمتع بمنطق بليغ حتى تستمع إليه الأسرة. كما يجب أن يكون مرناً من أجل أن يشارك من هو أكبر منه سناً اللعب، ويراعي احتياجات الأصغر سناً ويعتني بهم.
للمزيد: كيف تعالج مشكلة السرقة عند الأطفال؟
كيفية التعامل وعلاج متلازمة الطفل الأوسط
يؤكد الأطباء النفسيون أن علاج متلازمه الطفل الاوسط يتم داخل الأسرة؛ وذلك كي يصبح إنساناً سوياً، ويتحرر من الأحاسيس السلبية، ويكون العلاج كالتالي:
- منح الطفل الأوسط نفس الاهتمام والثقة التي تمنح لشقيقه الأكبر، وذلك عبر إسناد بعض المسؤوليات والاختصاصات، التي تكسبه الثقة في نفسه، كما أنه يشعر بأن الآخرين يثقون فيه، ويتوازى مع هذا الأمر عدم المبالغة في تدليل الشقيق الأصغر، لأنه ربما تسبب في تولد أحاسيس الغيرة داخله.
- الحصول على استشارة معالج نفسي في الحالات التي تتحول فيها مشاعر الطفل المصاب إلى سلوكات عدوانية تجاه والديه وأشقائه، إذ يقوم المعالج النفسي في هذه الحالة بتعديل سلوك الطفل، مع توجيه أبويه إلى أفضل الطرق التربوية، التي تساعدهما في استعادته من جديد.
- تقديم المزيد من المستلزمات الجديدة مثل الملابس والألعاب، وعدم الاكتفاء بإعطائه مستلزمات أخيه المستعملة.
- مراعاة قضاء وقت كاف مع ابنهم الأوسـط مع منحه اهتمـاماً متبادلاً عبر ممارسة الأنشطة والهوايات التي يحبها، وهو الأمر الذي يجعله يشعر بأهميته في الأسرة.
- الإنصات إلى رأيه عند إجراء أي نقاش أسري واحترام أفكاره، لأن ذلك يعزز الثقة في نفسه، ويشعر بأنه محور اهتمام الأسرة.
- الابتعاد عن مقارنة الابن الأوسط بالأكبر منه أو الأصغر، وإنما المطلوب الثناء عليه ومدح صفاته الإيجابية، ثم يتم انتقاد التصرف السلبي مع استبداله بآخر إيجابي.
تعتبر المشاجرات والمشاحنات بين الإخوة من الأمور الطبيعية، إلا أن على الوالدين مراعاة عدم التجني على الابن الأوسط، بجعله يتنازل في كل خلاف يحدث مع شقيقه الأكبر أو الأصغر، ولكن المفروض معرفة المخطئ وعقابه، لأن تكرار إجبار الأوسط على التنازل لأخويه يشعره بالاضطهاد.