يعبث الأطفال بالمواد المختلفة، ويخططون على السطوح الترابية والرملية ويشخبطون ويرسمون فوق كل ما تصل إليه أياديهم من حوائط وجدران وأوراق ولم تسلم حتى اجسامهم، ويعتبر الرسم لغة عالمية يشترك فيها أطفال العالم، وافترضت الانثوبولجيا أن رسومات الأطفال توازي الانسان البدائي، حيث كان يسقط مشاعره ومخاوفه وانتصاراته على جدران الكهوف، فرسومات الاطفال وسيلة مهمة للطفل تلبي حاجاته النفسية عندما لا يمتلك لغة للتعبير عن انفعالاته الداخلية المكبوتة من اللاشعور إلى ساحة الشعور، وتمثل انعاكساً لحقيقة مشاعره التي تتغير وتتشكل مع نموه.
تعريف رسومات الأطفال
يقصد برسومات الأطفال هي تلك التخطيطات الحرة التي يستخدمها الأطفال كلغة يعبرون فيها على أي سطح كان منذ بداية عهدهم بمسك القلم أو ما شابه ذلك إلى أن يصلوا إلى مرحلة البلوغ.
اهمية رسومات الاطفال
- تعد رسومات الاطفال مصدراً للمتعة والإثارة العقلية للطفل، ويقدم فرصة لتحقيق الذات وتجديدها.
- تساعد رسومات الاطفال على التواصل والتخاطب مع الاخرين.
- تساعد رسومات الاطفال على الخيال والإبداع.
- تفهَم طبيعة الطفل من نواحي النمو العقلية والنفسية والجسمية.
- تحليل الشخصية من الرسم والكشف عن الأسوياء وغير الاسوياء.
- الارتقاء بمعدل الذكاء والاستعداد الخاص للعمل.
- تحليل الرسم في علم النفس، رسومات الاطفال تساعد في الكشف عن الأمراض النفسية للطفل من خلال تعبيراته ورسومه.
- ادراك سمات التعبيرات الخاصة بالذكور والأناث والأطفال البالغين في رسوماتهم.
- مساعدة الاخصائيين في علم نفس الطفل في جهودهم لفهم خصائص الطفولة.
للمزيد:رسومات الاطفال مؤشر لذكائهم
مراحل الرسم عند الأطفال حسب العمر
أظهرت دراسة الرسومات المبكرة للاطفال أن هناك تطور في تلك الرسومات، حيث تعد كمؤشر يوضح لنا مدى نمو الأطفال في المقدرة على الرسم، وفي زيادة السيطرة على الخط والشكل، ومن ناحية أخرى التقدم في الرسم هو تعبير عن التفتح التدريجي لعقل الطفل، فالرسم مثل الكلام وسيلة للتعبير.
مرحلة التخطيطات العشوائية(2-4) سنوات
يعمل الطفل أنواعاً مختلفة من الخطوط، حيث ينتقل بين التخطيط العشوائي، والدائري، والتخطيط المسحي، ورغم أنه لا يستطيع الرسم بسبب نقص إتزانه العضلي، إلا أنه يحظي ببهجة طاغية من خلال الشخبطة، ويقوم مابين الثالثة والرابعة بتصوير الشكل الانساني، حيث يبدأ بخط دائرة تشكل الرأس، ومنها تتفرع خطوط لتشكل الأيدي والأرجل، ويكون الجذع مجهولاً فهو يبدو غير مهم له، وبعد فترة قصيرة يرسم عينان كبيرتان داخل الدائرة، ويكون الوجه أكثر مناطق الجسم دلالة لدى الطفل ويليه في الأهمية الأطراف.
المرحلة الرمزية(4-9) سنوات
يربط الطفل التفكير بالواقع بتمثيل رمزي مع تاكيد التغيير في الرموز بحسب انفعالاته، ويطغي علي رسومات الاطفال في هذه المرحلة عمليات الحذف والمبالغة، ففي سن الرابعة والنصف يرسم الطفل لأول مرة جذع الشخص، وفي الخامسة يصبح الطفل أكثر معرفة بخروج الأيدي والأرجل من المكان الصحيح، لكن في حالة تضمنت الرسوم أذرعاً ممتدة من الرأس لدى أطفال السابعة والأكبر سناً فإن ذلك قد تعكس تأخر في النمو أو ظروف مرضية.
المرحلة الاصطلاحية (9-11) سنة
يبدأ يعي الطفل المظاهر التي حوله وبالصورة التي يصطلح عليها الناس وتتجه تعبيراته تدريجياً نحو الرؤية البصرية، ومقومات جديدة كادراك القريب والبعيد والاحجام والتفاصيل، فنجده يرسم الجسم مع الرأس ويظهر أكثر التفاصيل على العين والأذن والأنف، ويبدأ التمييز بين الجنسين في رسومه من خلال الملابس.
المرحلة الواقعية الكاذبة(11-13) سنة
يقل الرسم نظراً لتغييرات المصاحبة مع البلوغ ، وتظهر المواهب والقدرات الخاصة، وتبدأ اتجاهات التعبير في تمايز الرسم بين الاتجاه الذاتي او الحسي وبين الاتجاه البصري. حيث تزداد التفاصيل في رسومات الأطفال، وتصبح دقيقة وجيدة المنظور كلما تقدم الطفل في العمر الزمني وازداد نموه العقلي.
رسومات الأطفال من وجهة نظر علماء النفس
- بيّن (لوكى) أن الرسم يمثل فترة هامة في حياة الطفل، حيث يعد وسيلة غنية للتعبير، وقسم تطور الرسم حسب المراحل العمرية للطفل.
- واستخدم (برودومو) الرسومات لقياس المستوى العقلي للطفل والإضظربات الحسية الحركية والعاطفية للأطفال، وذلك من خلال تقليد بعض الرسومات ليقيس المستوى العقلي.
- ويرى (بياجيه) أن الرسم يعتبر في منتصف الطريق بين اللعب الإيهامي وبين الصور العقلية الحقيقية، فإنه يدرك تشابهاً ما بينه وبين موضوع أو شيئ حقيقي من البيئة، ثم يقوم الطفل بعد ذلك عن قصد بعمل رسوم تمثل العالم وتصبح بعد ذلك رسوماً رمزية.
- أما (جاردنر) فقد ركز على اهتمامات الطفل من خلال القلم و الألوان للكشف عن أحاسيسه وعالمه الخارجي مبينا بذلك العلاقة الموجودة بين الرسم وبيئة الطفل.
- إلا أن الفضل يعود لــ (فيدلوشيي) في إبراز ثلاث أبعاد لرسومات الأطفال (التعبيري، الاسقاطي، القصصي)، وتمكن من إعطاء تحليلا جديدا لها بتحليل الرسم كما تحلل الأحلام، وهي تقنية أضافت الكثير في تأويلات رسوم الأطفال، من خلال منح أهمية للون و المساحة و الرموز وتمثلاتها.
قواعد تحليل رسومات الاطفال
ومن خلال عملية تحليل الرسومات التي أرسى قواعدها علماء النفس و التي تعطي أهمية :
- لشكل الرسم
- مساحة الرسم
- نوعية الخطوط
- الألوان المستعملة
- الضغط على الورقة.
فقد صممت اختبارات تقيس الذكاء كاختبار رسم الرجل، ومنها ما يقيس الشخصية كرسم الشجرة، أو اختبار (بال) الذي جمع رسوم البيت و الشجرة و الشخص.
ابعاد تحليل رسومات الاطفال
البعد التعبيري (الشكل – موقع الرسم- الالوان)
- شكل الرسم:
تبرز من خلاله نوعية الخطوط المستعملة في الرسم، فيما إذا كانت مستقيمة أو منحنية، رفيعة أم غليظة. فالخط الخفيف جداً يكون مؤشر إما انه يشعر بتقدير الذات منخفض أو لديه مشاكل مع أشخاص داخل الأسرة، ومحو الخطوط يدل على وجود مخاوف بشكل عام أو انه يحاول إلغاء الأشخاص الذين يشكلون له إزعاج.
- موقع الرسم:
تتمثل في (أين يرسم الطفل؟)، والمساحة التى يختارها، فإذا كان في وسط الورقة يدل على ادراك الواقع أو التمركز حول الذات، اما الرسم فى جزء صغير فى الورقة غالبا ما يدل على فقدان الأمن أو الخجل.
- اختيار الألوان:
كل لون مستعمل في الرسم له دلالة خاصة به، وغياب الألوان يوحي إلى غياب العاطفة (حرمان عاطفي)، واستعمال عدد قليل من الألوان يدل هذا على رغبة الطفل بالانعزال و الشعور بالوحدة و إحجامه على إقامة العلاقات مع الأخر أو ضعف الاتصال مع الواقع.
البعد الاسقاطي
وهي الأفكار أو الرموز نتعرف من خلالها على البنية النفسية للطفل، وتسمح لنا باكتشاف (شخصية) الطفل.
كما يتضح لنا إسقاط الطفل لأحاسيسه وأفكاره ونظرته الى العالم، وفى بعض الحالات يقدم الطفل المعنى الظاهر للرسم الذى يرمي الى البعد القصصي.
البعد القصصي
إن البعد القصصي للرسم يبين لنا الطريقة التى يستعملها الطفل لتقديم معنى الأشياء التي يمثلها، والتعليقات التى تصاحبه، فاثناء تطبيق هذا النشاط يبدأ الطفل بالتعبير بكل حرية عن رسمه بنقل ذكرياته، طرائفه، وتمثيلاته، الخاصة بمراكز اهتمامه، وانشغالاته وأذواقه.
وبهذا نستنتج أن كل بعد من الأبعاد الثلاث تكشف لنا عن واقع خفي للطفل، فرؤيته وهو ينوع فى استعمال الخطوط، الالوان، والاشكال، يجعلنا ندرك أنه يريد التعبير أو الافصاح، دون علمه بذلك عن أمر ما يخصه، والقوة القصصية التى يستعملها، وهو يتحدث عن رسمه توحي بوجود أفكار و أحاسيس شخصية لم يجد لها مخرجا سوى الرسم.