يعتبر كذب الأطفال من المشاكل التي يجب علاجها بشكل مبكر لدى الطفل، ويلعب الوالدين الدور الأساسي في زرع الصدق عند الأطفال بالقدوة الحسنة، فتحلي الوالدين بالصدق هو المثال الأول والأعلى الذي يفهمه الطفل، ومع مرور الوقت لا بد أن يعرف الطفل مفهوم الصدق والأمانة خلافاً لمفهوم الكذب.
كما أنه من أسس التربية تعليم الطفل كيفية التعامل مع المشاكل من دون اللجوء لإخفاء الحقائق أو الكذب المباشر، هذا بالإضافة إلى أن يتعلم الطفل أن الكذب هو ليس الطريق الصحيح للهروب من المتاعب والمآزق.
سيتم التحدث في هذا المقال بشكل أعمق عن كيفية التعامل مع الكذب حسب المراحل العمرية للطفل.
التعامل مع كذب الاطفال من عمر 2-4 سنوات
في هذا العمر لا يكون الطفل قد استوعب الفرق بين الكذب والحقيقة بدقة، ولا التفريق بين أحلام اليقظة والرغبات والخيال.
على سبيل المثال، إذا ادعى الطفل في هذا العمر أن أخته قد أخذت لعبته فلا يجب أن تكون الإجابة أنك تكذب وأنك قد فقدت اللعبة في الشارع، بل يتم تبسيط الموضوع وتوضيحه إذا كانت الأخت قد أخذتها فعلاً بأنها كانت تنوي اللعب قليلاً وإعادتها، وإن كان قد فقدها في الشارع فهذا هو الواقع ولا علاقة لأختك بذلك.
يجب الحذر من عدم استخدام وصف (كذاب) للطفل في هذا العمر، ومع الوصول للرابعة من العمر وما يليها يبدأ التوضيح للطفل أن ما قلته ليس صحيحاً وهذا لا يجوز دون الإسهاب في الشرح، وإمكانية البدء بتوضيح أن هذا الأمر حرام بطريقة يفهمها الطفل.
التعامل مع كذب الاطفال من عمر 5-8 سنوات
في هذا العمر يكون الطفل قد فهم الكذب ومعناه، وقد يستعمله لتجربة ما يمكن أن ينجح فيه، وذلك بما يخص المدرسة والواجبات، ومع أن الطفل قد يتمكن من إتقان الكذب ولكن على الأغلب يتم كشفه، وغالباً يلجأ الطفل للكذب عندما يكون المطلوب من الطفل أكثر من قدرته وتحمله، وإذا رأى الكبار يستعملون الكذب فلما إذاً لا يستعمله؟، ومن هنا ضرورة تحلي الأهل بالصدق.
في هذه المرحلة لا بد من مواجهة الطفل في كل ما يخطئ به سواء الكذب أو أي سلوك غير مرغوب، ويجب أن يتم ذلك بهدوء ودون انفعال مع توضيح التصرف الخاطئ وما هو البديل الصحيح، ويكون هذا من قبل الوالدين المتفقين الحازمين.
للمزيد: كيفية التعامل مع سلوك الطفل العنيد والمخرب
التعامل مع كذب الاطفال من عمر 9-12 سنة
في هذا العمر يبدأ الطفل تحديد هويته وقيمه وأهدافه ضمن المنظومة الأخلاقية التي تزرع به، كما أنه في هذا العمر يصبح الطفل أكثر قدرة على إتقان الكذب، ويبدأ إظهار مشاعر تأنيب الضمير بعد أن يكذب.
يوصى في هذه المرحلة العمرية قراءة الطفل أو مشاركته القصص والأمثلة عن الأمانة، والصدق، والكذب وبعدها الأخلاقي والديني وأثره المفيد على الشخص ومن حوله.
كما يصبح من السهل على الطفل تمييز الكذب الأبيض العابر الذي يقصد منه أحياناً المجاملة؛ مثل شكر الجدة على الهدية التي لم تعجبه، ويتم ذلك بتوضيح أهمية شكر الجدة في إطار واضح يشمل مجاملة الجدة على ما بذلته من مال وجهد في إحضار الهدية، حتى لو لم تكن ما يريده الطفل.
كما يجب في هذه المرحلة أن ينتبه الأهل إلى وضوح الرسائل التي تصل الطفل حول ما هو كذب وما هو صدق؛ فالرسائل غير الواضحة تشوش الأطفال.
في هذا السن أيضاً وما بعده تكون العلاقة الودية القريبة مع الوالدين والتي فيها هدوء وإصرار ووضوح وصراحة هي الواقي الأساسي ضد الكذب والكثير من السلوكيات السلبية؛ فعندما يشعر الطفل ثم المراهق أن بإمكانه أن يكلم والده ووالدته عن عدم حصوله على علامة جيدة أو أن أصدقاؤه قد بدأوا بالتدخين ولا يخاف من ردة فعلهم، فهو يعرف أنهم يستقبلوا هذا الكلام بهدوء وتفهم، وبهذا الأساس يكون التأسيس الحقيقي لإنسان صادق.
كما يبدأ الأطفال ابتداءً من هذا السن وامتدادً إلى سن المراهقة بالتأثر بالأقران وسلوكياتهم الإيجابية والسلبية، ولا بد من استعمال العلاقة الجيدة مع الطفل والمراهق لتنبيهه من تقليد السلوكيات السلبية واتباع الإيجابية.
يجدر الإشارة إلى أن الأطفال من عمر التاسعة وما يليه معرضين لاضطرابات السلوك بعد أن كانوا معرضين للاضطرابات العاطفية والخوف في سن مبكرة؛ فالخوف يؤدي للكذب، والاضطراب السلوكي قد يؤدي للعنف، والسرقة، ومخالفة كل التعليمات، ومن ضمن ذلك الكذب، إذ لا يكون الكذب منفرد.
للمزيد: الكذب عند الاطفال
التعامل مع كذب الاطفال من عمر 12-18 سنة
في هذه المرحلة يكون المراهق مدركاً لكل ما يقوم به من سلوكيات، ويعرف ما هو مقبول أخلاقياً وأسرياً ودينياً وما هو مرفوض، كما يعرف ردود فعل الأسرة على كل سلوك، ويعي تماماً إذا ما كان أحد الوالدين أو كلاهما يكذب.
كما يعرف إذا ما كان من السهل التعامل مع الأسرة بصدق دون الخوف من ردة فعل عنيفة، وبذلك تصبح العلاقة بين المراهق ووالديه هي الأساس في تنظيم الكثير من أمور حياته، ويكون قد تم تأسيس هذا من سن مبكرة ومن الصعب البدء فيه في وقت متأخر من المراهقة، ولكن ليس من المستحيل.
يجب أن يتم مواجهة المراهق بأخطائه وسلوكياته السلبية بما فيها الكذب بأسلوب هادئ وحازم دون نسيان موضوع القدوة الذي من الضروري أن يتوفر، فالأب الذي يطلب من ابنه الكذب على لسانه كأن يجيب فلان على الهاتف ويقول بأن والده نائم في حين هو يجلس ويتابع التلفاز لا يستطيع إقناع ابنه بأن لا يكذب!.
تعاني الأسر المضطربة وكثيرة المشاكل التي يغيب عنها أي نظام فعال، بأن الأطفال والمراهقين أكثر عرضةً للمعاناة من اضطرابات نفسية وعاطفية وسلوكية متعددة، وقد تتطلب المساعدة من المرشدين والمختصين النفسيين.