تموت ألوف من الناس غرقاً كل عام في أنحاء العالم ولو تم إعداد الناس ورجال الإسعاف وتدريبهم على طرق الإنقاذ من الغرق وإسعاف الغرقى وإصابات السباحة الأخرى لأنقذنا أرواحاً كثيرة، ودروس الإسعاف الأولي تعطي فكرة أشمل حول طرق السباحة والإنقاذ من الغرق، لكن هذا المقال يعتني أكثر بعمليات الإنقاذ المهمة التي تتم خارج المياه.
الغرق
يحدث الغرق عادة جراء امتلاء مجاري الهواء بالماء، ويموت الغريق بسبب نقص الأوكسجين وعوامل أخرى متعلقة بدخول المياه إلى الرئتين. فنقص الأوكسجين يؤدي (وبسرعة) إلى فقدان الوعي وتوقف القلب وتلف في المخ، وعندما يسقط إنسان يجهل السباحة في الماء يصاب عادة بذعر يجعله أعجز من أن ينقذ نفسه بنفسه كما أن الذعر نفسه يرهقه، أما الشخص الذي يجيد السباحة فقد يصاب بالذّعر هو الآخر إذا اكتشف أنه لن يستطيع الوصول إلى مكان آمن.
ولولا الذعر الذي يصيبه لفكر مثلاً بأن يرتاح إما عن طريق العوم على سطح الماء باسترخاء، وإما بتغيير طريقة سباحته أو بمحاولة تعبئة ثيابه بالهواء، لكن الذعر والهلع يحول دون أن تخطر مثل هذه الأفكار على ذهنه وهو يصارع المياه، والجدير بالذكر هنا أنه لا بد من بذل الجهد الكافي وبأسرع وقت لإنقاذ الأشخاص المهددين بالغرق.
وعادة ما تكوت أول ردة فعل لشخص دخلت المياه إلى فمه وأنفه هو أن السعال وبلع الماء في آن واحد محاولاً التقاط أنفاسه ومن خلال ردة الفعل هذه قد تدخل كمية كبيرة من الماء إلى معدته، كما قد تدخل كمية من المياه حنجرة الشخص وقصبته الهوائية مما يؤدي إلى إصابتها بالتشنج وبالتالي انسداد المجاري الهوائية، وفي هذه الأثناء قد تدخل كمية ولو قليلة جداً من المياه إلى الرئتين. وإذا توافر الإسعاف عند ذلك فأول ما على المسعف القيام به هو فتح مجاري التنفس والقيام بعمليات التنفس الاصطناعي.
إن امتصاص الجسم لكميات كبيرة من الماء من الرئتين يخفف كثافة المواد الكيميائية في الدم وينتج عن ذلك انتفاخ وحتى انفجار بعض الكريات الحمراء في بعض الأحيان، حيث أن كثافة المياه المالحة أكبر من كثافة الأملاح في الدم ونتيجة لذلك يتسرب الماء إلى الرئتين ويحدث احتقاناً شديداً فيهما، كما أن المياه الملوثة بالمواد الكيماوية والأملاح تحدث التهابات رئوية تحتاج إلى عناية في المستشفى، وعلى فريق الإنقاذ أن يتابع الغريق حتى بعد إعادة التنفس إليه، وأن ينتبه إلى وجود أي كسر أو مضاعفات أخرى ناتجة عن التزلج المائي على سبيل المثال.
العوامل المهمة في حوادث الماء
إن مصير الشخص الذي يتعرض للغرق يتحدد بعوامل خمسة هي:
- سرعة الإنقاذ.
- تأمين انفتاح المجاري الهوائية العليا.
- البدء فوراً بالتنفس الاصطناعي، وإنعاش القلب، والتنفس بالأدوية، والتدليك.
- قوة الضحية الذاتية القابلة للإنعاش.
- نوع الماء الذي غمر الضحية.
ويتبين أن تأمين الأوكسجين للتنفس وتنشيط الدورة الدموية ضروريان لإسعاف الغريق، ويجب أن تبدأ محاولة الإسعاف بإخراج الغريق من الماء في أقصر وقت ممكن، وألا تتوقف محاولات الإنعاش حتى يعلن الطبيب وقوع الوفاة.
تقييم المشكلة
من الأهمية محاولة معرفة ظروف الحادث لتقرير طريقة الإنقاذ، وتساعد المعلومات التالية على الإنقاذ:
- ما هو طول مدة تعرض الضحية للغرق؟
- أين شوهد آخر مرة.
- نوع هندامه.
- ما هو نوع السائل والتيار والعوائق وعمق الماء ونوع الشاطئ واتجاه الريح؟
- من يستطيع محاولة الإنقاذ؟
قد يبقى الجسم في مكان الغرق أو أن يقذف إلى مكان بعيد وقد يغرق فوراً أو بعد حين، ويؤثر كل من كمية الهواء الباقية في الرئتين وثقل الجسم النوعي على سرعة الغرق. وتبقى أجسام الأشخاص البدناء وأجسام الأطفال بعد الغيبوبة على مقربة من سطح الماء وقد يحملهم تيار قوي إلى مسافة بعيدة، بينما قلما يؤثر التيار في الأجسام التي تغرق رأساً فتبقى قرب مكان الحادث.
الانعاش
من الطبيعي أن يحاول أول شخص يشاهد حادث غرق أن يهب لإنقاذ الغريق إذا كانت لديه المهارة اللازمة وإلا فعليه أن يطلب النجدة بعد أن يحدد المكان والزمان، حيث أن عملية الإنقاذ قد تشكل خطراً على المنقذ إذا كان لا يحسن السباحة يمكنه أن يساعد الغريق الذي لم يفقد وعيه بأن يمد له حبلاً أو يرمي له وعاء أجوف أو ما يطفو عليه، ويجب التجذيف بطوق مسطح للوصول إلى غريق بعيد على الشاطئ للبدء بالإنقاذ، واستعمال منظار الغطس يساعد على سرعة إيجاد الضحية. ويعمد تشكيل فرق إنقاذ على غطاسين وسباحين مهرة متمرسين بوسائل الإنعاش والإنقاذ بواسطة الخطاف والشباك.
طريقة إنعاش الغريق
يجب إعطاء الغريق التنفس الاصطناعي إن أمكن حتى قبل إخراجه من الماء الضحل، وإذا احتاج الغريق إلى تدليك قلبه فيجب القيام بذلك ثم وضعه على وجهه فوق سطح جامد.
حوادث الغطس
بعد أن كثر هواة الغطس وبعد أن أصبحت لدى الجيوش فرق الضفادع البشرية وهو فريق من الغطاسين، ازداد التعرض بواسطة لأخطار الغطس التالية:
- الجلطة الهوائية: فكلما ازداد عمق الماء ازداد الضغط على الرئتين وعلى أنسجة الجسم وهذا بدوره يسبب هروب فقاعات من الهواء من الرئتين إلى الأوعية الدموية المحيطة بالفسحات الهوائية، وتسير هذه الفقاعات إلى القلب ومنه بواسطة الشرايين إلى جميع أنحاء الجسم محدثة انسداداً في أواخر الشرايين يقطع الدم والغذاء والأوكسجين عن الأنسجة.
وتتلخص أعراض الجلطة الهوائية فيما يأتي:
- ألم شديد في العضلات والمفاصل والبطن.
- تبقع الجلد.
- ظهور الزبد في الأنف والفم.
- ظهور صعوبة في التنفس مع ألم في الصدر.
- صعوبة الرؤية مع دوخة وغثيان.
- شلل جزئي أو كلي وغيبوبة.
أما طريقة العلاج فتقتصر على إعادة الغطاس إلى الغرفة لإعادة قياس الضغط مع تنشق الأوكسجين الصافي.
- الجلطة النيتروجينية: فعندما يستنشق الغطاس الهواء تحت الضغط تمتص الأنسجة كمية من الهواء أكثر من المعتاد، وبما أن الهواء مركب من الأوكسجين، والنيتروجين، وثاني أوكسيد الكربون، فتمتص الأنسجة الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون بسهولة، وأما غاز النيتروجين فإنه يتخزن في الأنسجة الدهنية ثم يهرب ببطء على شكل فقاعات صغيرة لا تشكل أي خطر حينها، إلى أن يحاول الغطاس الصعود بسرعة إلى سطح الماء دون تمهل، عندئذ يصبح حجم الفقاعات الهاربة أكبر وعددها أكثر فتحدث انسدادات عديدة في الشرايين وتظهر الأعراض كما ذكرنا سابقاً.
إذا صعد الغطاس بمعدل 8 أمتار في الدقيقة بشكل تدريجي لمدة عشر دقائق في مستويات معينة تعتمد على عمق مدة الغوص وطولها، فإنه يسمح بهروب بطيء لغاز النيتروجين ويتفادى الأذى. إن أسباب وعوارض التجلد الهوائي والنيتروجيني متشابهة وعلاجها يعتمد على الأسلوب نفسه وهو إعادة قياس ضغط الغطاس في غرفة مخصصة لذلك.
- أذى الضغط العالي: يحدث هذا الأذى في الأذنين، وفي الجيوب الأنفية، وفي العينين، وفي الرئتين جراء انفجار الأوعية الدموية، والأعراض العامة هي وجود دماء في الأذن والحلق وفي الأنف مع دوخة شديدة، وانعدام التناسق الفكري والتوازن الجسمي، إذ أن تسرب الهواء تحت الجلد في أسفل الرقبة قد يحدث صعوبة في التنفس والنطق، ويجب إعطاء المريض أوكسجيناً صافياً في هذه الحالة.
- التسمم بالأوكسجين: يحدث جراء تنشق هذا الغاز تحت الضغط العالي، وبعض أعراضه هي تهيج عام، وتقلصات عضلية.
- التسمم بالنيتروجين: ويسمى أيضاً انشداه العمق، إذ يشبه هذا التسمم عوارض ارتفاع السكر، ولا يعي الغطاس الخطر المحدق به وقد ينزع آلات الغطس بدون إرادة.
- الاختناق.