الأحجار الكريمة جميلة وخلابة، يشتريها الناس بأموال طائلة ليرتدوها للزينة، لكن في الحياة الواقعية ليست هذه هي الوظيفة الوحيدة لهذه الأحجار، فالعديد من الناس يؤمنون بأن الأحجار الكريمة واحدة من أكثر الإتجاهات شيوعاً في الطب البديل، حيث يعتقد العديد من الفلاسفة أن ارتداء أو رؤية الأحجار الكريمة أو البلورات؛ يمكن أن يعطي فائدة جسدية وعقلية للشخص، فيما أطلقوا عليه مصطلح العلاج بالأحجار الكريمة.

لذا فهذا المقال سوف يلقى نظرة حول حقيقة العلاج بالأحجار الكريمة.

تاريخ العلاج بالأحجار الكريمة

الأحجار الكريمة أو البلورات هي ببساطة مجموعة من المعادن، جميلة للغاية وشبه نادرة وبعضها له ألوان رائعة وخلابة، عبر تاريخ البشرية استخدم الإنسان هذه الأحجار للرفاهية والزينة، وبعض الاكتشافات الأثرية توضح أن حجر الكهرمان كان يستخدم للحماية والرفاهية منذ 10 آلاف عام في بريطانيا.

لكن لم تكن الرفاهية هي الاستخدام الوحيد لهذه الأحجار في التاريخ، فهناك بعض الاكتشافات الأثرية توضح استخدام هذه الأحجار في العلاج والحفاظ على صحة الإنسان، ففي مصر على سبيل المثال أظهرت بعض الآثار أن بعض الأحجار الكريمة كانت تستخدم لأغراض طبية، مثل اللازورد والفيروز والزمرد.

في مجتمع الطب البديل- الذي يعتمد على العلاج بواسطة أشياء طبيعية بعيداً عن الأدوية والمواد الكيميائية- يعتقد العديد من الناس أن هذه الأحجار لها قوة علاجية.

ما هو العلاج بالأحجار الكريمة؟

الأحجار الكريمة البلورية الجميلة وذات الألوان الواضحة لها قدرات شفاء عالية، حيث إنها تقوم بإشعاع طاقة في جميع الإتجاهات، لذا فعند ارتدائها يمكن أن تصل هذه الطاقة إلى جسم الإنسان، وهذا يعطي الشخص طاقة تساعده طوال اليوم.

ارتداء هذه الأحجار له قوة شفائية بالرغم من اختلاف أنواعها، فطبقاً للمختصين بهذا المجال فإن كل حجر كريم له غرض شفائي مختلف عن الأحجار الكريمة الأخرى، إلا أن ارتدائها يعطي الشعور بمزيد من الثقة والقدرة.

للمزيد: الطب التكميلي عامل مساعد لعلاج الكثير من الأمراض

حقيقة العلاج بالأحجار الكريمة

أنصار العلاج بالأحجار الكريمة يستندون إلى بعض الآثار القديمة التي توضح استخدام المصريون القدماء لهذا العلاج، كما توجد بعض القطع الأثرية الأخرى التي توضح استخدام السومريون لهذا النوع من العلاج منذ 6 آلاف عام.

لكن فلسفة العلاج بالأحجار الكريمة الحديث يستند إلى عدة مفاهيم من الثقافات الآسيوية، التي تنص على أن التخلص من الطاقة السلبية يساعد على شفاء الأمراض، ولعل أشهر المفاهيم الآسيوية في هذه النقطة هو المفهوم الصيني المعروف باسم "تشي أو كي".

طبقاً لهذه الثقافات فإنه من المفترض أن تتفاعل هذه الأحجار مع مجال طاقة الجسم، وينتج عن هذا التفاعل تعزيز الشفاء الجسدي والعاطفي والروحي. يختلف الحجر المستخدم في العلاج على حسب الأعراض التي يشتكي منها المريض، فعلى سبيل المثال يعتقد بعض الناس أن حجر الجمشت مفيد لعلاج أمراض الأمعاء، فيما يعتقد البعض أن حجر افينتورين الأخضر يساعد في علاج أمراض القلب، وغيرها من الأحجار الكريمة حيث يختص كل حجر بعلاج مشكلة معينة.

كل هذا بسبب التأثر بفكرة أن الأمراض ناتجة من اختلال توازن الطاقة في الجسم، وأن دور الأحجار الكريمة يقتصر على إعادة توازن الطاقة في جسم الإنسان إلى وضعه الطبيعي مرة أخرى، وهذه الفكرة هي أساس العديد من أفكار الطب البديل، وهذا يختلف بشكل جذري مع أساسيات الطب التقليدي، لأن الأمراض ليست نتيجة لخلل الطاقة في جسم الإنسان، لكن يوجد العديد من مسببات الأمراض التي تسبب حدوث هذه الأضرار.

للمزيد: أمراض القلب في النساء

هذا هو رأي الفلاسفة وأنصار هذا النوع من العلاج، لكن ما عن رأي العلم الحديث؟

لا توجد دراسات علمية تثبت حقيقة العلاج بالأحجار الكريمة، لكن هناك بعض العلماء يشيرون إلى أن فعالية هذا النوع من العلاج تعود إلى قوة تأثير العلاج الوهمي (بالإنجليزية: Placebo Effect)، وهذا معناه أن العلاج فعلاً لا يسبب أي تحسن للمرض، لكن بسبب أن المريض يؤمن بأن هذا العلاج له القدرة على شفائه فيتوهم أن العلاج فعلاً يشفيه، وهو في الحقيقة لا يؤثر على أي شيء.

في عام 2001 قدم كريستوفر فرنسيس -رئيس وحدة أبحاث علم النفس غير الطبيعي في جامعة لندن- وزملاؤه دراسة حول فعالية العلاج بالأحجار الكريمة، شملت الدراسة 80 مشترك طلب منهم ممارسة التأمل لمدة خمس دقائق أثناء حملهم بلورة كوارتز حقيقية أو بلورة مزيفة يعتقدون أنها حقيقية.

نصف المشاركين كانوا يعلمون تأثيرات العلاج بالأحجار الكريمة مثل الإحساس بالوخز في الجسم أو دفء اليد، في حين أن النصف الآخر لا يعرف شيء عن هذا العلاج. بعد انتهاء مدة التأمل سأل العلماء المشاركين أسئلة حول إذا ما كانوا شعروا بأي آثار حدثت في أجسامهم خلال فترة العلاج.

في المجموعتين سواء من يحمل بلورة حقيقية أو مزيفة أخبروا العلماء بنفس التأثيرات تقريباً، حيث شعروا بدفء أيديهم التي تمسك البلورة بالإضافة إلى زيادة الشعور بالسعادة.

كانت هذه التأثيرات أقوى في الأشخاص الذين يعرفون تأثيرات العلاج بالأحجار الكريمة، وبالرغم من ذلك فإن قوة التأثيرات لم تختلف في حالة البلوة الحقيقية عن البلورة المزيفة، كما أوضحت الدراسة أن من يؤمن بالعلاج بالأحجار الكريمة أبلغ عن قوة التأثير بشكل أقوى مرتين من الذين لا يؤمنون بهذا النوع من العلاج.

أوضحت هذه الدراسة أن تأثير العلاج بالأحجار الكريمة يعتمد على تأثير العلاج الوهمي، وينصح العلماء أنه إذا كان الشخص يعاني من مرض خطير، فعليه أن يستشير طبيب متخصص وليس البحث عن علاج بديل، لكن المشكلة تكمن في علاج في إقناع المؤمنين بهذه الفكرة، فغالبية من يتجه نحو العلاج بالطب البديل يظهر عدم ثقة متزايدة تجاه الأطباء المحترفين.

في دراسة أخرى أجريت في عام 2013 حول تأثير الأساور المغناطيسية في تخفيف الألم، قام العلماء بوضع هذه الأساور حول معصم 70 شخص مصاب بالتهاب المفاصل الروماتويدي، ولكن لم يلبسوا جميعاً نفس نوع الأسورة وقسموهم إلى أربع مجموعات حسب نوع الأساور. بعد 5 أسابيع من ارتداء هذه الأساور لم يجد المشاركون فرقاً بين الأساور في تخفيف الألم أو الالتهاب.

هذه دراسة أخرى تثبت أن العلاج بالأحجار الكريمة و بعض أنواع الطب البديل ليس لها تأثير حقيقي في العلاج، وأنها لا تشفي فعلاً الأمراض، لكن كل تأثيرها يعتمد على إيمان الشخص بهذا النوع من العلاجات. يستخدم الناس العلاج بالأحجار الكريمة في علاج بعض أنواع المشاكل العقلية مثل القلق والاكتئاب، وتحسين المزاج، وكذلك تخفيف الآلام وخصوصاً حجر العنبر.

أما بالنسبة لأمان هذا النوع من العلاج، فهو آمن ولا يسبب أي مشاكل جانبية، لكنه خطير جداً لأن من يستخدم هذه العلاجات لا يستشير طبيب مختص، ويحاول العلاج بهذه الأحجار وبمرور الوقت لا تسبب الأحجار أي نوع من الشفاء له، ولكن عدم استخدامه لعلاج حقيقي يؤدي إلى تطور المرض وحدوث العديد من المضاعفات، وينتج عنها مشاكل كثيرة جداً.

للمزيد: أسس علاج الألم، مفاهيم ينبغي أن تصحح

في النهاية، حقيقة العلاج بالأحجار الكريمة لم تثبت علمياً بأي دراسة علمية، وكل العلماء يجمعون أن تأثيرها ناتج من تأثير العلاج بالوهم، لا أحد ينكر جمال وروعة الأحجار الكريمة، لكن الصحة مهمة جداً، لذا عند الإصابة بأي مرض لا يجب على الشخص الذهاب إلى مختص بالعلاج بالأحجار الكريمة، بل يجب عليه الذهاب إلى طبيب مختص بعلاج الأمراض فعلاً، لأن التأخير في العلاج يسبب العديد من المشاكل والمضاعفات الخطيرة التي قد تنتهي بالوفاة.