يعاني البعض حالة مرضية تسمى الأنهيدونيا أو انعدام اللذة؛ حيث لا يجدون متعة أو لذة في كثير من الأمور، التي ربما كانوا يتمتعون بها في السابق.

ويعد الإنهيدونيا واحداً من الأمراض النفسية التيتتعدد الأسباب المؤدية إليه، ويمكن القول إن هذا المرض يتمظهر في العلاقات التي يتمحور حولها الشخص، كعلاقته بنفسه وعلاقته بالآخرين، وكلاهما يجد فيه الشخص نفسه بلا تفاعل أو تجاذب أو رغبة في المواصلة. والعلاج يكون تجريبياً، أكثر منه محدداً حسب كل حالة، كما أن الوقاية منه غير ممكنة، لشيوع الأسباب وعدم تحديدها.

أعراض الأنهيدونيا أو انعدام اللذة

عدم الانسجام

تتعدد أعراض الأنهيدونيا، منها انعدام الرغبة لدى المصاب بالمشاركة في الأمور الاجتماعية، وربما يظن أنها غير ذات قيمة، ويترفع عنها، وذلك تحت دعوى أنها لم تعد تلائمه، مع أن الأمر خلاف ذلك.
ويصبح ميالاً أكثر إلى قطع العلاقات مع الآخرين، بل والفرح بذلك، ويسعى جاهداً لتبرير ذلك لنفسه، على أنهم لا يريدون منه إلا المنفعة الخاصة فقط.

اضطرابات سلوكية

يحسب الشخص المصاب حسابات ذهنية كثيرة حول أسلوبه في الحياة، ولذلك فإنه يتخذ أسلوب حياة مختلفاً في كل فترة، ثم يرجع باللائمة على نفسه دائماً، وهو ما يعرضه للإصابة بالاكتئاب، الذي يعتبر أحد أعراض الإصابة بهذا المرض.
وتنسحب الأعراض على أسلوب حياة الشخص، وطريقة تعبيره عن مشاعره، والتي تأتي دائماً فاترة وجافة، وفي بعض الأحيان جارحة.
ويلاحظ عند استقراء طريقة حياته، أنه لا يقوم بأي دور فعال ومتزن في المناسبات، التي يجب عليه المشاركة فيها، سواء أكانت مناسبات سعيدة أو غير سعيدة.

أسباب الأنهيدونيا أو انعدام اللذة

دوافع خفية

ترجع أسباب الإصابة بالإنهيدونيا –حسب أطباء النفس- إلى مرور الشخص بمراحل من حياته تعرض فيها لنوبات اكتئابية، ما أدى إلى ترسب الحالة في ذهنه. وبمرور الزمن تأخذ قدرته على الاستمتاع بالحياة بالتلاشي، حتى يظن أن هذا أمر طبيعي، وأن الجميع مثله.
وتعد إصابة الشخص بمرض نفسي معين مدعاة للإصابة بانعدام اللذة. فالنفس البشرية كثيرة التعقيدات، ولا يمكن التعرف إلى السبب المباشر لهذه الحالة، إلا عند مصارحة المريض التامة، والدقة الشديدة من الطبيب المعالج في التقصي، وربط الأحداث ببعضها البعض. وهنا يكون له نصيب وافر من إمكانية عودته للحياة، لأن الشعور والإحساس واللذة تساوي الحياة.
وتلعب عوامل أخرى، دوراً في الإصابة بهذا المرض، إلى جانب الأسباب النفسية، فالإصابة ببعض الأمراض كالسكري، ربما تجعل إحساس المريض بالحياة ولذتها مرهوناً بحالته الصحية، وهذا يصعّب الحياة عليه.
ويستلزم بعض الأمراض الأخرى للحماية من مضاعفاتها الحرمان أو البقاء بعيداً عن التلذذ، ويكون غاية ما يمكن إدراكه هو الحياة بلا ألم.

رؤية سوداوية

تزيد حالات الاكتئاب –حسب هؤلاء الأطباء- فرصة الإصابة بأمراض أخرى، والأنهيدونيا خير دليل، ولكن حين تزداد المشكلة، فإن الشخص ربما يصاب بأخطر حالة يمكن أن تحدث، جراء حالته النفسية، وهو الاستسلام لليأس والزهد الحقيقي في كل شيء. ويمكن أن يتطور الأمر إلى رغبة في الانتحار، كما يتأذى الأشخاص المحيطون به نتيجة الاضطراب في سلوكه.
وتأتي المضاعفات النفسية متشابكة مع المضاعفات الجسدية، كارتفاع ضغط الدم وزيادة احتمالية حدوث نوبات صرع، وكذلك ارتفاع معدلات الضعف العام، نتيجة العزوف عن الأكل والشراب المتوازن، إلى جانب العديد من الاضطرابات الكثيرة، والتي من أبرزها النظرة الانتقامية للمجتمع وتحميل المسؤولية عليه.
ويزيد من حدة مضاعفات المرض، وجود انتقادات من المحيطين به أو استهزاءات، ما يجعل الشخص أكثر حدة وعنفاً في تعامله مع نفسه ومع الآخرين؛ إذ ربما يحرم نفسه من الطعام والشراب، أو تتفاقم الحالة إلى حد أن يتلذذ بإيذاء الآخرين.

تشخيص الأنهيدونيا أو انعدام اللذة

يعتمد التشخيص على قدرة الطبيب على الدخول إلى نفس وعقل المريض، ليعلم المناطق التي يمكن من خلالها تحديد المشكلة، وبدء إحياء قيمة الأشياء من خلالها.
وينطلق الطبيب المختص في مرحلة التشخيص إلى الأسئلة التحفيزية، وتشمل إحساس المريض بالحياة، وإذا ما كان يجد لذة عند تناول الطعام، وعن الأوقات التي يشعر فيها بالفرح، وعن أول جائزة حصل عليها، إلى غير ذلك من الأسئلة التي تبين ردود الأفعال الحالية تجاه الحياة ومتعها، بمختلف درجاتها وأنواعها.
ويهتم أيضاً بمعرفة ما إذا كان الشخص يعاني اكتئاباً حالياً، أو في مرحلة سابقة من حياته، وإذا ما كان يتناول جرعات خاصة بهذا الأمر أم لا، وكذلك لابد من تحديد الأمراض التي يعانيها، وهل يتناول أية مواد مخدرة، أو يكثر من شرب الكحوليات.
ويساعد في التشخيص كتابة قائمة استرشادية عن طبيعة حياته، وكيفية تكوينه لصداقات، وإذا ما كان ناجحاً اجتماعياً، وغير ذلك من الأمور التي من خلالها يمكن التعرف إلى درجة الإصابة وحدتها.

علاج الأنهيدونيا أو انعدام اللذة

تتم عملية المعالجة لحالات انعدام اللذة من خلال خطوات، أولها إعطاء المريض بعض مضادات الاكتئاب (بالإنجليزية: Anti-depressants) ، ومحفزات مراكز الشعور بالدماغ، والتي من شأنها رفع درجة الإحساس بالتمتع، وزيادة شعور المريض بالسعادة على مدى قصير وبعيد نسبياً.
ويكون الشق الأكبر في معالجة المصابين بهذه الحالة متعلقاً بالحوار معهم، للوصول إلى المسببات الحقيقية للحالة، لأن كل شخص يختلف عن الآخر في الظروف والبيئة التي كانت حاضنة لمسببات المرض.
ويبدأ النقاش مع المريض بعد محاولة التعرف إلى مشاكله التي يجدها في حياته، من خلال علاقته مع نفسه والبيئة المحيطة والناس، وكيفية تفاعله مع الحياة، والمناسبات التي تستدعى وجوده ومشاركته فيها.
ويسعى الطبيب في مرحلة العلاج إلى التأكد من سلامة الحالة من أية معوقات صحية، لذا يلجأ إلى السؤال عن التاريخ المرضي لها، وكذلك التاريخ العائلي، ويغوص مع المريض حول ذاته، والخبرات الحياتية التي تعرض لها. وكلما اقترب الطبيب من كسب ثقة المريض، كان النجاح في عودة الحالة إلى الوضع الطبيعي أسرع، والشفاء أقرب.
ويتم كذلك تهيئة البيئة المحيطة بالحالة المرضية، أو تغييرها إذا لزم الأمر، مع الحرص على إشراك المحيطين به في عملية العلاج؛ بحيث يحرصون على عدم الضغط عليه أو إشعاره بالنقص. فالدعم النفسي والمعنوي والحوار البناء، أمور لا يمكن التخلي عنها لعلاج مرضى الأنهيدونيا.

عدم اعتراف

أكدت دراسة حديثة أجريت حول مرض الأنهيدونيا أن نسبة الإصابة به كبيرة وشائعة، حيث تصل إلى %40 في بعض المجتمعات، وتزيد إلى 50 في المئة في بيئات أخرى، ولا تزيد نسبة من يعترفون أنهم مرضى على 5 في المئة من الحالات المصابة، حيث أكد الكثيرون عدم اعترافهم بالإطلاقات المرضية، خصوصاً في الأمور التي تخص النفس.
ويعبر الكثيرون، بحسب الدراسة، عن فقدان القدرة على التمتع، بأنه إفراز للبيئة ونتاج طبيعي لضغوطات الحياة، وأصبح من المسلم لديهم أن الحياة أصبحت غير مرغوبة، وتشير الدراسة إلى أن الضغط الاقتصادي يساعد في بعض البيئات على عزوف الناس بنسبة 90 في المئة عن علاج الأمراض المتعلقة بشخصياتهم، وحالتهم المزاجية والنفسية، باعتبار أن هذا نوع من الترف.
وأكدت الدراسة أن الأشخاص الذين يحظون بتماسك أسري، عادة لا يصابون بمثل هذا النوع من الأمراض، نظراً لوجود قدر كاف من التمتع بالحياة، يضمن حصوله التواجد في تجمع أسري سليم.
وأشارت الأبحاث إلى أن المخدرات بجميع أنواعها، مسؤولة عن حوالي 30 في المئة من حالات الأنهيدونيا، لأن مرضى الاكتئاب يلجأون إليها كحل، للخروج من أزماتهم النفسية، فيقعون في حالات انعدام الرغبة في كل شيء.

فحص الكشف عن الإكتئاب

يستعمل هذا الفحص لتحديد نسب لإحتمالية معاناة شخص ما من الإكتئاب, ويعتمد في ذلك على مدى تكرر الشعور بالاكتئاب وانعدام التلذذ خلال الأسبوعيين السابقين للفحص, وإعطاء عدد معين من النفاط لكل حالة.

هل شعرت بالاكتئاب خلال الأسبوعين الماضيين؟ على الإطلاق عدة أيام أكثر من 7 أيام تقريبا يوميا
هل شعرت بفقدان القدرة على الاستمتاع خلال الأسبوعين الماضيين؟ على الإطلاق عدة أيام أكثر من 7 أيام تقريبا يوميا
احسب الآن
×إغلاق

يمكن تقسيم النقاط الناتجة عن هذا الفحص على شكل نسب لاحتمال معاناة الشخص من الاكتئاب كما يلي:
• صفر نقطة: أقل أو يساوي 0.6%.
• نقطة واحدة: أكثر من 0.6%.
• نقطتان: أكثر من 1.3%.
• 3 نقاط: أكثر من 5.4%.
• 4 نقاط: أكثر من 15.7%.
• 5 نقاط: أكثر من 17.9%.
• 6 نقاط: أكثر من 58.1%.
يعتبر الحصول على 3 نقاط في هذا الفحص حداً فاصلاً لتشخيص الاكتئاب، حيث أنّ الحصول على 3 نقاط أو أكثر يعني زيادة احتمالية معاناة الشخص من الاكتئاب.

نتائج العملية الحسابية

مجموع النقاط

اقرأ أيضاً:

ما هو الاكتئاب النفسي؟

ما هو الفرق بين الاكتئاب الخفيف، المتوسط والشديد؟