تحدث التشنجات (بالانجليزية: Seizures)، أو النوبات، نتيجة اعتلالات في وظائف الدماغ ينتج عنها تغيرات في الحركة، أو الانتباه، أو الوعي.
يمكن أن تحدث التشنجات أو النوبات في أماكن محددة من الجسم، أو يمكن أن تؤثر على كامل الجسم، كما أنها قد تختلف بشكل كبير بين الأطفال الرضع، والأطفال الأكبر سناً، والبالغين.
أسباب التشنجات عند الأطفال
تحدث التشنجات أو النوبات بشكل عام عندما يقوم عدد كبير من الخلايا العصبية في الدماغ بإصدار شحنات كهربائية معاً في نفس الوقت. تسبب هذه الشحنات الكهربائية القوية وغير الطبيعية إلى اختلال وظائف الدماغ، وحدوث التشنجات أو النوبات بأعراضها المختلفة.
أغلب حالات التشنجات عند الأطفال غير معروفة السبب، إلا أنّه في أغلب هذه الحالات يكون هنالك تاريخ عائلي للإصابة بالتشنجات. تتضمن الأسباب الأخرى ما يلي:
- مشاكل في نمو الطفل، مثل الشلل الدماغي (بالإنجليزية : Cerebral palsy).
- إصابات الرأس.
- الأمراض المعدية، مثل التهاب السحايا (بالانجليزيه: Meningitis).
- الاضطرابات الأيضية.
- بعض الأدوية.
- التعرض للسموم.
- اعتلالات الأوعية الدموية.
- النزيف الدماغي.
وقد وجد أنّ ما يقارب 25% من الأطفال الذين يعانون من التشنجات أو النوبات يعانون أيضاً من اضطرابات أخرى، مثل فقدان الوعي بشكل متكرر، وهلع النوم أو الرهاب الليلي، أو الشقيقة، أو مشاكل نفسية.
أنواع التشنجات عند الأطفال
يمكن تقسيم التشنجات أو النوبات بناءً على نوعها كما يلي:
- التشنجات الحموية (بالإنجليزية: Febrile seizure)، وهي التشنجات التي ترافق إصابة الطفل بأمراض مختلفة، مثل التهابات الأذن، أو البرد، أو جدري الماء، مع ارتفاع درجة حرارة الجسم. تعتبر التشنجات الحموية أكثر أنواع التشنجات التي تصيب الأطفال شيوعاً، ويعد السبب الفعلي وراء حدوثها غير معروف. الأطفال الذين يمتلكون أقارب عانوا من التشنجات الحموية، وبالأخص أقارب الدرجة الأولى، هم أكثر عرضة للإصابة بهذه التسنجات، بالإضافة إلى أنّ الأطفال الذين يعانون من مشاكل في النمو، أو الذين أمضو ما يزيد عن الشهر في وحدة العناية المشددة لحديثي الولادة هم أكثر عرضة للإصابة بالتشنجات الحموية.
- تشنجات حديثي الولادة (بالإنجليزية: Neonatal seizures)، وهي التشنجات التي تحدث خلال الشهر الأول من الولادة، وعادة ما تحدث بعد الولادة بمدة قصيرة. لا تحدث الاختلاجات (بالانجليزيه: Convulsion) في هذا النوع من التشنجات، حيث تظهر الأعراض على شكل فترات من انقطاع الأنفاس، وتحريك اشفاه، وتحرك العينين باتجاهات مختلفة.
- التشنجات الجزئية (بالإنجليزية: Partial seizures)، ينتج هذا النوع من التشنجات عن خلل في وظائف أجزاء معينة من الدماغ، لذلك تظهر الأعراض في أجزاء معينة من الجسم. يمكن تقسيم هذا النوع من التشنجات إلى نوعين كما يلي:
يتم وصف أي نوع من أنواع التشنجات السابقة على أنها حالة صرع (بالإنجليزية: Epilepsy) عندما تتكرر بشكل مزمن على فترة زمنية طويلة. ما يقارب 30% من الأطفال المشخصين بالصرع يستمرون بالمعاناة من نوبات التشنج خلال حياتهم، بينما يتحسن الآخرون مع تقدمهم بالعمر.
إقرأ أيضاً: مرض الصرع لدى الأطفال
أعراض التشنجات عند الأطفال
تختلف أعراض التشنجات أو النوبات مع اختلاف نوعها، لكن بشكل عام تتضمن الأعراض ما يلي:
- ارتعاش وانتفاض العضلات، وبالأخص عضلات الذراعين والرجلين.
- تصلب الجسم.
- فقدان الوعي.
- مشاكل في التنفس أو توقف الأنفاس.
- عدم التحكم بحركة الأمعاء أو المثانة.
- السقوط المفاجئ.
- عدم الاستجابة للكلام أو الأصوات لفترات وجيزة.
- الارتباك، أو حالة من التشوش الذهني.
- النعاس أو العصبية عند الاستيقاظ صباحاً.
- فترات من تحديق العينين، أو الرمش السريع.
تشخيص التشنجات عند الأطفال
غالباً ما يحتاج التشخيص الدقيق للتشنجات إلى تقييم طبي شاملوفحوصات تشخيصية. يتضمن التشخيص أخذ التاريخ الطبي الكامل للطفل ولعائلته، والسؤال عن أوقات حدوث التشنجات، والأعراض المرافقة لها، ومدة استمرارها، والأجواء المحيطة بالطفل التي قد تحفز النوبات.
تتضمن الفحوصات التشخيصية ما يلي:
- فحوصات الدم.
- تخطيط الدماغ الكهربائي (بالإنجليزية: Electroencephalogram).
- التصوير بالرنين المغناطيسي.
- التصوير المقطعي المحوسب.
- البزل القطني (بالإنجليزية: Lumbar puncture)
علاج التشنجات عند الأطفال
يعتمد علاج التشنجات عند الأطفال على عمر الطفل، وصحته، وتاريخه الطبي، ونوع التشنجات وحدتها، ومدى تحمل الطفل لعلاج معين، ويهدف العلاج إلى التحكم بالتشنجات وإيقافها، أو التقليل منها. يتضمن العلاج ما يلي:
العلاج الدوائي للتشنجات عند الأطفال
تتوفر العديد من الأدوية التي تستعمل لعلاج التشنجات والصرع، والتي يتم اختيارها بناءً على نوع التشنجات، وعمر الطفل، والأعراض الجانبية المحتملة منها، وتكلفتها المادية، ومدى الالتزام في استعمالها. تتوفر هذه الأدوية فموياً، وشرجياً ووريدياً في المستشفيات.
من الضروري الالتزام بمواعيد إعطاء الدواء للطفل، وبالكيفية التي وصفها الطبيب له، وحيث أنّ الأجسام المختلفة تستعمل الأدوية بشكل مختلف، قد يحتاج الطفل إلى إجراء بعض التعديلات على الجرع والمواعيد للحصول على استجابة أفضل.
قد تظهر الأعراض الجانبية عند استعمال أي نوع من الأدوية، ناقش هذه الأعراض مع الطبيب المختص. قد يتم إجراء بعض الفحوصات للطفل عند استعماله للعلاج الدوائي للتأكد من فاعليته، والتي تتضمن ما يلي:
- فحوصات الدم، للتحقق من مستوى الأدوية في الجسم، وإجراء التعديلات اللازمة على الجرع، بالإضافة إلى مراقبة تأثير الأدوية على أعضاء الجسم.
- فحص البول، لتقييم مدى استجابة الجسم للدواء.
- تخطيط الدماغ الكهربائي.
تحفيز العصب المبهم لعلاج لتشنجات عند الأطفال
تحفيز العصب المبهم (بالإنجليزية: Vagus nerve stimulation) وهو إجراء يستعمل عند الأطفال فوق سن الثانية عشر الذين يعانون من تشنجات جزئية لم يتم السيطرة عليها بشكل كافي باستعمال الأدوية. يتم هذا الإجراء عن طريق زراعة بطارية صغيرة في الصدر، يتصل بها أسلاك تمتد أسفل الجلد حول العصب المبهم في الرقبة.
تقوم هذه البطارية بإرسال نبضات كهربائية صغيرة للدماغ عن طريق العصب المبهم كل بضعة دقائق، كما يمكن للطفل وضع مغناطيس صغير فوق مكان البطارية لتحفيز هذه النبضات في حال شعوره ببدء حدوث النوبة. تساعد هذه العملية الكثير من الأشخاص على إيقاف نوبة التشنجات.
قد يسبب استعمال هذا الإجراء بعض الآثار الجانبية، مثل بحة الصوت، وآلام أو عدم ارتياح في الحلق، وتغيير في الصوت.
العمليات الجراحية لعلاج التشنجات عند الأطفال
قد يتم اللجوء إلى العمليات الجراحية لعلاج التشنجات عند الأطفال في الحالات التالية:
- التشنجات التي لا تستجيب للأدوية.
- التشنجات التي تحدث دائماً في نفس المنطقة من الدماغ.
- التشنجات التي تحدث في أجزاء من الدماغ يمكن إزالتها دون حدوث خلل في الوظائف المهمة، مثل التحدث، أو الإبصار، أو التذكر.
يعتبر هذا النوع من العمليات شديد التعقيد ويحتاج إلى فريق جراحي مختص. قد يتم خلال العملية إزالة الجزء الذي يحدث فيه التشنجات من الدماغ، أو عمل إجراءات معينة تساعد على وقف انتشار الشحنات الكهربائية السيئة عبر الدماغ.
الرعاية المنزلية للتشنجات عند الأطفال
يجب أن تهدف الرعاية المنزلية إلى منع حدوث أي أضرار إضافية للطفل. يمكنك اتباع النصائح التالية:
- ساعد الطفل على الاستلقاء.
- أبعد الأدوات الزجاجية أو أي شيء يمكن أن يسبب الأذى من المنطقة المحيطة بالطفل.
- تفحص فوراً ما إذا كان الطفل يتنفس أم لا، وقم بطلب الاسعاف فوراً في حال توقف الطفل عن التنفس.
- لا تحاول وضع أي شيء في فم الطفل.
- ضع الطفل على أحد جانبيه وابقى معه حتى يعود إلى وعيه تماماً وذلك بعد انتهاء النوبة، وتحقق من التنفس لديه. في حال عدم تنفس الطفل بعد دقيقة من انتهاء النوبة، قم بإجراء التنفس أو الإنعاش الصناعي، لكن ينبغي عدم القيام بذلك إلا بعد انتهاء النوبة.
- يمكنك استعمال تحاميل الباراسيتامول في حال ارتفاع حرارة الطفل.
- لا تحاول إعطاء الطفل الذي عانى لتوه من نوبة تشنجية أي طعام، أو شراب، أو دواء عن طريق الفم.
إقرأ أيضاً: الاسعافات الاوليه لنوبات الصرع او التشنجات
الوقاية من التشنجات عند الأطفال
أغلب التشنجات لا يمكن الوقاية منها، إلا أنّه يمكن المساعدة على التقليل من خطر حدوثها، أو التقليل من الآثار الضارة المترتبة عنها. يمكنك اتباع النصائح التالية:
- أخذ احتياطات إضافية للسيطرة على حرارة الأطفال الذين يعانون من التشنجات الحموية عند مرضهم.
- إعلام الأشخاص المسؤولين عن الرعاية بالطفل عندما يكون خارج المنزل بحالته، وبالأمور التي يجب القيام بها في حال إصابته بنوبة تشنجية، وأخذ الاحتياطات الإضافية اللازمة لضمان سلامة الطفل، وعدم حرمانه من النشاطات التي يمارسها الأطفال الآخرون.
- استعمال الدش عند بدلاً من الحوض، للتقليل من خطر الغرق في حال حدوث النوبة أثناء الاستحمام.
مآل التشنجات عند الأطفال
يعتمد مآل التشنجات عند الأطفال على نوعها، إذ أن أغلب الأطفال يستطيعون الذهاب إلى المدرسة وممارسة النشاطات المختلفة دون عوائق، حيث أنّهم يتغلبون على هذه التشنجات مع نمو أدمغتهم، وعادة ما يقوم الطبيب بوقف الأدوية بعد مضي عدة سنوات دون معاناة الطفل من أي نوبة تشنجية، للتحقق من أنّ الطفل قد تعافى تماماً.
التشنجات بشكل عام غير مؤذية، إلا في حال تسببها في حدوث إصابة، أو في حال تطورها إلى الحالة الصرعية (بالانجليزيه: Status epilepticus)، لكن يعتبر خطر الموت نتيجة الإصابة بنوبات تشنجية لفترات طويلة قليلاً.
الأطفال الذين يعانون من تشنجات حموية غالباً ما يتغلبون عليها، إلا أنّهم قد يعانون منها في بعض الأحيان أثناء طفولتهم عند ارتفاع حرارة أجسامهم.
إقرأ أيضاً: الحمى عند الأطفال